هل يحقق العرب والمسلمون مفاجأة في الانتخابات البريطانية الخميس؟

03 يوليو 2024
صناديق الاقتراع خلال الانتخابات البريطانية في 3 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استطلاعات الرأي تظهر فوز متوقع لحزب العمّال في الانتخابات البريطانية، لكن هناك تحول في دعم بعض العرب والمسلمين نحو أحزاب صغيرة بسبب مواقف الحزب من قضايا مثل القضية الفلسطينية.
- الشباب البريطاني والناخبون المسلمون يظهرون تأثيرًا محتملًا في الدوائر الانتخابية الهامشية، مع تزايد الانتقادات للسياسة البريطانية تجاه غزة، مما قد يؤثر على اختياراتهم الانتخابية.
- مشاركة واسعة من الجالية العربية والمسلمة في الانتخابات، سواء بالتصويت أو الترشح، تعكس تحولًا في السياسة البريطانية حيث تصبح قضايا مثل القضية الفلسطينية عاملًا مؤثرًا في الاختيارات الانتخابية.

مع اقتراب موعد الاستحقاق في بريطانيا، غداً الخميس، تذهب أنظار الكثيرين نحو ما سيحققه العرب والمسلمون وقطاعات من اليسار في الانتخابات البريطانية التي تعطي فيها كافة استطلاعات الرأي فوزاً مريحاً لحزب العمّال مقابل خسارة حزب المحافظين للسلطة بعد 14 عاماً. 

لكن ما كان لافتًا في الانتخابات البريطانية هو تحوّل قطاعات وشرائح واسعة من المسلمين والعرب واليسار من التصويت لحزب العمّال وهو الموقع التاريخي لهم، إذ خرجت فيها حملات لتوحيد الصوت العربي والصوت المسلم لمعاقبة حزب العمّال بسبب موقفه من حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزّة. كما قام حزب العمّال بقيادة كير ستارمر بالتخلص من التيار اليساري في حزبه سعيًا لنقل الحزب نحو الوسط.

ولعل هذه المرّة هي الأولى التي تشهد ساحة الانتخابات البريطانيّة تحركاً يجمع العرب والمسلمين واليسار خارج حزب العمّال، والدعوة للتصويت لأحزاب صغيرة أخرى مثل الخضر أو حزب الليبراليين الديمقراطيين أو حزب عمال بريطانيا بقيادة جورج غالاوي، أو دعم مرشحين مستقلين. وحتى هذه اللحظة من الصعب التنبؤ كيف سينعكس هذا على نتائج الانتخابات، لكن بعض التوقعات تشير إلى إمكانية تحقيق عدد من الإنجازات.

وبحسب استطلاع أجرته حملة "الصوت العربي" مؤخراً، فإن 38 بالمائة من الناخبين ‫العرب في بريطانيا، قالوا إنهم سيصوتون لحزب العاملين/ غالاوي، وحوالي 15 بالمائة منهم سيصوتون لصالح المرشحين المستقلين، بينما قال 12 بالمائة فقط من العرب إنهم سيصوتون للعمال.

وكشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة "ذا ناشيونال" عن انقسام واضح بين الأجيال في بريطانيا بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث يتبنى الشباب مواقف أكثر انتقاداً للسياسة البريطانية تجاه غزة مقارنة بالأجيال الأكبر سناً. وبحسب للاستطلاع، يميل الشباب البريطانيون إلى انتقاد موقف المملكة المتحدة بشأن غزة، مشيرين إلى أن العدوان سيؤثر على خياراتهم في الانتخابات العامّة.

كما أظهر تقرير نشرته صحيفة "ديلي تليغراف" في 22 يونيو/ حزيران الماضي، بعنوان "تصويت المسلمين قد يكون حاسماً في معظم الدوائر الانتخابية الهامشيّة"، مدى التأثير الذي يملكه المسلمون في الانتخابات البريطانية، إذ تشير التحليلات إلى أنّهم يشكلون أكبر أقلية دينية في أكثر من نصف هذه الدوائر. واستند التقرير إلى استطلاع جديد من جمعية هنري جاكسون، بيّن أن التصويت المسلم يمكن أن يكون حاسماً في العديد من الدوائر الانتخابية الهامشية أو المقاعد المتأرجحة التي يكون هامش الفوز فيها 10 بالمائة أو أقل.

وذكرت تقارير عديدة خلال الأيام الأخيرة عن تكثيف حزب العمّال حضوره في هذه الدوائر الأمر، الذي أدّى في بعض المواقع لمشاحنات منها ما وصل لاشتباكات بالأيدي وطرد لمرشحين من حزب العمّال، الأمر الذي دفع الأخير إلى تبليغ الشرطة عن مضايقات يتعرّض لها نشطاؤه من قبل أنصار مرشّحين مستقلين محسوبين "مناصرين للقضيّة الفلسطينيّة".

توقعات بازدياد قوّة حزب الخضر

ويأتي الفوز الكاسح المتوقع غداً لحزب العمّال بسبب فشل المحافظين، هذا ما يقوله الكاتب المصري المقيم في لندن شادي لويس، في حديثه مع "العربي الجديد"، مضيفاً أن "الناس تريد معاقبة المحافظين على تاريخ 14 عاماً من الحكم السيئ جداً" في الانتخابات البريطانية هذه، معتبراً أن هذا نتاج نظام الحزبين الذي يحكم البلد "فإذا أردت معاقبة الحزب الحاكم تذهب للحزب الآخر والعكس صحيح. إنها لعبة كراس موسيقيّة".

وقال لويس إن ما قام به حزب العمّال هو "التخلص من إرث وصورة جيرمي كوربين التي ألصقت بالحزب من قبل وسائل الإعلام واللوبيات والرأسمالية باعتباره حزبا يساريا يسعى لتأميم قطاعات خدماتية وشركات مما سيؤدي لتراجع الاقتصاد وفرض ضرائب كبيرة. عندما جاء ستارمر أراد بناء علاقات مع اللوبيات وأصحاب المال، مقدّماً نفسه بأنه الأفضل للاستثمار من حزب المحافظين، وهذا ما روج لنفسه في الإعلام". وأضاف لويس أن حزب العمّال قام بكل شيء كي "يفقد العلاقة مع قواعد مصوتيه من العرب، المسلمين واليسار والأفارقة، وهو غير مهتم بهم لأنه يعرف أنه سيفوز بالانتخابات في كل الأحوال".

أمّا ما يمكن أن يحققه حزب العمّال لدى وصوله للسلطة، فيرى لويس أن العمّال قدّم وعودا وأجرى اتفاقات مع النقابات لكنها "أقل مما تمنته النقابات"، فيما أشار لإمكانية حصول "تحسّن طفيف لكن ليس راديكاليا" على قضايا الخدمات الصحية والتعليم. وأشار إلى أن خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا "سوف تلغى لكن الحزب لن يكون متساهلاً مع موضوع الهجرة وسيضع خطة بديلة". وأكد لويس أن "لا أحد ينتظر تغييراً جوهرياً من العمّال، لكن الناس ترى أن حكمهم سيكون مسؤولًا مقارنة بما رأوه من صبيانية في الحكم خلال فترة المحافظين".

وفي ما يتعلق بحملات معاقبة حزب العمّال التي يقودها اليسار والعرب والمسلمون، يرى لويس أنه في ظل نظام الحزبين الكبيرين، ستذهب الأصوات إلى الأحزاب الصغيرة، معتبرًا أن حزب الخضر سيكون أبرز المستفيدين كونه "أكثر الأحزاب الممثلة في البرلمان لديه موقف واضح من فلسطين"، إلا أنه يتوقع في أفضل حال أن يحصل الخضر على قرابة خمسة مقاعد فقط ربما أكثر بقليل.

