عودوا إلى برلمانكم

12 سبتمبر 2015

من دعايات الحملة الانتخابية في مصر في 2015 (أ.ف.ب)

+ الخط -
العودة إلى برلمان الحزب الوطني بطعم شطة 30 – 6، هو الهمّ الحالي للإعلام المصري الآن، فالسادات، وهو رئيس حزب، قال أمس: (نواب الحزب الوطني عائدون بقوة في البرلمان). ومجاور، وهو آخر رئيس اتحاد عمالي في عهد حسني مبارك، قدم أوراق ترشحه للبرلمان، وشبه اعتذار رسمي من ساويرس للحزب الوطني، وكأن ساويرس هو أحمد عز البرلمان المقبل. وعلى لسان ساويرس نفسه، أعلن من يومين أن (الـ200 مرشح لحزبه، مائة منهم من قيادات الحزب الوطني المنحل)، ودخلت على الخط مؤرّخة أسرة محمد علي، دكتورة لميس جابر، وقالت بلا مواربة: (ابحثوا عن مرشح الحزب الوطني الديمقراطي القديم وادّولوا، عشان مش عاوزين ندخل في متاهات تاني)، وقد ذكر ساويرس (أن عائلات الوطني أصحاب النفوذ في بلدانهم، ولا يحتاجون لأي عون مادي، جعلناهم مباشرة في قوائمنا من الـ100، والذين من الحزب نفسه. ولكن، لا يمتلكون فلوس الدعاية، قمنا ناحيتهم بالواجب، وليس هناك من خيار آخر). 
إذن، لماذا قامت ثورة 30 -6 إذا كان ليس لدى رموزها من خيار آخر سوى الاستعانة بمائة عضو من الوطني المنحل داخل حزب واحد، هو حزب المصريين الأحرار؟ ستكون الإجابة طبعاً مضحكة، لأن من قام بـ30 – 6 هو الحزب الوطني نفسه، مع رجال الأعمال والأجنحة الأمنية والمخابراتية، والدليل أن ميدان التحرير كان، في القلب منه، يداً بيد العيسوي وزير الداخلية السابق مع وزير الداخلية، محمد إبراهيم، مع وزير الداخلية، أحمد جمال الدين، وبجوارهم نجل علي عبدالله صالح (رئيس جهاز مخابراتي سابق)، فهل كل ذلك محض مصادفة؟.
والآن، وقد اكتمل العقد وتناغمت حباته، أو على رأي الأغنية: (يا أمّا اعملي معروف معدش فيها كسوف، يا أمّا أرد الباب؟ يا أما؟ ولا أناديله؟)، فرئيس الجمهورية هو مدير مخابرات مبارك الذي اختاره على عينه، ورئيس الوزراء هو إبراهيم محلب (الذي نفّذ قصور مبارك وأولاده في شرم الشيخ) في أثناء إدارته (المقاولين العرب) في أيام مبارك. والمواطنون الشرفاء من السيدة زينب قاموا بالواجب من أسبوع (والله العظيم) مع ابن دائرتهم، فتحي سرور، لكي يجبروه (بالمحبة طبعاً) على رئاسة مجلس الشعب المقبل مرة أخرى (شوفوا الكرم). لكن الرجل حيّا المواطنين الشرفاء من شرفته، قائلاً لهم ومعتذراً، إنه قد تفرّغ تماماً لحياته العلمية، تاركاً الساحة لمن هم أولى منه وأكثر شباباً، (شوفوا التعفف عن المناصب؟).
وبذلك، لم يعد سوى أعضاء البرلمان أنفسهم، واختيارهم على الفرّازة، كما تقول أعتى الديمقراطيات، ونحن نستلهم الديمقراطية من المنبع، وليس المصبّ طبعاً، وبعد جدالات ومناورات، لم تجد سلطة تسيير الأمور سوى العودة إلى أعضاء الحزب الوطني المنحل، وكأن كل نظام مبارك قد عاد ثانية، بكامل كرمه وبرلمانه، بالتمام والكمال، فهل هذا هو كل ما خططت له 30 – 6؟ الإجابة التي لا تحتاج إلى أي تأويل طبعاً: (نعم). إذن عودوا إلى برلمانكم على بركة الله.
بدورنا، نهدي باكورة أعمال هذه الدورة البرلمانية إلى كل من أشعل 30 – 6 بوقود أفكاره الثورية من أمام قصر الاتحادية، أو من ميدان التحرير، مثل ناصر أمين ووائل عبد الفتاح ومحمد البرادعي وحمدين صباحي والدكتور عمار علي حسن (بعد أن قدم لـ30 -6 كامل عدتها وعتادها الاستراتيجي) وعبدالحليم قنديل... إلخ إلخ. ونفضّل، أيضاً، أن يكون لحن افتتاح أول دورات هذا البرلمان (سيكون في يناير حتماً)، ومن غير المستبعد أن يكون في الخامس والعشرين منه، نكايةً في الثورة والشهداء، بشرط أن يكون الافتتاح على لحن: (تسلم الأيادي)، وهو، للعلم، من اختيار المستشار مرتضى منصور، ومن صلب بنات أفكاره.
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري