وزيرة المرأة التونسية: عن أي مساواة يتحدثون؟

07 مارس 2015
+ الخط -



غياب المرأة عن مواقع القرار، وتعديل إجازة الأمومة ومراجعة رياض الأطفال بما يضمن سلامة الأجيال القادمة، والعنف المسلط على المرأة، وإنشاء مراكز لإيواء النساء المعنفات. بعض النقاط التي تطرقت إليها الدكتورة سميرة مرعي فريعة، وزيرة المرأة التونسية في حكومة الحبيب الصيد، في حوار خاص مع "العربي الجديد".

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كيف تقيمين واقع المرأة في تونس؟

عندما نتأمل وضع المرأة، نلاحظ وجود تناقض بين مكانتها في المجتمع وبين ما يوجد في التشريعات والنصوص القانونية، المرأة موجودة في أغلب القطاعات، وتتمتع بكفاءة عالية وتقريبا لدينا 62 في المائة من الطلاب، فتيات، ولكن للأسف، هن غير موجودات على الساحة وفي مراكز القرار السياسي.

وبرغم أننا نعتز بالمكتسبات التي تحققت سابقا وبالمكتسبات الموجودة في الدستور، ورغم أنه لدينا 31 في المائة من النساء في مجلس نواب الشعب، وأعضاء في الحكومة، ولكن هذه الإنجازات، لا تزال دون المأمول.

هناك أشياء مخفية لأن نسبة المرأة الناشطة تقدر بـ25 في المائة فقط، مما يعني أن المرأة تدرس لتبقى في البيت، وهي مجبرة على ذلك، لأن البطالة عند الفتيات ضعف الذكور. نحن نتحدث عن المساواة بين المرأة والرجل، ولكن على أرض الواقع لا توجد مساواة، ويظهر ذلك أكثر في محافظات الجنوب، حيث المرأة المتعلمة لا تعمل.

هل نالت المرأة التونسية حظها، فيما يتعلق بشغل مواقع القرار؟

للأسف لا، ولو نالت المرأة حظها في مواقع القرار، لربما كان وضعها أفضل مما هو عليه الآن، ولقد بينت أغلب الدراسات أن المرأة عندما تكون موجودة في مواقع القرار يقل الفقر وتنقص المشاكل الإجتماعية، فأغلب البلدان المتطورة كالنرويج والدنمارك، حققت قفزة في التعليم وفي الصحة، لأن المرأة هي التي كانت في مواقع القرار.

ونحن نلاحظ أيضا أن المؤسسات لا تشغل النساء بالنسق المطلوب، والمرأة لا تجد التشجيع الكافي لبعث مؤسسات خاصة، فنسبة النساء صاحبات المؤسسات ضعيفة جدا، وهي ما بين 10 و12 في المائة، لأن ثقافة بعث المؤسسة غير موجودة لدى المرأة، وربما هناك أسباب أخرى تتعلق بالتسهيلات، لأن حظوظ الرجل أوفر من المرأة، وخاصة في الجنوب إذ نجد أن بطالة صاحبات الشهادات العليا تفوق 50 في المائة، أي أن هناك امرأة من اثنتين عاطلة عن العمل في الجنوب التونسي.


ماذا عن الاضطهاد والعنف المسلط على المرأة؟

هذا الملف سيكون من أولوياتنا، سنهتم بالعنف المسلط على المرأة، لأن النسب في ارتفاع، وجميع أنواع العنف اللفظي والجنسي والمادي والسياسي تمارس على المرأة، وللأسف المرأة في الريف لا يمكنها أن ترفض العنف المسلط عليها، ولا يوجد حتى مراكز إيواء لاستقبال النساء المعنفات.

نحتاج إلى عمل تشاركي كبير مع المجتمع المدني، وإلى الإعلام في هذا المجال، للنهوض بالمحيط الأسري وإلى إصلاحات قانونية، إذ لا توجد عناية بالمرأة المعنفة.

