الأسهم الأميركية لا تسعف ترامب في انتخابات الكونغرس

29 أكتوبر 2018
انخفاضات حادة للأسهم وسط قلق من تباطؤ الاقتصاد (Getty)
+ الخط -

 

رغم تفاخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أكثر من مناسبة، بما تم تحقيقه من إنجازات في الملف الاقتصادي منذ وصوله إلى البيت الأبيض قبل نحو 22 شهراً، إلا أن التقلبات الشديدة التي شهدتها أسعار الأسهم الأميركية، خاصة في الأسبوع الأخير، أثارت مخاوف العديد من أعضاء الحزب الجمهوري الذين يأملون في احتفاظهم بالسيطرة على الكونغرس بمجلسيه، في انتخابات التجديد النصفي، في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويشير تاريخ الانتخابات الأميركية إلى أن الناخب يتعامل، في أغلب الأحيان، مع أول اقتراع للكونغرس بعد الانتخابات الرئاسية على أنه استفتاء على سياسات الرئيس الاقتصادية.

وأدخلت تعاملات الجمعة الماضية مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في المنطقة التصحيحية، بعد أن تجاوزت خسائره في أدنى نقطة له خلال ذلك اليوم 10.6%، مقارنة بأعلى نقطة وصل إليها هذا العام في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، قبل أن يغلق على انخفاض بنسبة 1.74%.

أما مؤشر ناسداك، الذي دخل المنطقة التصحيحية في الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فقد أنهى تعاملات الجمعة على انخفاض بنسبة 2.06%، بينما كان مؤشر داو جونز، الذي انخفض 8.4% من أعلى مستوى له في تاريخه، الأقل تأثراً، حيث لم ينخفض أكثر من 1.19%. ويعتبر المحللون أن انخفاض الأسهم بنسبة 10% على الأقل يعني دخولها المنطقة التصحيحية.

ورغم هذا الهبوط، فإن يوم الجمعة الماضي لم يكن هو أسوأ أيام الأسبوع للأسهم الأميركية، فقد شهد يوم الأربعاء انخفاضات أكثر حدة، إلا أن تعاملات الخميس عوضت نسبة كبيرة منها.

لكن عودة الأسهم إلى الانخفاض مرة أخرى يوم الجمعة أشعرت الكثيرين بأن تعاملات الأسواق في الأيام الثلاثة المتبقية من أكتوبر/تشرين الأول، ربما تجعله أسوأ شهور المؤشرات الثلاثة الرئيسية منذ ثمانية أعوام.

وفي مذكرة لعملائه، اطلعت عليها "العربي الجديد"، قال جوناثان جلوب، مسؤول استراتيجيات الأسهم الأميركية في بنك كريدي سويس السويسري "برغم نتائج الشركات المبهرة، يبدو أن المستثمرين مقتنعون بأن ارتفاع تكلفة المدخلات والنزاعات التجارية مع الصين، في طريقها للعصف بربحية الشركات".

كما قال الاقتصادي المصري الأميركي الشهير، محمد العريان، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن هناك العديد من العوامل الأساسية التي تزيد من تذبذبات أسعار الأسهم، مثل عدم التأكد من معدلات النمو، والقلق بشأن النزاعات التجارية مع الصين.

وأضاف العريان أن السياسات غير التقليدية للبنوك المركزية تهدف عادة إلى تقليل التذبذبات في الأسواق، وهو ما نجحت فيه بالفعل على مدار السنوات الماضية، لكن ما يجري الآن هو أن أغلب هذه السياسات يتم التخلي عنها، وإن كان بصورة تدريجية، وهو ما يعني أن التذبذبات في الأسواق تتجه إلى العودة إلى مستوياتها الطبيعية.

وعانت البورصة الأميركية من خسائر أسبوعية حادة، مع الإفصاح عن نتائج أعمال الشركات، إلى جانب مخاوف رفع معدلات الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي. وسجل "ستاندرد آند بورز 500" خسائر أسبوعية بنسبة 4.03%، و"ناسداك" 3.78%، و"داو جونز" بنسبة 2.97%.

وقال مارك هايفيلي، مسؤول الاستثمار في إدارة الاستثمار العالمي في بنك يو بي اس السويسري في مذكرة للبنك، إن توجه المستثمرين نحو بيع الأسهم آخذ في التسارع، بسبب خوفهم من التأثير السلبي لمعدلات الفائدة المرتفعة، ولعلامات تباطؤ الاقتصاد العالمي، وأيضاً للنزاعات التجارية.

لكن هايفيلي، الذي أكد في أكثر من مناسبة سابقة أن الأسهم الأميركية الآخذة في الارتفاع لم تعكس اتجاهها بعد، رأى أن "مؤشرات الاقتصاد الأميركي وربحية الشركات ما زالت إيجابية".

وأشار إلى أنه لا يعتقد أن الاقتصاد الأميركي يتعرض لخطر الدخول في ركود في المستقبل القريب. وقال هايفيلي "فيما يتعلق بعام 2019، نتوقع استمرار نمو ربحية الشركات، وإن كان بمعدل أبطأ".

وأشارت بيانات وزارة العمل الصادرة يوم الجمعة الماضي إلى أن تباطؤ الاقتصاد في الربع الثالث من العام الحالي (في قراءته الأولى) جاء أقل من التوقعات، بعد أن قلل أقوى إنفاق استهلاكي تشهده البلاد في ما يقرب من أربعة أعوام من الآثار السلبية لانخفاض الصادرات الأميركية، ومنها بالطبع فول الصويا، بعد أن قللت الصين مشترياتها منه رداً على الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة على البضائع الصينية.

وسجل نمو الاقتصاد الأميركي، في الربع الثالث، معدلاً سنوياً يقدّر بنسبة 3.5%، رغم أن توقعات الاقتصاديين أشارت إلى عدم تجاوزه 3.3%، حيث اعتبروا أن تحفيزات ترامب للاقتصاد، عن طريق الإعفاءات الضريبية الكبيرة وزيادة الإنفاق الحكومي، في طريقها إلى فقدان قوة الدفع التي تميزت بها خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي.

لكن يبدو أن معدل النمو المرتفع المتحقق في الربع الثالث، والذي يسمح لترامب وفريقه الاقتصادي بتحقيق معدل النمو المستهدف لعام 2018، وهو 3%، لم يفلح في طمأنة حاملي الأسهم، حيث قلل ريتشارد كيرتون، الأستاذ في معهد البحث الاجتماعي التابع لجامعة ميتشيغان، من أهميته قائلاً إن "كل ما تشير إليه البيانات الصادرة هو أن نقطة التحول نحو تصاعد التشاؤم لم يتم الوصول إليها بعد".

واعتبر دين بيكر، كبير الاقتصاديين في مركز البحث الاقتصادي والسياسي بواشنطن، أن العجز التجاري الأميركي تسبب في انخفاض معدل نمو الاقتصاد في الربع الثالث بنسبة 1.78%، وهو ما رآه مؤشراً على أن "ترامب يخسر حربه التجارية بصورة سيئة".

ولفت بيكر إلى أن معدل نمو الاستثمارات انهار في الربع الثالث من العام، حيث توقف عند 0.8%، وقال: "الانطلاق بفعل الإعفاءات الضريبية لم يحدث"، مشيراً إلى وعود ترامب بأن تؤدي الإعفاءات الضريبية، التي تم إقرارها مطلع العام الحالي، إلى زيادة الإنفاق الاستثماري للشركات المستفيدة من تلك الإعفاءات، وبالتالي خلق المزيد من الوظائف.

المساهمون