ترامب رئيساً: قلق يلازم السوريين

09 نوفمبر 2016
ترامب يعتبر أنّ الأسد يحارب "داعش" (مارك ويلسن/Getty)
+ الخط -
على الرغم من السنوات العجاف التي رافقت حكم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والذي أسهمت سياساته حيال القضية السورية، في تعقيدها وإطالة أمدها، بسبب رخاوة مواقف إدارته، وتركها الحبل على الغارب لكل من روسيا وإيران للعبث بهذا البلد والتحكم في مصيره، إلا أنّ فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية أضفى مزيداً من التشاؤم لدى جمهور الثورة السورية الذي يتطلع لوضع حد لمحنته.  


ومصدر التشاؤم مردّه إلى التصريحات الصادرة عن ترامب خلال حملته الانتخابية التي لا تقدم مقاربة متكاملة وناضجة للتعامل مع المسألة السورية.


إلا أنّ تصريحات الرئيس المنتخب تشير إلى أنّه يعوّل بطريقة ما على روسيا في التعامل مع الملف السوري، وأنّه لا يرى في وجود نظام الرئيس بشار الأسد تهديداً للولايات المتحدة، بل يرى أنّه يقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ويجب تركه يفعل ذلك، بينما لا يميّز في نظرته إلى فصائل المعارضة السورية بين المتشدد منها والمعتدل، ويضعها كلها تقريباً في سلة واحدة.

وعلى خطى الإدارة الحالية، ينظر ترامب إلى الأكراد كشريك جدي في "محاربة الإرهاب"، كما أنّه لا يدعم مقترح إقامة منطقة آمنة شمال سورية، معتبراً أنّ ذلك قد يؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، لأنّه سيقود بالضرورة إلى تصادم مع روسيا.

والواقع أنّ هذه المواقف العامة لا تختلف كثيراً من الناحية العملية عمّا اتبعته إدارة أوباما من سياسات حيال سورية خلال السنوات الخمس الماضية، وإنّ كانت تبدو أكثر فجاجة فقط، أو أقل دبلوماسية، ومن ذلك مواقفه الاستفزازية من قضية استقبال اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة.   

لكن، وقياساً على تجارب الماضي، فإنّ ليس كل ما يصدر عن المرشح الرئاسي من تصريحات يتحول بالضرورة إلى سياسات. وترامب المرشح هو بالتأكيد غير ترامب الرئيس.

ويكون بالتالي من المنطقي الافتراض أنّ الرئيس ترامب الذي من الواضح أنه ضعيف الاطلاع على الملفات الخارجية كافة، ومنها الملف السوري، سوف يأخذ وقتاً مع مستشاريه حتى يتمكن من بناء سياسة ورؤية متكاملة حيال سورية، وهي رؤية لم تنجح في الوصول إليها إدارة أوباما طيلة السنوات الماضية، وظلت تعيش تردداً حتى الوقت الراهن.

ولعلّ أبرز مؤشرين يمكن القياس عليهما عند محاولة استكشاف ملامح السياسة المحتملة للإدارة المقبلة، هو الموقف من روسيا وإيران.

وفي ظل ما يشاع عن إعجاب ترامب بالسياسة الروسية، وبالرئيس فلاديمير بوتين بالذات، فقد نتوقع محاولات للحوار والتوافق بشأن الأزمة السورية على نحو أنشط من عهد أوباما، والذي ظلت بعض القوى في وزارتي الدفاع والخارجية تعيق رغبته في تفويض روسيا بالملف السوري، على أساس الحفاظ على ما تبقى من هيبة ومكانة للولايات المتحدة في العالم.

أما بالنسبة لإيران، وإنّ كان ترامب قد صرّح أكثر من مرة بأنّه سيمزق الاتفاق النووي معها فور تسلمه سدة الحكم، لكن من غير المرجح أنّ يفعل ذلك، وستظل هواجسه حيال إيران محددة بما يقلق إسرائيل وبعض أنصارها في الولايات المتحدة، وليس ما يخص تدخلها العسكري في سورية، ودعمها المفتوح لنظام الأسد.

وبالنسبة لمصير الأسد، قال ترامب، في إحدى المناظرات مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، إنّه لا يحب بشار الأسد، لكن لا يستطيع إلا أنّ يؤيده في محاربة تنظيم "داعش"، كما أنّه لم يحاول أن يواري عدم اهتمامه بزوال أو بقاء نظام الأسد، بل إنه اعتبر في أكثر من مناسبة أن بقاءه أنفع للمصالح الأميركية.

أخيراً، فإنّ الجديد الذي يمكن التعويل عليه في السياسة المتوقعة للرئيس الجديد حيال سورية، ربما مصدره الحرص الذي يبديه على إعادة الاعتبار لمكانة أميركا في العالم، والذي قد يجعله أقل حذراً في اتباع سياسات تصادمية مع بعض القوى الدولية بما فيها روسيا وإيران والصين، خلافاً لسياسة النأي بالنفس التي اتبعتها إدارة أوباما. وعليه، من غير المستبعد أنّ يرسل ترامب قوات أميركية إلى سورية لمحاربة التنظيم، كما صرح هو نفسه حيث قال في إحدى المناسبات إنّه لا يمانع في إرسال عشرات الآلاف من القوات الأميركية لمحاربة "داعش" في العراق وسورية.

وفي هذا السياق، يرى مستشار ترامب للشؤون الخارجية، وليد فارس، أنّ التوافق مع روسيا لحل الأزمة السورية سيكون في مقدمة أولويات إدارة ترامب، فضلاً عن محاربة التنظيم، والتي قال إنّ إدارة أوباما غير جادة في محاربته.

وأول دبلوماسي سوري علّق على الانتخابات الأميركية، هو سفير النظام السوري في الصين عماد مصطفى، وهو سفيرها السابق في واشنطن، والذي انتقد كلينتون معتبراً أنّ فوزها سوف يأجج نار الصراع بسورية.