حكومة الأسد تلغي قصيدة وطنية لشاعر معارض من المناهج الدراسية

17 سبتمبر 2017
تعديل المناهج لإزالة الإنتاج الأدبي للمعارضين(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -


ألغت وزارة التربية في حكومة بشار الأسد أمس السبت، قصيدة للشاعر المعارض للنظام، ياسر الأطرش، واستبدلتها بأخرى للشاعر، سائر إبراهيم.

ونصّ قرار وزير التربية هزوان الوز، على أنه "بناء على مقتضيات المصلحة العامة، وبعد الاطلاع على الملاحظات الواردة حول القصيدة، ومناقشتها مع لجنة تأليف كتب التربية الموسيقية في المركز الوطني لتطوير المناهج، سيتم تبديل القصيدة الموجودة بالصفحة 6 من كتاب الأول الإبتدائي، بقصيدة عنوانها وطني، للشاعر سائر إبراهيم".

وجاء قرار إلغاء قصيدة الشاعر الأطرش، بعد موجة من الانتقادات شنتها وسائل إعلامية ومواقع إلكترونية وتواصل اجتماعي، وصفت الأطرش بـ"شاعر الإرهابيين وشاعر ثورة الوهابيين"، بحسب ما نقل موقع "سيريا ستيبس" القريب من نظام الأسد.

وتوسعت حملة الهجوم على وزارة تربية الأسد، إثر طبع قصيدة الشاعر المعارض، لتصل إلى صفحات المدن الساحلية، مسقط رأس بشار الأسد.

وكتبت صفحة "أخبار طرطوس"، "عندما يستبدلون شعراءنا الوطنيين بهؤلاء المجرمين الملوثة أيديهم بدماء أطفالنا، وعندما يدرس أطفالنا بمناهجهم أشعار هؤلاء المجرمين وعندما يكبر أطفالنا على أسماء هؤلاء الخونة قاتلي آبائهم، هذا يعني أن المؤامرة انتصرت وأن دماء شهدائنا أهرقت، وأن الباطل قد انتصر، وما لم يستطيعوا أخذه بالخيانة، سيأخذونه بفكر أطفالنا ومناهجنا".



ودعت صفحة "أخبار طرطوس" إلى مقاطعة المدارس التي لا تستبدل قصيدة الأطرش، واعتبرت أن طباعتها بالكتب المدرسية "زلة تاريخية".

القصيدة الملغاة للشاعر المعارض(فيسبوك) 


إلى ذلك، أكد الشاعر ياسر الأطرش، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنه: "لا يوجد أطفال مؤيدون للنظام وأطفال معارضون، بل علينا إبعاد الطفولة عن متاهات السياسة، ليعيشوا طفولتهم بحب وسعادة، مضيفاً:"قدمت للأطفال قصيدة في حين يقتل النظام أطفالنا بالبراميل المتفجرة، ومن فاض عن القتل، قتل حلمه عبر قتل أبيه أو هدم مدرسته".

ويستغرب الأطرش من نشر نظام الأسد قصيدة له دون علمه "لا يوجد لي علاقة حتى مع أشخاص مؤيدين للأسد، نشرت القصيدة أول مرة عام 2015 بمجلة زورق السورية المعارضة، وتناقلتها بعد ذاك مطبوعات عدة".



وعمّا إذا كان سيقاضي نظام الأسد لأنه نشر له قصيدة دون علمه أو استئذانه، يرد الأطرش: "من أقاضي، هذه مجموعة عصابات وليست دولة، ولو نشرتها أي دولة دون علمي وحقوقي، لكنت قاضيتها".


ويشير الشاعر السوري، الفائز بجوائز عدة وله مجموعة خاصة بالأطفال بعنوان "أبواب المستقبل"، إلى أن نظام بشار الأسد ومنذ مطلع الثورة عام 2011، نهج اعتقال أو قتل أو تهجير المثقفين وأصحاب الكلمة، "في حين يعتقل الكتاب والشعراء والمثقفين، يأوي المجموعات الإرهابية وينقل عناصر تنظيم داعش بباصاته المكيفة".



وكشفت الأيام الأولى من العام الدراسي بسورية، عورات المنهج الذي وضع على عجالة ولاعتبارات بعيدة عن العلمية والتربوية، كما يقول متخصصون "يتناسب مع الذهنية الجديدة للنظام بعد الثورة ووجود قوى أجنبية بسورية، في مقدمتها روسيا وإيران" كما قال مدرس مادة اللغة العربية إياد الحسين.

ويشير الحسين من محافظة إدلب شمالي غرب سورية، إلى رفع صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اليوم الأول من افتتاح المدارس ومحاولات تزييف التاريخ والحاضر السوري، عبر زج أغان شعبية وتراثية وباللهجة المحكية.

لجنة مراقبة المناهج المعدلة(فيسبوك) 


وبيّن المدرس السوري لـ"العربي الجديد" أن المنهج الجديد تضمن أخطاء لغوية ونحوية، فضلاً عن زجه أهازيج شعبية من قبيل "إش إش" و"طش طش" و"تب تب تاب" لما يمكن اعتباره تمييعاً للعملية التربوية، مشيراً إلى أن أغلفة بعض الكتب بالمنهج الجديد، تحمل من القبح ما يمكن اعتباره تشويهاً بصرياً لذائقة الطلاب، وخاصة أن رؤية الطلاب السوريين البصرية اعتادت على مستوى عال من الجمال، من خلال رسوم لفاتح المدرس على سبيل المثال، والتي ساهمت بتشكيل وعيه الفني والنقدي أيضاً.

واكتظ المنهاج الدراسي الجديد بسورية لعام 2017- 2018 بالعديد من الأخطاء والمغالطات، ما دفع وزير التربية بحكومة الأسد، هزوان الوز، لتشكيل لجنة لإعادة النظر وتصويب المنهاج.

وأكد الوز أن جميع الملاحظات التي ترد من المواطنين حول المناهج الجديدة محط اهتمام الوزارة وتتم متابعتها بهدف استدراكها لاحقا.

وأشار خلال تصريحات أمس، إلى أن الوزارة لا تقبل أن تتضمن المناهج أي معلومة تتحمل التأويل أو تكون في سياق يخالف النهج الذي تسير عليه الوزارة ورؤيتها، التي تصب في المحافظة على الإرث الثقافي السوري وتصون الوحدة المجتمعية.


نص القرار باستبدال قصيدة الشاعر ياسر الأطرش بأخرى(فيسبوك) 


ولاقت بعض أغلفة الكتب المدرسية والخرائط الجغرافية، تهكم السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي حين قال بعضهم عن خريطة سورية التي تعيد لواء إسكندرون، أنها تحرير وانتصار على ورق الكتب، ووصف آخرون أغلفة الكتب بالمخيفة.

ما دفع بوزراة التربية وحسب ما نقلته مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إلى تغيير بعض أغلفة الكتب المدرسية في الطبعات المقبلة ليصار إلى تصميم أغلفة جديدة بدلاً منها، وقد بررت الوزراة طبعها، بأنّها تنتمي إلى حضارات سورية قديمة.



المساهمون