دخلت الانتفاضة الفلسطينية، أمس الأحد، وبإقرار غالبية المحللين الإسرائيليين في الصحف والقنوات التلفزيونية، طوراً جديداً ومرحلة جديدة، بعد أن تمكّن فلسطيني من اقتحام محطة الباصات المركزية في بئر السبع، على الرغم من الحراسة المُشدّدة حول المكان، وقَتل جندياً ثم اختطف سلاحه، وأصاب سبعة إسرائيليين بجراح بين متوسطة وبالغة.
وأول ما لفت إليه في هذا السياق، المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، هو أن منفّذ العملية، وخلافاً لمن سبقوه، تمكّن من اختطاف السلاح، ولكن وبالأساس من استخدامه فعلياً. واعتبر هرئيل، أن هذا يشير إلى أن العملية لم تكن عفوية بل سبقتها عمليات تخطيط، كما يبدو أنّ منفذها تلقى تدريباً معيناً.
اقرأ أيضاً: القدس: المقاومة الشعبية تضرب الاحتلال في قلب المدينة
وأشار هرئيل، إلى أنّها العملية الثانية التي يتم استخدام السلاح فيها من قبل منفذيها، بعد عملية القدس، التي وقعت مطلع الأسبوع الماضي، على خط التماس مع جبل المكبر في الحي الاستيطاني "أهرون هنتسيف".
ولعلّ اللافت هو ما تكشّف من أن كل المعلومات الأولية التي عممتها الجهات الإسرائيلية الرسمية وشهود العيان، كانت خاطئة، فقد تبين مثلاً أن منفّذ العملية هو شخص واحد فقط، تمكن من الدخول لمحطة الباصات المركزية، وقتل جندي واختطاف سلاحه وإجادة استخدامه في إصابة عددٍ من الإسرائيليين. وقابلت ذلك حالة الهلع والخوف التي سيطرت على المكان، لدرجة أن الموجودين هناك صبّوا جام غضبهم على لاجئ أفريقي من أصل أريتري، ظناً منهم أنّه كان شريكاً في تنفيذ العملية لمجرد لون بشرته.
توفي هذا اللاجئ بعد إصابته بجروح خطرة، فيما كان إسرائيليون قد تفاخروا أمس أمام عدسات التلفزة الإسرائيلية كيف هاجموه وأشبعوه ضرباً، ناهيك عن عرقلة عملية نقله لتلقي العلاج.
واعتبرت القناة الإسرائيلية الثانية، أمس، أنّ عملية بئر السبع تعني في واقع الحال أن توزيع القوات الإسرائيلية وتركيزها بشكل كبير في منطقة القدس، سيفرض على القيادة إعادة توزيع هذه القوات، في مختلف المناطق الجغرافية، خاصة أن ذلك يثبت أن الجدار الفاصل، أو غيابه في جنوب فلسطين، وتحديداً عند منطقة الخليل، يلزم اتخاذ تدابير جديدة لمنع تكرار العملية.
وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية، كانت قد أقرّت الأسبوع الماضي تكثيف الحراسة في المجمعات التجارية وفي محطات الباصات، إلا أنّ عملية بئر السبع تثبت عقم حجم وطريقة الحراسة الحالية، بحسب ما ذكرته القنوات الإسرائيلية، مساء الأحد.
من جهةٍ ثانية، كشفت الصحف الإسرائيلية أن الأجهزة الأمنية كان تخشى مثل هذا التصعيد، وبالأساس من خطر انضمام الجناح العسكري لتنظيم "فتح" إلى العمليات لكونه مزوَّداً بالسلاح، ومدرباً على استخدامه، فيما أشار عاموس هرئيل، إلى أنه من المحتمل أن تكون عملية، أمس، تابعة لإحدى الخلايا النائمة لحركة "حماس".
ولا يخفي هرئيل، مخاوف الجهات الأمنية العسكرية الإسرائيلية، من إسقاطات "معركة الوراثة" في الضفة الغربية لوراثة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الأوضاع في الضفة الغربية، مشيراً، إلى أنه على الرغم من التغني بالتنسيق المشترك، إلا أنه بدأت تبدو تغييرات في عمق هذا التنسيق وفي أدائه الميداني في الفترة الأخيرة، وهي مرتبطة بمعركة وراثة عباس، من جهة وبالفوضى في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية.
في غضون ذلك اضطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، إلى وقف إقامة سور إسمنتي عال حول حي جبل المكبر، يفصل بين الحي (القرية) الفلسطينية وبين مستوطنة "أرمون هنتسيف" بفعل انتقادات الوزراء له بأنه باشر خطة لتقسيم القدس، فيما أشارت "يديعوت أحرونوت" إلى نية الاحتلال إحاطة قرية العيساوية، القريبة من الجامعة العبرية بسور إسمنتي بارتفاع تسعة أمتار.