استمع إلى الملخص
- حركة "ستوب بوليوشن" نظمت مسيرات احتجاج للمطالبة بالسلام البيئي وإنهاء سكب الفسفوجيبس في البحر، مع تأخر الحكومة في تنفيذ وعودها بتحسين الوضع البيئي والصحي.
- التأخير في تنفيذ خطط الحكومة لتفكيك المجمع الكيميائي ونقله خارج قابس أثار استياء المجتمع المدني، مع تحذيرات من مخاطر كارثية محتملة تشبه انفجار مرفأ بيروت بسبب غياب معايير السلامة.
تدفع المنظمات البيئية في محافظة قابس (جنوب شرق تونس)، نحو تنفيذ القرارات الحكومية بشأن تفكيك وحدات المجمع الكيميائي الذي ينشط في المنطقة منذ أربعة عقود من أجل وقف نزيف الخسائر البيئية. وتستعصي أزمة التلوث في قابس عن الحل رغم إعلان السلطة تفكيك أكبر مجمع كيميائي في البلاد قبل سبع سنوات ونقله من المنطقة التي تعيش مستوى تلوث قياسي تسبب في ضرر كبير للحياة البرية والبحرية فضلا عن تواتر حوادث اختناق المواطنين. وقادت حركة "ستوب بوليوشن" (أوقف التلوّث)، على امتداد الاشهر الماضية، مسيرات احتجاجية طالبت فيها بالسلام البيئي بعدما دمرت مخلفات الفسفوجيبس، التي يفرزها المجمع الكيميائي، الحياة البرية والبحرية في المنطقة. وتطالب المنظمات المدنية بتوضيحات بشأن تأخر قرار تفكيك المجمع بعد سبع سنوات من اتخاذ القرار بشأنه وتقديم إجابات للمجتمع المدني وأهالي المدينة الذين يعانون من مستويات تلوث عالية.
وأعلنت الحكومة التونسية، منذ عام 2017، التزامها التام بوقف سكب مادة الفسفوجيبس في البحر، إضافة إلى العمل على تفكيك الوحدات الملوثة واستبدالها بأخرى تحترم المعايير الدولية في السلامة البيئية، ليتم تحويلها من المكان الحالي إلى مكان آخر يتم الاتفاق عليه لاحقا. وقال المتحدث باسم حركة "ستوب بليوشن" خير الدين دبيّة إن "نضالات المجتمع المدني من أجل السلام البيئي للمنطقة لا تزال مستمرة بسبب غياب أجوبة واضحة بشأن قرار تفكيك المجمع الذي كان يفترض أن ينفذ منذ سبع سنوات". وأكد دبيّة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة أعلنت عام 2017 عن تفكيك الوحدات الملوثة على مراحل واستبدالها بأخرى تحترم المعايير الدولية للسلامة البيئية في غضون ثماني سنوات على أقصى تقدير، غير أنها لم تتجاوز مرحلة الدراسات الأولى لاختيار موقع جديد للوحدات المزمع إحداثها". وأضاف: "بينما لا يزال المواطنون والحياة البرية والبحرية في قابس يدفعون ثمنا عاليا للتلوث الكيميائي، لا تقدم السلطات أي إجابات حول مشروع تفكيك المجمع، كما تؤجل المؤسسة الكيميائية أعمال الصيانة لوحداتها نتيجة ضبابية الرؤية".
ويشكّل المجمع الكيميائي في قابس مصدر تلوث بيئي كبير في المنطقة، حيث قاد المجتمع المدني في المنطقة لسنوات طويلة حراكا للمطالبة بنقل المصانع خارج المنطقة بعدما تسببت الغازات المنبعثة منه في أضرار جسيمة للحياة البرية والبحرية في المنطقة فضلا عن تصاعد نسب الإصابة بالأمراض السرطانية في صفوف السكان. وأشار دبيّة إلى "انضمام منظمات مدنية وازنة في المنطقة إلى حراك "كفى تلوّثا" من أجل الضغط على السلطات لإصدار قرار نافذ بشأن المجمّع"، وقال إن "وحدات المجمع التي تفتقد للصيانة أصبحت مصدر خطر كبير على المنطقة مع تواتر تسربات الغازات التي تؤدي إلى اختناق المواطنين، فضلا عن تسجيل حوادث تسببت في وفاة عمال في وحدات المجمع".
ويقع المُجمّع الكيميائي في منطقة "شط السلام" التّي يقطنها نحو 18 ألف نسمة، وتبعد قرابة أربعة كيلومترات عن مدينة قابس، مركز المحافظة، وتم إنشاء المُجمّع عام 1972 وبداخله وحدات لتصفية مادة الفوسفات وصناعات كيميائية مختلفة إلى جانب أكبر مخازن الغاز الطبيعي. ويوفر موقع المركب الكيمياوي في قابس اليوم نحو 57% من الإنتاج الوطني لحمض الفسفور الذي يستخدم في الصناعات المعدنية وتلك الخاصة بمواد التنظيف والأسمدة وإنتاج المياه الغازية.
وفي وقت سابق، حذرت حركة "ستوب بوليوشن" من مخاطر انفجار مشابه لانفجار مرفأ بيروت في المجمع الكيميائي بسبب غياب معايير السلامة داخل أكبر قطب للصناعات الكيميائية في البلاد. وأعلنت الحركة حينها الانطلاق في سلسلة تحركات احتجاجية من أجل التعجيل بقرارات تفكيك الوحدات الملوثة للمجمع وإعادة مسار التحقيق حول معايير السلامة وصلب الوحدات الصناعية للأمونيا والزفت ومخازن الغاز الطبيعي. وقال دبيّة إن "تسرب الغازات من وحدات المجمع الكيميائي أصبح متواترا نتيجة نقص في الصيانة في وحدات المجمع"، مؤكدا أن "محافظة قابس مهددة بانفجار أكثر خطورة من انفجار مرفأ بيروت، ما قد يتسبب في نسف المدينة برمتها في ظل انتفاء شروط السلامة داخل المجمع الكيميائي التونسي الذي يواصل نشاطه دخل منطقة عمرانية".