الدولار يهدّد دواء اللبنانيين: شح وغلاء

22 ديسمبر 2022
شح العديد من الأدوية في الصيدليات (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

دخل القطاع الدوائي في لبنان مرحلة خطيرة، في ظلّ الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار الذي بات يهدّد استمرارية الصيدليات وشركات الأدوية، ما دفع نقيب الصيادلة جو سلوم إلى رفع الصوت عالياً تجاه المسؤولين لإيجاد الحلول الإنقاذية والتحذير من توقفٍ قسريٍّ في غضون أيامٍ.

وقال سلوم لـ"العربي الجديد" إنّ ارتفاع سعر صرف الدولار الذي تخطّى أمس عتبة الـ46 ألف ليرة لبنانية أدى إلى توقف شبه كامل عن تسليم الأدوية والحليب إلى الصيدليات، ما يؤدي إلى فقدانها تدريجياً، مشيراً إلى أن الشركات لا تستلم الكميات الكافية، وهناك مشكلات على صعيد الاستيراد، المعاناة كبيرة، المكاتب العملية تترك لبنان، والمصانع في تعثّر مستمرّ.

ولفت سلوم إلى أن المصانع الدوائية لم يعد بمقدورها الاستمرار وتسليم الأدوية إلى الصيدليات التي يقترب مخزونها من النفاد، ما يعني إقفالاً قسرياً وانهياراً حتمياً لكل القطاع الدوائي خلال أيام في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه بغياب الحلول الإنقاذية.

وتوجه سلوم إلى السياسيين في لبنان والمجتمع الدولي لإنقاذ المريض والقطاع الصحي، مشيراً إلى أن الإنقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، ووضع حدّ للشغور المستمرّ منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتأمين حدّ أدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي وإعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية ليبدأ مسار التعافي، ومباشرة الخطط التنفيذية، خصوصاً المتصلة بالقطاع الصحي الذي يجب أن يكون أولوية كون صحة اللبنانيين بخطر وعلى المحك.

وأشار نقيب الصيادلة إلى أن "التنسيق كامل مع وزارة الصحة التي تقوم بواجبها كما تفعل النقابة، لكن الحل شامل، مالياً واقتصادياً وسياسياً، وليس متعلقاً بوزارة أو نقابة، من هنا ضرورة خرق الجمود، وإنقاذ القطاع الذي يواجه أيضاً واقع تهريب الأدوية وتزويرها، ونقابة الصيادلة لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتلاعب بصحة المواطن" على حد تعبيره.

وأوضح سلوم أن المبلغ الذي أقرته الحكومة في اجتماعها الأخير لشراء أصناف من الأدوية، على رأسها السرطانية، لا يغطي أكثر من 40 في المائة من الحاجة، كما أنه لم يتم التطرق إلى القسم الأكبر من الأدوية، التي بغالبيتها لم تعد مدعومة، وطاولها الدولار الجمركي الجديد (أقرّ على 15 ألف ليرة لبنانية)، كما تتأثر أسعارها صعوداً مع مسار ارتفاع الدولار، وبالتالي، فإن المواطن لم يعد فقط يعاني من غلاء كبير في أسعار الأدوية بل أيضاً أصبح أمام خطر عدم قدرته على الوصول إليها وشرائها في ظل انقطاعها التدريجي.

من جهته، حذر النائب السابق، الرئيس الأسبق للجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي، من أنه "أمام الارتفاع المتكرر لأسعار الأدوية الوطنية والمستوردة والمستلزمات الطبية نتيجة الانهيار المخيف لليرة اللبنانية مقابل الدولار وجشع بعض المستوردين والمستودعات سنصل في القريب العاجل إلى استحالة شراء المرضى أدويتهم وتفاقم الأزمة الصحية"، مشدداً على أن الصحة أولوية وإلا البلد سينهار أكثر.

ولم يلمس القطاع الصحي في لبنان أي تحسّن رغم انعقاد مجلس الوزراء "استثنائياً" بينما الحكومة بهيئة تصريف الأعمال بذريعة إقرار بنودٍ ضرورية لا تحتمل التأجيل، على رأسها المتعلقة بصحة المواطنين.

لم يلمس القطاع الصحي في لبنان أي تحسّن رغم انعقاد مجلس الوزراء "استثنائياً" بينما الحكومة بهيئة تصريف الأعمال بذريعة إقرار بنودٍ ضرورية لا تحتمل التأجيل

ومن أبرز البنود التي أقرت في الجلسة التي عقدت يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري على وقع سجال سياسي حادّ ومقاطعة لبعض الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل: مشروع مرسوم يرمي إلى توزيع الاعتمادات المخصصة للمعالجة في المؤسسات العامة والخاصة على نفقة وزارة الصحة العامة، وطلب الموافقة على الطلب المقدم من مصرف لبنان لسداد مبلغ 35 مليون دولار شهرياً للأشهر الثلاثة المقبلة لزوم شراء الأدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية ومستلزمات طبية وحليب ومواد أولية لصناعة الدواء وذلك من حقوق السحب الخاصة.

وعلى مسافة أيام من الأعياد التي أدخلت السياسيين في عطلة رغم دقة المرحلة وخطورة الأزمة، يواجه اللبنانيون موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار السلع والمواد الغذائية ومختلف أصناف وأنواع البضائع، تعدّ بمثابة ضربة قاضية لقدرتهم الشرائية في ظل أولاً دخول الدولار الجمركي الجديد حيز التنفيذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول، والأخطر، الارتفاع السريع والجنوني لسعر صرف الدولار الذي يتخوف خبراء اقتصاد من تجاوزه خلال أيام قليلة حاجز الـ 50 ألف ليرة لبنانية.

المساهمون