16 نوفمبر 2024
ترامب... الشيء الجديد
بات دونالد ترامب رئيساً عتيداً للولايات المتحدة. استفاد الرجل من كل تحوّلات الأسابيع الأخيرة، ضد منافسته هيلاري كلينتون، مركّزاً على شحن أنصاره وتعبئتهم، على قاعدة "الآن أو أبداً". لم يغيّر حرفاً واحداً من خطابه الشعبوي طوال مسار حملته الانتخابية، من "بناء جدارٍ على الحدود الأميركية مع المكسيك"، إلى "منع المسلمين، مؤقتاً، من دخول البلاد". بهذا الخطاب انتصر، غير أنه لن يحكم به، أقلّه كما دلّت الإشارة حين تمت إزالة البيان المتعلق بحظر دخول المسلمين مؤقتاً إلى الولايات المتحدة، من على الموقع الإلكتروني للرئيس الجديد، قبل إعادته أمس الجمعة.
سيكون ترامب "شيئاً جديداً" عالمياً، لكنه لن يكون أدولف هتلر الجديد، أي مدمّر البشرية بحربٍ عالميةٍ ما، وفقاً لتحليلات شتّى. لكن انتصاره شكّل نقطةً سوداء في التراكمات "الإنسانية" التي حاولت سلطات ما بعد الرئيس جون كينيدي (1961 ـ 1963) زرعها في نفوس الأميركيين. قد تحتاج أميركا إلى مارتن لوثر كينغ جديد، يدعو إلى حلمٍ متجدّد بوحدة البلاد وأعراقها، ويقيم مسيراتٍ حاشدة. كان أمراً سيئاً رؤية مشاهد اعُتبرت أنها "انتهت" في السياق التاريخي لبناء أوطان، كالتهجّمات العرقية والدينية في مدن ومناطق أميركية عدة، تصرّف كثيرون من أبناء المهاجرين، وكأنهم في الغرب الأميركي. لا شيء مباحاً هناك، عدا العنصرية.
"أسمع صوت جيش ترامب يتجه إلى صناديق الاقتراع"، عبارة لا ترى مثيلاتها سوى في دول لا تحتاج إلى إقناع الناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، سوى بالشحن العاطفي والغرائزي. لكن أن يخرج رجل، في الـ86 من عمره، فائز بخمس جوائز أوسكار، في فئاتٍ سينمائية عدة، ليقول مثل تلك العبارة، بالتأكيد يعني هذا أن الولايات المتحدة لن تكون اسكندنافيا في العقد المقبل أقلّه. قائل تلك العبارة، كان الممثل والمخرج كلينت إيستوود، الذي يُعتبر خير دليل على الجمود الأميركي الرافض لاستيعاب تحوّلاتٍ، توّجها وصول الرئيس الأميركي من أصول إفريقية، باراك أوباما إلى البيت الأبيض عام 2008.
لم يستسلم رافضو ترامب بعد. يدركون أنهم لن يستطيعوا إطاحته دستورياً، غير أنهم قد يدفعونه إلى تغيير بعض من شعاراته بما يتلاءم مع "خطاب الوحدة" الذي دعا إليه، عقب إعلان فوزه في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي. في نهاية اليوم، ترامب هو رجل أعمال، قد يسقط في فخ الإفلاس ست مرات، لكنه سيبقى يفكّر بوصفه رجل أعمال. يعلم أن آخر ما تحتاج إليه البلاد هو انقسام بهذه الحدّة، لن يؤدي سوى إلى تدمير أي خطة اقتصادية للتخفيف من الديون التي ناهزت الـ20 تريليون دولار.
عليه، ليس مستبعداً أن يخرج الرجل تدريجياً من تطرّفه، من دون أن ينقض أفكاره، بغية تأمين أساس وجوده في البيت الأبيض: الاقتصاد. أمامه خياراتٌ عدة، تتراوح بين رفع نسب الاستثمار الأميركي في الشرق الأوسط وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي. فضلاً عن احتمال تدشين علاقةٍ جديدة مع روسيا والصين، مختلفة عن العلاقات السابقة. وذلك على حساب أوروبا، عدا بريطانيا. كما أن معيار العلاقات مع مصر والسعودية وتركيا وإيران سيكشف الكثير عما يريده ترامب في الشرق الأوسط، التي ستحدّد تعامله مع الأميركيين من أصول إسلامية.
