يواصل الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس (49 سنة)، إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ100 على التوالي رفضاً لاعتقاله الإداري، في ظل تعنت إسرائيلي متواصل متمثل في رفض الإفراج عنه، ووسط تحذيرات فلسطينية ودولية من استشهاده.
وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر، لـ"العربي الجديد"، على هامش اعتصام في مقر الصليب الأحمر بمدينة البيرة، الثلاثاء، للتضامن مع الأخرس والأسرى المضربين، أن "الوضع الصحي للأسير سيئ جدا لكن معنوياته عالية"، محذرا من أن "وصول ماهر الأخرس إلى 100 يوم من الإضراب قد يكون نتيجة قرار لإدارة سجون الاحتلال بقتله رغم مناشدات العالم لإسرائيل التي تعتبر نفسها دولة فوق القانون".
وأشار أبو بكر إلى أن "الهيئة ومكتب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أرسلوا قبل يومين، رسائل إلى المنظمات والمؤسسات الدولية والعربية، وبعض الدول، تتحدث عن الحالة الصحية لماهر الأخرس، وتطالب بإنهاء قضيته".
من جانبه، أوضح الأسير المحرر محمد القيق، الذي خاض تجربة الإضراب عن الطعام لفترة طويلة، لـ"العربي الجديد"، أن "ترك ماهر الأخرس ليصل إلى 100 يوم من الإضراب، يعني أنه شهيد مع وقف التنفيذ، وحالته تخرج عن كل البروتوكولات الصحية، وهو معرض لانتكاسة صحية. طول فترة إضراب الأخرس يعني من المنظور الصحي أن الأمر يزداد سوءا، إذ إن المعدة ما بين 60 إلى 70 يوما من الإضراب ترجع عصارتها، ويكون المضرب بحالة صحية سيئة، وتبدأ التشنجات تزداد، والتغذية على الماء تعني أن الجسم يتغذى على النخاع الشوكي، ما يعني إمكانية حدوث شلل، وفي حال القيام باسترجاع الفيتامينات والمكملات بعد كل هذه الفترة، ستصل الفيتامينات إلى الأعضاء الأخرى فقط".
وتابع، "بعد اليوم الـ90 الأطباء أنفسهم لا يعرفون مدى تأثير الإضراب على أعضاء الجسم لأن الأمور تخرج عن نطاق البروتوكولات الصحية، وأي استمرار بالإضراب سيكون على حساب الصحة"، فيما يحذر القيق من أن استمرار الإضراب "يدفع إلى مزيد من الضغط لإبقاء ماهر ومن يخوضون الإضراب على قيد الحياة".
وأكد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان، أن استمرار اعتقال الأسير الأخرس رغم ما وصل إليه وضعه الصحي من خطورة، هو قرار واضح بتصفيته، وإيصاله إلى مرحلة يتسبب استمرار الإضراب فيها بأضرار صحية بالغة يصعب علاجها لاحقاً.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في بيان، إن الحالة الصحية للأسير الأخرس لا تحتمل الممالطة من قبل سلطات الاحتلال، فبعد مضي 100 يوم على إضرابه عن الطعام بات مهدداً بشكل كبير بتوقف أعضائه الحيوية، حيث يعاني من تشنجات متكررة وضغط في عضلة القلب وضعف في النبضات. وجددت مطالبتها للمنظمات الدولية والمجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإنهاء الاعتقال الإداري بحق الأسير الأخرس وجميع الأسرى الفلسطينيين.
ونظمت شبكة "صامدون" للدفاع عن الأسرى، وقفة على دوار المنارة في مدينة رام الله، مساء الثلاثاء، لدعم الأسير الأخرس، والحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، وحمل المشاركون الذين جابوا الشوارع بمسيرة أعقبت الوقفة، صور الأسير الأخرس، ولافتات تدعوا إلى إنهاء الاعتقال الإداري، فضلا عن لافتات وهتافات باسم المعتقل في السجون الفرنسية، جورج عبد الله، والذي عمل في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وقالت الناشطة في شبكة صامدون، هديل شطارة، لـ"العربي الجديد"، إن "100 يوم تعلمنا كيف نقف في وجه الاحتلال ونقاومه كشعب فلسطيني، وهي رسالة لكل العالم أن الأسرى يعانون، ومستعدون للموت. مطلب ماهر الأخرس هو الحرية، وهي حق لكل إنسان، وهناك 5 آلاف أسير فلسطيني معتقلون على أسس قمعية عنصرية، واليوم الأخرس يحرك ملف الأسرى، وملف الاعتقال الإداري".
