الحداثة الغربية

لم تبهر قطر العالم بحسن تنظيمها مونديال كأس العالم 2022 فقط، بقدر ما أنها نجحت، كذلك، في تذكير الجميع بأن العالم أوسع من "غربٍ" يدّعي التفوق، وأن الإنسانية لا تَخْتَزِلُ تاريخها وقيمها وأخلاقها، ولا حتى مستقبلها، فيه.

من يطالع الصحف الغربية الكبرى، هذه الأيام، يقف على حملةٍ إعلاميةٍ غير بريئة تستهدف قطر على خلفية استضافتها كأس العالم 2022، ما يشير إلى مركزية ثقافية غربية تستكثر على دولةٍ عربيةٍ تنظيم فعالية رياضية كبرى بحجم كأس العالم.

القضية رفض التفويج الضخم المتعدّد الذي لا يهدأ لفرض تصوّر الحداثة المادية عن ماهية الفرد والأسرة، وإضعافها في الضمير العالمي. ما يجري هو تركيز ممنهج على عالم الطفولة، لإحداث اضطرابٍ نفسيٍّ مبكّر في وجدان الأطفال، يدمر استقرارهم النفسي.

الغرب الذي تأسّست حضارته الحديثة على قاعدة الليبرالية والحريات الفردية والعامة، تعلو فيه الأصوات ضد الحجاب باعتباره انتهاكاً لحرية المرأة، والواقع أن التمييز ضد الحجاب يوازيه تمييز ضد غير المحجبات في المجتمعات العربية والإسلامية أيضا.

عدم إعلان موقفٍ يقوم على اعتذار سياسي دستوري وتصحيح وإدانة لفكرة الإبادة، لا يزال قائماً في أميركا الشمالية، وحتى صعود هذه القضية في الذاكرة العالمية، وفي متاحف الولايات المتحدة وكندا، إلا أنها لم تتجاوز تلك الذاكرة المصحوبة بإبداء بعض الأسف الموسمي.