يمكن أن يقال إن من خطف رزان زيتونة خطف الثورة، وخطف الصدى الصادق لأمل الأحرار لصالح أجندات غريبة، لا تشبه ذلك الحلم المولود على الأظافر المخلوعة لأطفال درعا، وعلى الحناجر الهادرة في دمشق وحماه وحلب والزبداني وكفرنبل.
تتجلى الخيانة بأبشع صورها في مشهد من الكوميديا السوداء، حيث يتحالف الروس والإيرانيون والإسرائيليون، وينسقون الحركة الجوية لعبور القصف اليومي في سورية، بينما تقصف قوى التحالف، من طرف آخر، مواقع لداعش، بينما يتمدد التنظيم الإرهابي، ويقوى بدل أن يضعف.
لم تكن رؤية تمثال حافظ الأسد في السويداء مرمياً على الأرض وحدها ما أسعدني، بل أيضاً يده المكسورة التي كانت دائماً تهدّد السوريين، وتوحي بالفوقيّة والحكم الأبدي، وهذا يعني، في مفارقة طريفة، أن المطعم المقابل للتمثال فقد زبوناً دائم الطلب
لا يريد السوريون أن يهاجروا، وإنما أن يعيشوا بكرامةٍ في بلدهم، وهذا حق لهم، يجب أن يحصلوا عليه بإنهاء القتل اليومي في سورية، وبالتزام المجتمع الدولي بمسؤولياته، بتطبيق بيان جنيف، والانتقال إلى دولة ديمقراطية.
في ذكرى مجزرة الكيماوي، نتلمس، نحن السوريين، أنفاسنا، لنتأكد من أننا ما زلنا نتنفس، كما نبحث في وجدان الشعوب عن كل تلك القيم والمبادئ الإنسانية، المرتبطة بالعدالة والحق والحريات.
هي وصمة عار وصفعة كبرى على وجه الإنسانية، وانتهاك سافر لقيم الحرية والعدالة والديموقراطية، خصوصاً حين تكون تلك الصفعة نتاج سياسات خاطئة، مارسها المجتمع الدولي في منطقتنا للأسف.
لم يكن ما قاله الأسد أخيراً مفاجئاً، لأنه اختار، منذ البداية، أن تكون معركته ضد الشعب السوري الثائر معركة وجود، وهو ما يعني أنه مستعد للإمعان في قتل السوريين، بل واستبدالهم بشعب آخر ينتمي لشيء واحد، هو بشار الأسد.
إنها ساعة الحقيقة، وإن موقفاً أخلاقياً يجب أن يوحّد كل السوريين في وجه من يقترفون الجرائم بحق الأبرياء، وسيكون أولهم النظام المجرم، وليس آخرهم تنظيم داعش الإرهابي.
لن تقبل السوريات اللواتي افتتحت أسلافهن، في عشرينيات القرن الماضي، الصالونات الأدبية، وشاركن في الحركة السياسية والثقافية السورية، وفي تأسيس الأحزاب، أن يصبحن لقمة سائغة لنظام الأسد، أو لأي طرف يريد أن يضعهن في قمقم ويكمم أفواههن، وينتقص من حقوقهن.