الأساس في انتخاب ترامب أن أوروبا لم تعد كما كانت، نقطة استقطابٍ جوهريةٍ بين الشرق والغرب، بل تحوّلت إلى طرفٍ يتحمّل مسؤولية كل الأفعال الروسية والأميركية، من دون سند. سيدفع الأوروبيون أكبر ثمن لأي تقارب اقتصادي بين بريطانيا والولايات المتحدة، كما أن المهادنة الأميركية المتوقعة لروسيا لن تسمح لهم بالاستفادة من أي أسعارٍ تفضيليةٍ في خطوط الغاز، من البلطيق إلى أوكرانيا. وصول ترامب "حرّر" روسيا من قيودٍ شكلية، وشدّد "تكبيل" أوروبا، لكنه أدى أيضاً إلى تقييد البيت الأبيض.
سيكون ترامب "شيئاً جديداً" عالمياً، لكنه لن يكون أدولف هتلر الجديد، أي مدمّر البشرية بحربٍ عالميةٍ ما، وفقاً لتحليلات شتّى. لكن انتصاره شكّل نقطةً سوداء في التراكمات "الإنسانية" التي حاولت سلطات ما بعد الرئيس جون كينيدي (1961 ـ 1963) زرعها في نفوس الأميركيين. قد تحتاج أميركا إلى مارتن لوثر كينغ جديد، يدعو إلى حلمٍ متجدّد بوحدة البلاد وأعراقها، ويقيم مسيراتٍ حاشدة. كان أمراً سيئاً رؤية مشاهد اعُتبرت أنها "انتهت" في السياق التاريخي لبناء أوطان، كالتهجّمات العرقية والدينية في مدن ومناطق أميركية عدة، تصرّف كثيرون من أبناء المهاجرين، وكأنهم في الغرب الأميركي. لا شيء مباحاً هناك، عدا العنصرية.
"أسمع صوت جيش ترامب يتجه إلى صناديق الاقتراع"، عبارة لا ترى مثيلاتها سوى في دول لا تحتاج إلى إقناع الناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، سوى بالشحن العاطفي والغرائزي. لكن أن يخرج رجل، في الـ86 من عمره، فائز بخمس جوائز أوسكار، في فئاتٍ سينمائية عدة، ليقول مثل تلك العبارة، بالتأكيد يعني هذا أن الولايات المتحدة لن تكون اسكندنافيا في العقد المقبل أقلّه. قائل تلك العبارة، كان الممثل والمخرج كلينت إيستوود، الذي يُعتبر خير دليل على الجمود الأميركي الرافض لاستيعاب تحوّلاتٍ، توّجها وصول الرئيس الأميركي من أصول إفريقية، باراك أوباما إلى البيت الأبيض عام 2008.
لم يستسلم رافضو ترامب بعد. يدركون أنهم لن يستطيعوا إطاحته دستورياً، غير أنهم قد يدفعونه إلى تغيير بعض من شعاراته بما يتلاءم مع "خطاب الوحدة" الذي دعا إليه، عقب إعلان فوزه في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي. في نهاية اليوم، ترامب هو رجل أعمال، قد يسقط في فخ الإفلاس ست مرات، لكنه سيبقى يفكّر بوصفه رجل أعمال. يعلم أن آخر ما تحتاج إليه البلاد هو انقسام بهذه الحدّة، لن يؤدي سوى إلى تدمير أي خطة اقتصادية للتخفيف من الديون التي ناهزت الـ20 تريليون دولار.
عليه، ليس مستبعداً أن يخرج الرجل تدريجياً من تطرّفه، من دون أن ينقض أفكاره، بغية تأمين أساس وجوده في البيت الأبيض: الاقتصاد. أمامه خياراتٌ عدة، تتراوح بين رفع نسب الاستثمار الأميركي في الشرق الأوسط وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي. فضلاً عن احتمال تدشين علاقةٍ جديدة مع روسيا والصين، مختلفة عن العلاقات السابقة. وذلك على حساب أوروبا، عدا بريطانيا. كما أن معيار العلاقات مع مصر والسعودية وتركيا وإيران سيكشف الكثير عما يريده ترامب في الشرق الأوسط، التي ستحدّد تعامله مع الأميركيين من أصول إسلامية.
الأساس في انتخاب ترامب أن أوروبا لم تعد كما كانت، نقطة استقطابٍ جوهريةٍ بين الشرق والغرب، بل تحوّلت إلى طرفٍ يتحمّل مسؤولية كل الأفعال الروسية والأميركية، من دون سند. سيدفع الأوروبيون أكبر ثمن لأي تقارب اقتصادي بين بريطانيا والولايات المتحدة، كما أن المهادنة الأميركية المتوقعة لروسيا لن تسمح لهم بالاستفادة من أي أسعارٍ تفضيليةٍ في خطوط الغاز، من البلطيق إلى أوكرانيا. وصول ترامب "حرّر" روسيا من قيودٍ شكلية، وشدّد "تكبيل" أوروبا، لكنه أدى أيضاً إلى تقييد البيت الأبيض.