بم تفسرين ارتفاع نسبة الطلاق في تونس؟

يجب أن ننظر إلى ظاهرة الطلاق من الناحية السوسيولوجية، لأن التعليم في تونس ينقصه الكثير من الأشياء، فنحن ندرّس، ولكن لا نعلّم ثقافة الحياة، والحياة تتضمن عدة جوانب، ومنها تحمّل المسؤولية، فالزواج لا يتم إلا عندما يكون الشخص قادرا على تحمل المسؤولية، وأغلب حالات الطلاق نجدها عند الفتيات اللاتي في مقتبل العمر، واللاتي يفتقدن إلى الإحاطة الاجتماعية، كما أن هناك أسبابا اقتصادية، فبسبب غلاء المعيشة تعيش الزوجة عند أهلها والزوج عند أهله، وذلك بسبب قلة الإمكانات المادية وغياب الموارد المالية.

تواترت أخيراً حوادث انتحار الأطفال. ما الذي يجعل هذه الظاهرة تتفاقم؟

هي ظاهرة خطيرة، ولهذا السبب تكونت لجنة من وزارة الصحة، وشاركنا فيها، حاليا ليس لدينا أرقام دقيقة توثق لحالات انتحار الأطفال، ولكن الخطير هو طريقة الانتحار، وهي طرق عنيفة كالشنق، وعادة الطفل لا يعرف مثل هذه الطرق، وهناك من نجوا، وهم لا يعرفون خطورة أو معنى ما أقدموا عليه، وكأن الطفل يريد أن يعبر عن غضبه من والديه أو يحاول تقليد الكبار بمثل هذه السلوكيات.

ماهي الخطة التي ستعتمدونها لمراقبة رياض الأطفال والكتاتيب العشوائية؟

وضعت ضمن أولوياتي كوزيرة مراجعة المنظومة القانونية لرياض الأطفال، ولدينا لجان تعمل على مراجعة كراس الشروط، فنحن ندرس حاليا منهاجا بيداغوجيا لرياض الأطفال، أي منهج عمل مشترك وسنحدد من خلاله العقوبات على المخالفين، وفيما يتعلق بالكتاتيب نعمل على قانون إطاري تنظيمي، فاليوم وفي ظل القوانين الحالية من يفتح روضة غير قانونية أقصى عقوبة تسلط عليه هي الغلق، وبعد غلقها يفتح أخرى.

هل تفكرون في مراجعة مجلة الأحوال الشخصية؟

قضينا أربعة أسابيع من العمل في الوزارة، وندرس حاليا مشروع قانون حول العنف، وما يخيفنا أكثر هو عندما يكون هناك قانون ولا يطبق، فنحن بقينا ثلاث سنوات في مجلس نواب الشعب لتكريس دولة القانون، وعندما نقول قانون، فهذا يعني احترام القضاء، فمثلا من يتبجح بالزواج العرفي فإن النيابة تتحرك والقضاء يعاقبه بالعقوبات المناسبة، وبالتالي لدينا قوانين جيدة ولكن هناك أخرى تحتاج إلى تعديلات.


هل من حديث عن تعديل إجازة الأمومة؟

هذا الموضوع مطروح على طاولة الدراسة، ولكنه لا يندرج ضمن الأولويات، فالهدف هو الإحاطة بالأسرة من جميع النواحي الإجتماعية والثقافية. ووزارة المرأة لا تعمل بمفردها، بل بالشراكة مع وزارات أخرى. نريد التنبيه إلى أهمية الطفولة والأسرة ضمن إستراتيجية واضحة.

كيف تقيمين واقع المرأة العربية؟

هناك تقدم كبير بالنسبة للمرأة العربية على مستوى الحقوق والمكتسبات، واليوم نريد النهوض أكثر بالمرأة، فمكانتها محفوظة، في الحقيقة هناك الكثير من الخطوات التي لم تعد مجرد شعارات بل تحولت إلى واقع، واليوم لم نعد بحاجة إلى اثبات حقوق المرأة لأن النمط المجتمعي الذي نؤمن به ثابت، ولا يحتاج الى تغيير.

كنت في المجلس التأسيسي (مجلس نواب الشعب حاليا)، وكان يتملكني الخوف من أن يحاسبني أحفادي عن قوانين تعود بهم إلى الوراء، والحمد لله، على الرغم من أن الفترة كانت صعبة إلا أنني راضية، عما تحقق على الأقل بالنسبة للدستور.