شرف النادي الأهلي

11 يناير 2018

مشجعو نادي الأهلي في الاسكندرية (28/10/2017/Getty)

+ الخط -
كان عبد الفتاح السيسي يعلم، تمام العلم، أن تفريطه في جزيرتي تيران وصنافير ما هو إلا "زكيبتين" من الدولارات السعودية، تمدّ في أجله على كرسي مغتصب سنة أو سنتين أو أكثر، فلماذا يعود الآن طلعت حرب ثانية إلى بنوك مصر ومشاريعها (كشرف رمزي مندثر)، في إعلانات محطات المترو بجوار إعلانات الشيبس والشيكولاتة؟ هل لكي يعمل سمسار عقارات في جدة؟ أم لكي يحمل حقيبة محمود الخطيب وعقودها، كي يسلم شرف النادي الأهلي (الرمزي) إلى آل الشيخ في السعودية مقابل دولارات المملكة؟ الجسد الرياضي المصري امتلأ عن آخره بدمامل السياسة وقيحها وصديدها، بلا مواربة أو خجل، والكل يعمل على قدم وساق، من شوبير مرورا بخالد الغندور وعزمي مجاهد (شتّاما) ومرتضى منصور.
كان شرف النادي الأهلي (الرمزي) وما زال يحيّرهم، منذ بداية الثورة التي اشترك فيها الألتراس. حاولوا كسر شوكة الناديين بمذبحتين في بور سعيد واستاد الدفاع الجوي، وما زال الخوف سيد الموقف في الخوف من عودة جماهير الناديين من سنواتٍ إلى فضاء الملاعب بشكل طبيعي من المؤازرة، بدلا من أن تتم من داخل البيوت استمناءً كرويا (وخلاص). هل انتقلت كرامة الثورة المغدورة إلى كرامة المشجعين؟ ألم تنفع مذبحتان في تأديب جماهير (لا هي بالفعل إخوانية ولا سلفية ولا برهامية ولا صوفية ولا أزهرية ولا كنسية؟)، بل هم أناس عاديون جدا من الزمالك والمهندسين والجامعة الأميركية والألمانية والكندية، ومن بولاق أبو العلا والإسكندرية وعمال مقاهٍ وكافيهات في السبتية، وأسواق الجُمع وبولاق الدكرور، ولا هم أحفاد نوادي الترسانة، نسبة إلى الترسانة البحرية، بعدما تحولت ترسانتنا إلى مراكب عائمة في انتظار السياحة التي لا تأتي، ولا هم أحفاد نوادي السكة الحديد، بعدما لم يعد هناك نادي سكة حديد، ولا حتى قطارات، ولا حتى قضبان، بعدما تمت سرقتها وبيعها خردة (سكة سفاجة مثالا)، ولا حتى أحفاد نادي غزل المحلة، بعدما لم يعد هناك من غزل ولا نسيج. فما العمل؟ وما لزوم عودة طلعت حرب؟ وما لزوم بيع شرف النادي الأهلي الرمزي لآل الشيخ في السعودية نظير حفنة من الدولارات؟
الغريب أن هذه الجماهير، غير المسيّسة، حينما وجدت نفسها في فضاء كوني حر في برج العرب، بعيدا عن طلقات القناصة، هتفت للقدس، وهزّ هتافها استاد برج العرب من يومين في التوقيت نفسه الذي كان يعدّ فيه محمود الخطيب صفقة بيع (شرف النادي الأهلي الرمزي) لآل الشيخ في السعودية نظير حفنة من الدولارات.
هل ما زالت الكرامة المصرية تتلاعب برؤوس من يطنطن بها، كالأزهر والمساجد والكنائس واليسار والنخبة الذين ينتظرون جميعا فتات السلطة، وتعطّفها عليهم، أو حتى العلاج في مستشفيات قواتها المسلحة (شرفا رمزيا أخيرا). ويا حبذا لو كان في مستشفى المعادي. ويا حبذا لو كان في جوار غرفة حسني مبارك الذي كرهوه قرابة ثلاثين سنة، هل ما زالت هذه الطنطنة الوطنية قائمةً بعد بيع شرف النادي الجماهيري للسعودية بالدولارات؟ وها هي سوسكا (سهير البابلي) تعود وهي في الثمانين قائلة: (هاتولي حتى شراب مبارك المعفن).
فلماذا يعود طلعت حرب في مثل هذه الأيام؟ هل ليبيع الهرم، كما أشاعوا ذلك عن محمد مرسي؟ طلعت حرب يعرف جيدا أن الأهرام لا تباع أبداً ولا تشترى، لأنها غير متماسّة مع المياه الإقليمية للسعودية لا من قريب أو بعيد، وبذلك يجد السيد الدكتور مفيد شهاب الدين حرجا كبيرا في الوثائق، إلى أن أقسم له المذيع أحمد موسى بالطلاق ثلاث مرات، على الهواء مباشرة، بأن وثائق سعودية الهرم عنده في قريته (شطورة)، بعدما اشتراها من عالم هندي من سنتين.
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري