تهويد شارع الواد المقدسي... أولوية جديدة للاحتلال ومستوطنيه

07 أكتوبر 2015
شارع الواد ساحة لاعتداءت المستوطنين (Getty)
+ الخط -
بحماية وحراسة من قوات الاحتلال، باشر مستوطنون متطرفون أولى خطواتهم للاستيلاء على جزء من شارع الواد، في البلدة القديمة في القدس المحتلة، وهو المكان عينه الذي لقي فيه مستوطنان يهوديان مصرعهما الأسبوع الماضي، على يد الشهيد مهند حلبي.

ويخشى المقدسيون من أن تؤدي تداعيات مقتل المستوطنين إلى قيام الاحتلال باقتطاع الشارع الرئيسي، وتحويله إلى "شارع شهداء آخر" مماثل لشارع الشهداء في مدينة الخليل، الذي حظرت فيه سلطات الاحتلال على سكان المدينة من الفلسطينيين دخوله منذ أكثر من 20 عاماً.

وحوّل العشرات من المستوطنين، أمس الثلاثاء، موقع الهجوم إلى ما يشبه المزار ليؤمّه المستوطنون. وعلّقوا على جدران المنازل والمحال التجارية أعلاماً إسرائيلية، وأقاموا حلقات رقص وغناء هستيرية وسط هتافات عنصرية ضد العرب.

بالتالي لم يتمكن سوى عدد قليل من التجار الفلسطينيين من فتح محلاتهم، بفعل إجراءات المنع والقيود المفروضة عليهم لدخول البلدة القديمة، واستفزازات المستوطنين لهم وتحرشهم بهم على مرأى جنود الاحتلال، الذين كُلّفوا بمهمة واحدة فقط، وهي تأمين الحماية الكاملة للمستوطنين، الذين تم السماح لهم بدخول البلدة القديمة.

اقرأ أيضاً: فصائل فلسطينية: قرارات نتنياهو انتقامية وفاشلة

وتقع في شارع الواد عشرات المحال التجارية التي يملكها فلسطينيون، إضافة إلى مسجد تاريخي، كما يتفرّع الشارع إلى مناطق حيوية في البلدة القديمة، كالمسجد الأقصى، بالإضافة إلى شارع يفضي لاقتحام المسجد الأقصى. لكن ما يقلق المقدسيين أكثر هو التركّز الكبير للبؤر الاستيطانية الكبرى في هذا الشارع، والتي قد تتخذها سلطات الاحتلال ذريعة لاقتطاع هذا الشارع، والإعلان عنه "طريقاً آمناً" للمستوطنين. وتشمل البؤر معاهد تلمودية وكُنُس يدرس فيها المئات من تلاميذ المدارس الدينية، ويتم إعداد حاخامات الهيكل وتهيئتهم فيها ليديروا مستقبلاً هيكلهم المزعوم، الذي سيُبنى على أنقاض المسجد الأقصى، وفق المزاعم الإسرائيلية.

ولتعزيز أمن المستوطنين في شارع الواد، افتتحت شرطة الاحتلال في السنوات القليلة الماضية مركزين لها، ونصبت عشرات كاميرات المراقبة المتطورة. ويقول مواطنون مقدسيون مقيمون في البلدة القديمة، في هذا الصدد، إن "تدابير الاحتلال الأخيرة في الشارع زادت من مخاوفهم، وعكست طبيعة ما يمكن أن تقوم به سلطات الاحتلال بهذا الخصوص".

ويشرح تجار مقدسيون التقتهم "العربي الجديد"، مآل ما جرى في الأيام الثلاثة الماضية من إغلاق للبلدة القديمة، ومنع دخولها، ما ألحق أضراراً فادحة بهم، وهو ما يتهددهم اليوم في حال تمّت سيطرة المستوطنين على جزء كبير من شارع الواد.

ويشير محمد الحلحولي، وهو صاحب محل في شارع الواد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذا الإجراء لم يحدث في السابق، وبات الوصول إلى محلاتنا يتطلّب إذناً وتصريحاً، وحتى لو حصلنا عليه، فإن الأمر يتطلب سلوك طرق أخرى، من دون أن نتمكن من الدخول مباشرة".

ويبدو أحمد العجلوني، وهو صاحب محل سياحي، قرب طريق الآلام في بلدة القدس القديمة، أكثر تشاؤماً وقلقاً ممّا يحمله المستقبل للقدس ومواطنيها وتجارها، متسائلاً عن "عدم معاقبة المستوطنين، الذين يعتدون ويعربدون على الأهالي وممتلكاتهم".

هذه الإجراءات من الحصار والتضييق زادت من وتيرة الغضب لدى المقدسيين سكان شارع الواد والبلدة القديمة عموماً. ويقول في هذا السياق، أحد النشطاء من حارة السعدية المجاورة، الذي يرمز لنفسه باسم "أ.ك."، إنه "لن نترك المستوطنين ينعمون بالهدوء، هم أتوا إلينا بأنفسهم، وها هم يضيّقون علينا، سنجعلهم يعانون أيضاً".

بدوره، يُحذّر عضو "هيئة العمل الوطني في القدس"، زياد الحموري، ممّا يجري من تهويد في البلدة القديمة وشارع الواد، واصفاً ذلك بـ"الاحتلال للمكان وقاطنيه". ويؤكد بأن "بقاء المستوطنين الدائم في المكان، سيؤدي لمزيد من التصعيد، والضرر الاقتصادي الذي سيفاقم معاناة التجار، بعد أن كانت إجراءات تضييق سابقة، قد أدت إلى إغلاق أكثر من 250 محلاً تجارياً في البلدة القديمة، تحديداً في أسواق الدباغة والسلسلة واللحامين".

المواطن المقدسي سعيد الباسطي، يفيد لـ"العربي الجديد"، بأن "جنود الاحتلال لم يتركوا لنا مدخلاً نصل فيه حتى إلى بيوتنا. لقد كان انتشارهم واسعاً، وفي كل زاوية نتجه إليها، كانوا يقولون لنا: الشارع مغلق اذهبوا من طريق آخر".

ويلفت الباسطي إلى أن "العديد من أصحاب المحال التجارية اضطروا إلى إغلاق محلاتهم على مدى اليومين الماضيين، وإذا أصبح الإغلاق دورياً، وفي كل مناسبة للمستوطنين، سيجد هؤلاء أنفسهم مضطرين لإغلاقها كلياً، خصوصاً أنه مع كل إغلاق يتحول الشارع إلى مسرح لمسيراتهم ورقصاتهم الاستفزازية".

ويخشى مواطنون آخرون من "اضطرارهم للتوجه إلى أبواب أخرى وسلوك طرق فرعية للوصول إلى الأقصى غير شارع الواد، ما يعني تقليص أعداد المصلين والمرابطين فيه، وإفراغه من مصليه"، وفقاً لما يقول في هذا السياق، محمد النتشة، المقيم في عقبة الخالدية.

ويضيف النتشة لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الأمر تجسّد خلال الأيام الأخيرة من الحصار، رغم أن الأقصى لا يبعد عن منازلهم سوى عشرات الأمتار"، لافتاً إلى أنه تعرّض للضرب والاعتقال قبل يومين، بينما كان يجتاز حواجز الاحتلال المنتشرة في شارع الواد، في سعيه للوصول إلى الأقصى عبر باب القطانين.

وممّا يخشاه المقدسيون كذلك، أن تكون للحصار والإغلاق المستمر لشارع الواد انعكاسات خطيرة على التعليم في مدارس البلدة القديمة، تحديداً مدرسة الأيتام الإسلامية بفرعيها الصناعي والأكاديمي، التي تضم مئات التلاميذ، ما سيحول دون وصول التلاميذ إلى مدارسهم، مثلما حدث يوم الإثنين، حين منع الحصار وصول الكثير من طلبة مدرسة الأقصى الشرعية للذكور إليها، حسبما يؤكد مدير المدرسة نادر الأفغاني، ومدير تربية القدس سمير جبريل، في حديثهما لـ"العربي الجديد"، اللذين يؤكدان أن "استمرار الحصار ستكون له نتائج كارثية".

 اقرأ أيضاً: ليبرمان وهرتسوغ يهاجمان نتنياهو ويتهمانه بالفشل

المساهمون