كواليس اتصالات ترامب بشأن القدس: الأردن "تشدد" ومصر والسعودية اعترضتا على التوقيت

08 ديسمبر 2017
احتجاجات مصرية ضد قرار ترامب (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

كشف دبلوماسي أميركي في القاهرة بعض كواليس اتصالات الساعات الأخيرة التي سبقت إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، لافتاً إلى أن "بعض السفارات الأميركية في البلدان العربية رفعت تقارير تحذر من رد فعل الشارع في بعض العواصم العربية، إلا أنه يبدو أن لدى الإدارة الأميركية تقارير أخرى توضح مدى ملاءمة هذه المرحلة لذلك القرار".

وبحسب المصدر الدبلوماسي، الذي تحدث مع "العربي الجديد"، فإن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طالب ترامب خلال اتصال هاتفي، بضرورة تأجيل القرار وليس التراجع عنه". وأوضح أن "الرئيس المصري أرجع مطالبته لترامب بتأجيل القرار حتى لا تستخدمه جماعات الإسلام المتشدد في تأجيج الشارع العربي ضد الحكام والمصالح الأميركية، وهو ما ستكون له تداعيات على مسار خطته – أي ترامب – للسلام في الشرق الأوسط". وكشف المصدر أن "رد ترامب على الرئيس المصري جاء بأنه لن يترك زمام القرارات المهمة خاضعاً لهذه الجماعات".

ولفت المصدر إلى أن الكثير من الدوائر المحيطة بالرئيس الأميركي ترى أن هذا هو الوقت الأنسب للإعلان عن القرار المؤجل منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أن "الاتصالات التي جرت بين ترامب وعدد من الزعماء العرب لم تكن تستهدف إطلاعهم على القرار بقدر ما كان يتم الطلب منهم استيعاب الصدمات الارتدادية له، والتي قدرتها تقارير استخباراتية بأنها لن تكون قوية في الشوارع العربية".

وكشف المصدر عن تباين كبير في مواقف بعض الزعماء الذين تحدث إليهم ترامب، قائلاً "ملك الأردن عبد الله الثاني كان وحده من اتخذ موقفاً أكثر تشدداً بشأن القرار، في حين كان الخلاف من جانب باقي الزعماء في مسألة التوقيت والظروف المحيطة". ولفت الدبلوماسي الأميركي إلى أن "أحد الزعماء طالب ترامب بقرارات ولو شكلية بشأن القضية الفلسطينية ليسهل معه امتصاص الغضب الشعبي، وعدم التسبب في حرج للحكام، خصوصاً في توقيت تشهد فيه العلاقات العربية الإسرائيلية تطوراً كان من الصعب إحداثه في فترات سابقة".


وحول ما يتعلق بانتهاء الدور الأميركي في القضية الفلسطينية بعد القرار الأخير، قال المصدر إن "التقديرات الأميركية ترى أن هناك مبالغات في هذا الشأن"، وأضاف "من الطبيعي أن كافة التحركات في ما تتعلق بتحقيق السلام في الشرق الأوسط ستتوقف لوقت قصير بعد القرار، ولكن الإدارة الأميركية ستعاود دورها لتنشيط تلك المشاورات عبر من تراهم فاعلين أساسيين من حلفائها كوسطاء، وفي مقدمتهم مصر والسعودية والأردن". يأتي هذا في وقت رفعت فيه وزارة الداخلية المصرية درجة الاستعداد القصوى بكافة قطاعاتها، لتأمين وحماية المنشآت الأميركية في القاهرة.

وقالت مصادر في حديث مع "العربي الجديد"، إن وزير الداخلية أصدر قراراً تم تعميمه على كافة القطاعات برفع درجة التأهب القصوى، وزيادة أعداد قوات التأمين في محيط مقر السفارة الأميركية في القاهرة والقنصلية الأميركية بمحافظة الإسكندرية، إضافة إلى مقار الشركات والمشروعات الأميركية في القاهرة، تحسّباً لما وصفه الوزير في القرار بـ"الأعمال العدائية" ضد هذه المنشآت بعد القرار الأميركي بنقل السفارة إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل.

وشهدت مصر، أمس، تحركات عدة منددة بالقرار الأميركي بما في ذلك تنظيم طلاب الجامعة الأميركية وقفة احتجاجية، بمقر الجامعة في التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، للتنديد بالقرار الأميركي، حيث احتشد المئات من الطلاب رافعين لافتة كبيرة كتبوا عليها القدس عربية، وأخرى كتبوا عليها "القدس عاصمة أبدية لفلسطين". في غضون ذلك، أوضح قيادي في حركة حماس في الضفة الغربية التداعيات التي سيخلفها القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

وقال القيادي بالحركة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن القرار يعني إلغاء كافة القرارات الدولية الخاصة بالحفاظ على الموروث الثقافي الإسلامي والمسيحي للمدينة، بحجة أن القدس أصبحت عاصمة لإسرائيل، ما يسمح لها ببناء عاصمتها بالشكل الذي تريده.

وتابع "كما أن القرار سيؤدي إلى رفع كافة الوصايات العربية والإسلامية عن المدينة ممثلةً في وزارة الأوقاف الأردنية بعد أن أصبحت عاصمة لإسرائيل، حيث ستتذرع وقتها إسرائيل بأنها لا تقبل وصايات على مناطق داخل عاصمتها". وأضاف "كذلك سيتم طرد كل من لا يملك هوية إسرائيلية من المدينة وتجريدها من سكانها الأصليين، والسماح بدخول الجيش الإسرائيلي بشكل رسمي إلى جميع أرجاء المدينة".