الرأي العام

وجود المقاومة فعلٌ لازِم لوجود الاحتلال، وعدم حل القضية بشكلٍ جذريٍ وعادل، يبقي المسألة قائمة، ولا يلغيها. هذا هو وحده ما يفسّر القضية الفلسطينية التي ارتبك أمامها مثقفون كثيرون قبل أن يأتي تحرّك الرأي العالمي ليعيد الأمور إلى نصابها جزئيا.

مع استمرار الضغط الشعبي الكبير للشارع العربي والأجنبي على الرأي العام العالمي والقيادات السياسية، بدأت شرعية الخطاب الإسرائيلي في التصدّع، وأصبح من غير الممكن تجاهل الشارع، ما أجبر إسرائيل على استنهاض منظومة "الهسبرا" أو البروباغندا الإسرائيلية.

اللبنانيون، وليس "نصفهم" فقط، بل من بيئة الممانعة نفسها لا يريدون الحرب. فهم يعلمون، وحزب الله يعلم بأن حربا كهذه لن تنتهي بانتصار، حتى لو احتفظ الحزب بسلاحه. ولن يكون هناك مجالٌ للاعتذار، كما فعل أمين عام الحزب حسن نصر الله بعد "انتصاره" في حرب 2006

بالتعاون مع مؤسسة مكانة 360 أطلق معهد السياسة والمجتمع في عمّان، تقريرا رقميا يرصد ويحلّل اتجاهات الرأي العام العالمي بخصوص الحرب على غزة من زوايا متعددة: منشأ الروايات واللغة والمضمون والدولة والتداول والاتجاهات.. هنا وجهة نظر حول التقرير.

المواقف الظاهرية والاختلالات الهيكلية في إدارة الصراع مع إسرائيل ومعادلاته كانت قائمة ومعروفة قبل قمّة القاهرة للسلام السبت الماضي. لكنها تأكدت وأصبحت علنية ومفضوحة بعد القمّة. والأهم أن ذلك الحشد الكبير في القاهرة ربما يعجّل بتصحيح الاختلالات.

أربكت عملية طوفان الأقصى حكومة بنيامين نتنياهو، وأحرجتها أمام الرأي العام الإسرائيلي، وجعلتها تجد صعوبة في تبرير الفشل المعلوماتي والاستخباري والدفاعي الواسع للقوات الإسرائيلية على حدود غزّة، وبدت غير قادرة على حماية المستوطنين والإسرائيليين.

اعتمدت استراتيجية إسرائيل على اقتطاع الحدث من سياقه العام، فكأن المشكلة بدأت يوم هجوم كتائب عز الدين القسام على مستوطنات غلاف غزّة ومعسكراته، أو كأن ما حصل في ذلك اليوم كانت نتيجة صيرورة طويلة من الاعتداء على إسرائيل،

في مثل هذه المناخات التي تخيّم علينا، والمتسمة بمرارة الخذلان وطعم التطبيع الذي يقتل الفلسطينيين مرتين، لا يمكن تماما أن نتنكر، كما يفعل بعضهم، لقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. إنها، وإن كانت ابتكار الغرب، ميراثٌ إنساني، علينا أن نرسّخه عميقا.