في الحياة الإنسانية اليومية، يسير خط الزمن كالسهم في اتجاه واحد، بدون تماثل هندسي بين الماضي والمستقبل. من الأول نحو الثاني، وليس في الاتجاه المعاكس. فيما يتماثل الماضي والمستقبل في زمن الرياضيات
إعجابٌ تقديسي في القاعة، بشكلٍ آلي. ومع ذلك، ليس لشعوبنا أرشيفات مدنية تنقل لنا سلسلة أنسابنا، بدءاً من الجد الرابع أو الخامس أحياناً، وبشكل موثّق ومؤكد.
منبع الرغبة غالبًا، في مثلث جيرار، هو تقليد رغبة الآخر وليس موضوع رغبته. فنظرة إنسانٍ ما "سين" الإعجابية بموضوع ما "صاد"، بإمكانها إثارة رغبات إنسان آخر "نون".
وما عصر "النسخ والإلصاق" على الناشر الإلكتروني في الكمبيوتر، الذي عرفه الإنسان قبل عقود، إلا ما يشبه العصر الحجري أمام ما ينتظرنا من إنجازات تكنولوجية، تحوّل الخيال، من دون عوائق ماديّة، إلى حقيقة ملموسة.
غنيٌّ عن الذكر أن صاحب "صخرة طانيوس" و"سمرقند"، و"ليون الأفريقي" جسرٌ يربط الشرق بالغرب بمؤلفاته الروائية الخالدة. غير أنه في كتابه الأخير وجد مواده الخام الأثيرة جميعها معاً، ليفجر كل مواهبه دفعة واحدة.
لتعميق دور العلم في واقعنا العربي، وتحويل حياتنا، إلى عيد علم بهيج على باحثينا الخوض في السؤال الجذري: كيف نسرّب العلم لدحرجة مسلّمات ما قبل الحداثة، التي جمّدتنا في "نقطة ثابتة" هي أهمّ أسباب التقوقع الحضاري والتدمير الذاتي لدينا؟
اللون ظاهرة فيزيائية بالتأكيد، وإداركية أيضاً: تتولى مناطق الدماغ البصرية تحليله، ونافذتها: العين. لكنه أيضاً "تركيب ثقافي معقد"، كما يقول ميشيل باستورو (Michel Pastoureau) في نصه عن تاريخ الألوان.
التعلّم أحد أهمِّ أركان الذكاء، فقد استطاع الذكاء الاصطناعي هزيمة ذكاء الإنسان عشيّة "أسبوع الدماغ" عام 2016 في مباراة الغو، محققاً هذه المقولة التي ترفرف في كل بيتٍ منها كلمة "التعلّم":
"أعلمهُ" الرماية كلّ يومٍ/ فلمّا اشتدّ ساعده رماني"
تساءلتُ: ماذا "سأُمَرِّر" من أفكار في الحوار؟
آه، بضاعتي المفضَّلة لم تتغير: بيع التساؤلات والدهشة والنقد والرفض، والترويج لحبّ القراءة وممارسة الإبداع. يكفيني أن أحفزهن على ذلك.
هدف المتطوِّعين: إنقاذُ "سفن الموت" وهي تتشقّق وتتحطّمُ بين الأمواج، وعليها لاجئون مرتصّون كأعواد الثقاب، يفوق عددهم 4 أضعاف الحدّ المسموح الأعلى، تصلّبت أرجلهم لعدم المقدرة على السير خطوةٍ واحدة وسط الاكتظاظ، حتى لقضاء حاجة!
وجدتُ نفسي في مدينة هوشي منه (سايغون سابقاً) على هامش مهمة عمل، في يوم 7 فبراير الذي بدأتْ فيه السنة الصينية، وانتقلَ فيه التقويم من "عام العنزة" إلى "عام القرد" ذي الأهمية الكبيرة هناك، مثل "عام الحصان" و"عام التنين".
لم يعد يمكن اليوم فهم غزوات داعش، وسهولة اجتياحها للموصل مثلاً، من دون نظرية ابن خلدون: أعطني كميّة معينة من العصبية، مضروبة بدرجةٍ معينة من الانضمام العقائدي لدعوة، أعطيك غزوة ناجحة!
ثمة ضرورة عاجلة قصوى في الاستفادة عربيًا من أبرز التجارب العالمية في مجال التعليم الحديث، للخروج من أزمتنا الحضارية، وبشكلٍ خاص من آخر صرخات تقديم المعرفة النموذجية: "المووك".
الأرقام الأوليّة حتّى الآن، تشهد ما لم يعرفه تاريخ الإرهاب قبل اليوم: مئات الخزّانات النفطية والغازية تشتعل حاليًا، كل مستشفيات أميركا عاجزة عن استقبال الموتى والمصابين.
لكني لم أشتر كتاباً جديداً لكاتب معاصر على الكندل إلا مرّتين! ربما لأني ما زلت أعتقد، خطأً، أن الكتاب لن يكون ملكي إلا إذا كان بين يدي لحماً وشحماً، أي: غلافاً وورقاً.
يستحق كتاب باديو، لأهميته وعمقه التقديم هنا، لا سيّما أن نتائج الدراسات الميكروسكوبية لسياق وبيئة وحياة الشباب الأوروبي الذي سافر إلى تركيا ومنها إلى داعش، تتفق مع تحليله
صار كثير من أبناء هذا الجيل، الذي التصقت عيونه بالشاشات منذ أكثر من عقدين، يعزف عن قراءة الورق، كما لو كانت عادة سحيقة مارسها الأجداد الصالحون في زمن هوموإيبيليس. قراءة النص الورقي تتعبهم، لم تعد متكيّفة مع أعينهم وأدمغتهم.
لم يتغيّر شيء: "الطفشُ" الوجوديّ الذي لم يعرف له الإنسان حلّاً من أزل الآزلين أقوى من هذا السلاح الجديد: الصور السِّلفية. أما السرد والبوح والدهشة فتظلُّ أنجح نسبيّاً، كما يبدو.
منذ شرائه، يرتبط بهلول عبر شبكات الوايفاي بكمبيوترات المستشفى، يرسل لها الأرقام التي يقرأها من الأجهزة الإلكترونية المرتبطة بقلبي ورئتيّ ودماغي، ويحلّل معها تطوراتي الصحيّة كلّ يوم.
كلمة "وطن" فهي بالنسبة لي: لا ماديّة، روحيّة خالصة، هوائية ساحرة، أُفَضِّلُ تعريفَها من وحي مقولة كامو "وطني اللغة الفرنسية": "وطن المرء لغتُه". فاللغة وعاء التفكير والثقافة والتاريخ والمشاعر. هي وطن الإنسان بامتياز.
أغرا، مدينة "تاج محل"، الهند. الثامنة صباح 21 أكتوبر/تشرين الأوّل 2015.
كنتُ واقفاً في ركن شارع شعبي، أحدّق في منظر يتكرّر بشكل أو بآخر في كل شوارع الهند، لعلّه أدقّ وأفضل ما يلخصها
اللغة والتفكير ثنائيّ تربطه علاقة فيزيولوجية محفورة في سيليسيوم الدماغ، يمكن تشبيهها بالطوبات التي تُبنى بها العمارة، والتفكير بالأرضية والفضاء الذي تحتلّه.
بدأت الحاجة إلى لغةٍ أنسنت الإنسان وطوّرت دماغه، عندما طردَتْ التغيّرات البيئيّة الإنسان من "جنّته" السماويّة في أعالي الأشجار، إلى أديم السافانا الأفريقية إثر تغيرات جيولوجية
إذا رأيتَ يوماً منظراً بانورامياً لطوابير طولها عشرات الكيلومترات من سيارات مرصوصة لا تتقدّم أو تتأخر مدة ساعات، أو إذا عشت هذا الجحيم مرّة واحدة على تخوم المدن الكبرى أو عند ساعات انتهاء الدوام، فستكرهُ حياتك وتشعر بالتعاسة والنرفزة والنكد
ف.د. رجل دولة، كثيف الحاجبين، ذو لغةٍ انسيابية لذيذةٍ ماكرة. يغوص في مقلتيك عند الحديث معك. رجلٌ "بدقّة مفتّشِ ضرائب، ونفَس عدّاء مسافاتٍ طويلة"، كما يصفه زملاؤه. خريج أرقى كليّات الإدارة، وراءه نصف قرنٍ من التجارب.
قبل أسابيع، كنت أبحرُ على الإنترنت في مواقعِ متاحف مدينةٍ أوروبية يلزمني زيارتُها للعمل. قبل نهاية إبحاري الذي دام طويلاً، استلمتُ إيميلات بعروضٍ لأسعار تذاكرِ سفرٍ لتلك المدينة، وآخر بعروضٍ لفنادق فيها قريبةٍ من تلك المتاحف.
كيف تتشكّل الأساطير وتتطوّر، ولماذا تصمد بعضها وتردّد من جيل لجيل؟ سؤالٌ لطالما استعمرني، واستحضرته خلال زيارة مدهشة لبحيرة سفيتلايور، على بعد 130 كيلومترًا من نيغني نوفغورد (غوركي سابقًا)، العاصمة الثالثة لروسيا.
رحلةٌ مشحونةٌ بالتاريخ المُعتّقِ والعِبر الكثيفة، قمتُ بها في يناير 1985، لا تغادر ذاكرتي. ربما لأنها مزيجٌ تتضارب فيه، في الوقت نفسه، الأمزجةُ الجيوسياسية والمناخية القاهِرة بالمفاجآت السريالية الإنسانية المؤثرة، القرفُ بالدهشة.
ماذا تعرف عن مدينة نيجني نوفغورود: العاصمة الثالثة لروسيا، كما يسميها الروس؟ لا شيء إطلاقاً! طبيعيٌّ ذلك: كانت ممنوعةً على الأجانب حتى سقوط الاتحاد السوفييتي.
طريقي إلى كمبوديا انطلق تسكّعاً من جنوب فيتنام، باتجاه دلتا نهر الميكونج.
لم أزر كمبوديا بغية عطر العود الكمبودي فقط، الذي يتجاوز الإقبال عليه العطورات الغربية، في أعياد بعض الدول العربية، ولا معابد إقليم إنكور الشهيرة فقط
أفينيون مدينةٌ طوباويّةٌ حقيقية طوال شهر واحدٍ من كلّ عامٍ على الأقل: لعلَّها خلال ذلك الشهر أفضل ما صنعه الإنسان للاقتراب من "المدينة الفاضلة، يوتوبيا، التي تخيّلها أفلاطون، واستلهمها توماس مور في كتاب يحمل الاسم نفسه.
بين شكسبير وعالَمِنا المعاصر علاقةٌ عضويةٌ جذريةٌ مثيرة. لا يوجد شعبٌ لا يحاول "تأميمَ" شكسبير بشكلٍ أو بآخر.
يقول الفرنسيون مثلاً إنهم أقرب إليه من الإنجليز: لا تتوقّف في فرنسا إعادة ترجمة شكسبير وتحليله ودراسته والاستلهام منه وإخراج مسرحياته.
ستنتهي الحضارة البشرية يوماً ما بالتأكيد، ولن يكون موعد نهايتها وفقًا للتقويمات الزمنية للمنجّمين، كأصحاب حضارة المايا الذين حدّدوه في 21/12/2012، إذ إن مواعيد العلماء مختلفة
سأكشف سرّ هذا المقال من مستهلِّه: دُهِشتُ عندما لاحظتُ ذات يوم أن 27 ديسمبر هو، في الآن نفسه، عيد ميلاد أبي العلاء وذكرى وفاة المتنبي: ففي 27 ديسمبر عام 965، قُتِل المتنبي وسيفه بيدِه، وهو يتعرّضُ مع قافلته لهجومٍ غادر.
في ضوء مقالٍ علميٍّ نُشِر في 19 حزيران/ يونيو 2015، في مجلة "Science Advances"، لباحثِين أميركيين من جامعات ستانفورد وبركلي وبرينستون: دخلت البشرية عصر "الانطفاء السادس".
في كل قطارٍ أعبرُ فيه الريف الفرنسي، منذ يوم وصولي للدراسة قبل بضعة عقود، يستحوذُ على ناظري منظرُ البقر الفرنسية وهي تستلقي بسدر وخمول في الحقول المترامية. تجترّ غذاءَها بهدوء، تحملق بالقطارات التي تعبر قربها بعدم اكتراث
من لم يدرك أننا نعيشُ اليوم في حضارةٍ إنسانيةٍ جديدة، يهيمن عليها عملاقٌ ذو أربعة رؤوس، يُطلق عليه غافا: غوغل، وآبل، وفيسبوك، وأمازون؟ يُقضِّي إنسانُ اليوم أكثر من متوسط نصف وقته الرقمي داخل الفضاءات الأربعة لهذا العملاق.
احتمال انقراض النحل من المعمورة خبرٌ جدّ مريع، أشبه بِـ"علامات الساعة"، إذ يعيد إلى الذهن نبوءةَ آينشتاين الشهيرة: "إذا اختفى النحل من سطح الأرض، فلن تعيش الإنسانية أكثر من 4 سنوات بعد ذلك: لا نحل،لا تلقيح،لا نبات،لا حيوانات، لا إنسان".
كشفَتْ الملاحم والأساطير، كالإلياذة والأوديسة وجلجامش ومهابهاراتا، قبل آلاف السنين، خارطةَ الطبيعةِ الإنسانية أيّما كشف. هذه الطبيعةُ التي تشكّلت خلال ملايين السنين من التطوّر الدارويني، لِنرِثَها أباً عن جد، قد لا تتغيّر ربّما إلا بعد مئات آلاف السنين
حدّثني عن "أوّل كتاب" هزّك هزّاً، سألتني. ماذا أختار؟ روايةٌ مترجمة للعربية وجدتُها وأنا في الرابعة عشرة، في محل بائع كتب مفروشة في ضواحي عدَن، لم أنس اسمه البديع: الحاج السماوي، رغم وفاته بعد ذلك بقليل.
الذي يثير تساؤلات مقلقة حول غرابة العلاقة العائلية بين المتكلِّم وأمِّه. غير أن سرّه ينكشف بسهولة حال كتابته. إذ تُكتب كلمته الأخيرة: "ولد تُها!" وليس "ولدتُها!"، لِيبدو جليّاً أن اسم القاضي: تُها، وأن السائل ابنه، والأم زوجة القاضي.
لتأسيس المعاجم التاريخية عبر استخدام برمجيات الحاسوبات اللغوية، يكفي البحث الآلي عن أقدم نصٍّ في بنك اللغة ظهرت فيه كلّ كلمة. يعطي ذلك غالباً موعد ولادتها التقريبي، أو محطّةً من محطّات سلسلة حيواتها.
ما إن يردّ الشاعر حتّى يقوده زهير في أفياء الوادي الساحر نحو ديار وقصور تابعِ من يصبو لرؤيته، أو إلى حارات يجتمع فيها ويثرثر مع صحبٍ لهُ من توابع أدباء العرب.
لم أشعرْ في حياتي بانقباضٍ أكثر بعد أوَّلِ خطوة على هذا الجسر المترنِّحِ في الفضاء. زاد هلعي بشكلٍ لا يطاق وأنا أشعرُ الجسر يهتزُّ تحت رجلي مع كلِّ خطوة. فكَّرْتُ بالتوقُّفِ والعودةِ إلى الخلف.
طُبِعت عشرات آلاف الكتب الدينية أوّلاً، ثم كتب معرفية مختلفة، لا سيّما كتاب "العناصر" لإقليدس. وارتفع حينها بشكلٍ ملحوظ مستوى التنمية البشرية في المدن التي انتشرت فيها المطابع...
حاكم فلسطين الذي عيّنه الإمبراطور البيزنطي، وممثلون عن فارس وبيزنطة. هكذا رسم أبرهة لمملكته دورًا إقليميًا طليعيًا يستغلّ موازين القوى الجيوسياسية لصالحها
لم يمر أسبوع، منذ أكثر من ٣٠ عاماً، من دون أن أتذكّر ف.ج.، لاسيّما عندما كنتُ أمرّ قرب محطة مترو باريسية لها اسمٌ شبيهٌ باسمه! أتذكّره أيضاً كلّ مرّة أسمع فيها كلمة "بوهيمي"، أو كلمة "جِيك".