وقال الأسير المحرر، معين البرغوثي، لـ"العربي الجديد"، إن "مائة يوم من الصمود لماهر الأخرس لا يمكن قياسها كمائة يوم عادية"، مؤكدا ضرورة عدم اقتصار دعم الأسرى على الوقفات والمسيرات، بل بجعلهم جزء من الحياة اليومية لجميع الفلسطينيين.
وأمام مستشفى كابلان، الذي يرقد فيه الأسير ماهر الأخرس في ظل تدهور حالته الصحية بعد مرور مائة يوم من إضرابه عن الطعام، عقدت لجنة المتابعة ولجنة الحريات مؤتمراً صحافياً، ظهر اليوم، بالتزامن مع تظاهرة تضامنية مع الأسير أمام المستشفى بمشاركة نواب وقياديين بالحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني. وستجري مساء اليوم مظاهرة أخرى أمام مستشفى كابلان.
وقال محمد كناعنة، من حركة أبناء البلد، وهو أحد المرافقين للأسير في المستشفى: "قبل قليل أبلغنا أحد المرافقين للأسير بالغرفة بأن الأسير دخل في غيبوبة. ماهر الأخرس اليوم يمثل جزءا من الحالة الفلسطينية على مدار أكثر من مائة سنة ضد الاحتلال والاستعمار وضد الصهيونية. هو لا يريد أن يستشهد. نحن مع ماهر حتى الحرية، نريده حيا بين أفراد شعبه وأبنائه".
وقال رئيس لجنة المتابعة لفلسطينيي الداخل محمد بركة، في المؤتمر: "غدا يبدأ الأسير الأخرس المائة الثانية التي نريد لها أن تنتهي منذ البداية، بأن يكون منتصرا وحرا وحيا. لسنا طلاب موت. هذه معركة من أجل الحياة ومن أجل العدالة. الاعتقالات الإدارية ظاهرة يجب أن تنتهي. لا يمكن أن يظل إنسان قيد الاعتقال وأن تقدم ضده لائحة اتهام، أو تجري له محاكمة على أي شيء. هذا شكل من أشكال الاعتداء الصارخ على الإنسان بإنسيانته وعلى الفلسطيني بفلسطينيته. نحن جئنا ليس فقط لنصرخ بل لنستصرخ الدنيا كلها، نستصرخ الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية والعالم المتنور الذي يدعي التنور ويبكي ويذرف الدموع على أصغر الأشياء. بينما هنا يرقد إنسان معلق بين الحياة والموت في إضراب عن الطعام لأنه يريد أن ينال حريته، واذا كان عندهم أي شيء يقول لهم حاكموني، هذا أمر غير مقبول في أي عرف وفي أي منطق على الإطلاق".
من جانبها، دانت جامعة الدول العربية التجاهل المتعمد لسلطات الاحتلال الإسرائيلي وحملتها المسؤولية عن تدهور حياة الأسير ماهر الأخرس، وحذر الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية، سعيد أبو علي، من خطورة انتشار كورونا بين الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بعدما تصاعد عدد المصابين بالفيروس بصورة كبيرة، مشيرا إلى أن حالة الأسير الأخرس تمثل معاناة الأسرى ومدى الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحقهم، فمنذ بداية العام الحالي أصدرت محاكم الاحتلال العسكرية 880 قراراً إدارياً بحق أسرى فلسطينيين تم اعتقالهم إدارياً دون توجيه اتهام رسمي ودون الخضوع لإجراءات المحاكمة لترسيخ سياسة الاعتقال الإداري بشكل ممنهج، كأداة عقاب وذراع لتنفيذ القمع والإذلال.
ودعا الأمين العام المساعد المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والمنظمات ذات الصلة للتدخل الفوري لإنقاذ حياة الأسير الأخرس، والضغط على الاحتلال لإلغاء أوامر الاعتقال الإداري، ووقف الانتهاكات الجسيمة لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، وحث الدول الراعية لتلك الاتفاقيات لإنفاذها على الأسرى الفلسطينيين.
واعتقل الاحتلال الأسير الأخرس، وهو متزوج وأب لستة أبناء ويعمل في الزراعة، في 27 يوليو/تموز 2020، وفور اعتقاله أعلن إضرابه عن الطعام، وجرى تحويله لاحقاً إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر جرى تثبيتها. وكانت محاكم الاحتلال بدرجاتها، وتحديداً العليا، قد رفضت كافة الالتماسات التي تقدمت بها محاميته للمطالبة بالإفراج عنه.