ويقول لويس إنّ "التصويت العقابي ضد حزب العمّال في الانتخابات البريطانية لن يكون مؤثراً بشكل كبير، لذلك لا يهتم العمّال بهذه الشرائح بشكل كبير"، ويضيف أن "الكثير من الأقليات سوف يصوتون تصويتاً تكتيكياً أو عقابياً، لكن هذا لن يكون مؤثراً، لأن معظم الاستطلاعات تعطي اكتساحاً في النتائج لحزب العمّال، باستثناء عدد قليل من الدوائر مثل في مانشستر أو دائرتين حتى ثلاث في لندن والتي يوجد فيها نسبة عالية من الجالية المسلمة من شبه القارة الهنديّة٫ ونحن نتحدث عن عدد كراس محدود".

الانتخابات البريطانية تجربة مهمّة للجالية العربيّة

في المقابل يرى محمد أمين رئيس منصّة "عرب لندن"، أن هذه الانتخابات ستكون سابقة عندما "تحول شأن في السياسة الخارجيّة إلى قضيّة انتخابيّة وواحدة من المحددات التي سيختار على أساسها الناخب النائب الذي سيمثله". ويقول أمين في حديثه لـ"العربي الجديد" إن غزّة "أصبحت من العوامل المؤثرة خصوصاً بين المسلمين والعرب"، معتقداً أنه سيكون "فارقا كبيرا بسبب غضب غير مسبوق بسبب موقف كير ستارمر، الذي وافق على قطع الماء والكهرباء عن غزّة" في مقابلة تلفزيونيّة.

ويقول أمين إن هناك "أربعة ملايين مسلم وقرابة مليون عربي، وهذه أول مرّة نشهد هذا الكم من المرشحين العرب على قوائم الأحزاب أو مستقلين. سيكون الصوت العربي والمسلم لافتا، لكن لا نستطيع القول إنه سيكون فرقا كبيرا لكن من المؤكد في بعض الدوائر سوف يحسمها".

وأشار أمين إلى حملات التنظم العربيّة والمسلمة في هذه الانتخابات كأمر إيجابي، حتّى لو لم تحقق نتائج قويّة، معتبراً أنها "المرّة الأولى التي يتنظم فيها العرب في الانتخابات ويتصرفون كقوّة سياسيّة". لا يخفي أمين وجود إشكاليات في بعض الدوائر من وجود أكثر من مرشح محسوب على مناصرته لغزّة لكن يعزو ذلك بسبب أن العرب "حديثو العهد في هذه التجربة وما زالوا يتعلمون"، إلا أنه أكّد أنه سيكون لهذه التجربة استفادة للمستقبل قائلًا: "يوجد جاليات هنا تنظم نفسها في الانتخابات وضمن لوبيات منذ 100 سنة وحتى أكثر في الانتخابات. هذا يجعلنا نتفهم وجود تعثّر في الحالة العربيّة".

وأكد الإعلامي أيضاً أن اختيار حزب العمّال سيكون بسبب فشل المحافظين، خصوصاً "بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أدخل بريطانيا في أزمة". واعتبر أن الناخب بطبيعته "يرنو نحو التغيير" والصراع الداخلي لدى المحافظين "ساهم في تراجعهم"، وأن نظام الحزبين هو "ما يساعد حزب العمّال على الفوز وليس بسبب كير ستارمر، فهو يفتقد للكاريزما" بحد تعبيره.

وفي ما يتعلق بخطط حزب العمّال في الانتخابات البريطانية هذه، يرى أمين أن كير ستارمر يتحدث عن إنعاش الاقتصاد لكن "دون خطط واضحة. من جهة يريد طمأنة السوق ورجال الأعمال والمال، ومن جهة أخرى يقدّم الوعود للطبقة الفقيرة والعمّال وهي معادلة صعبة". ولا يرى أمين فرقاً كبيراً بين الحزبين الكبيرين "كلاهما نيو ليبرالي". وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءً على أن تصدر النتائج النهائية صباح اليوم التالي، الجمعة.

المساهمون