حصاد الربيع... قطر تحشد العالم لدعم ديموقراطية تونس

30 نوفمبر 2016
+ الخط -
يدخل مؤتمر الاستثمار الدولي يومه الثاني، حاملاً رهانات اقتصادية واجتماعية كبيرة تنتظرها تونس كفرصة تاريخية حقيقية لعلها تكون الأخيرة لإنقاذ وضعها المالي المتردي، غير أن المؤشرات الأولية بشأن الدعم الذي حصلت عليه خلال المؤتمر الذي حشدت إليه دولة قطر، حكومات وكيانات اقتصادية مهمة، تثير تفاؤل الحكومة التونسية.
ولا يتعلق الرهان الأكبر الذي يقدمه هذا المؤتمر بتونس وحدها، وإنما بمحيطها الأوروبي والعربي أولاً، والدولي ثانياً، حول ما إذا كان العالم ينوي الاستثمار في الديمقراطية فعلاً، بشكل يتجاوز الشعارات التي ظلت تونس تسمعها منذ اندلاع ثورتها في نهاية 2010.

وحضر المؤتمر قرابة 2000 من الضيوف، بحسب المنظّمين، يمثلون 14 بعثة من الأمم المتحدة وحكومات أجنبية بجانب ممثلين عن مصارف عالمية ورجال أعمال.

قطر تقود القافلة
وتشير وقائع المؤتمر الذي لا يزال منعقدا، إلى أن الدعم المالي الأكبر، والعزيمة السياسية الأوضح، جاءت من دولة قطر التي قدمت مبادرة ورعاية لهذا المؤتمر منذ فكرته الأولى.
وحضرت قطر بقوة في أعمال المؤتمر من خلال تمثيل سياسي رفيع تمثل بمشاركة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على رأس وفد اقتصادي كبير، وهو ما دفع الرئيس التونسي إلى توجيه رسالة شكر كبيرة لقطر، على مساندتها المستمرة لبلاده منذ انطلاق الثورة التونسية.
وتُرجم اهتمام الدوحة بمساعدة تونس على تخطي صعوباتها الاقتصادية من خلال إعلان أمير قطر عن منح بلاده دعماً مالياً لتونس بقيمة 1.250 مليار دولار، مشيراً إلى أن الدوحة ستواصل دعم وتقديم المساعدات اللازمة لتونس من أجل إنجاح تجربتها الديمقراطية والتصدي للمخاطر الإرهابية التي تحيط بالمنطقة. 
واعتبر الشيخ تميم أن المشاركة الدولية الواسعة في المؤتمر، تؤكد المكانة التي تحظى بها تونس في المنطقة والعالم، وهو ما يفسر الاهتمام بتجربتها الواعدة.
وأضاف: "نجاح برامج التنمية في تونس هو هدف بحد ذاته، لأنه يمكّن من خلق 
فرص عمل للشباب، من شأنها أن تساهم في حل مشكلة البطالة والوقاية من الظواهر السلبية التي ترتبط بها، ومنها اليأس والتطرف". 
وأعرب أمير قطر عن مساندة خطّة الحكومة التونسية في التنمية والنهوض الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الاستقرار السياسي، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لتمويل مشاريع تطوير البنية التحتية ضمن خطة تونس للتنمية. 
وبالإضافة إلى الاهتمام الرسمي القطري، أعرب مستثمرون قطريون، عن اهتمامهم بالمشاريع التونسية، مؤكدين أن مؤتمر الاستثمار 2020 التونسي، يمثل حدثاً مميزاً لاكتشاف مختلف الحوافز والتسهيلات التي يمنحها قانون الاستثمارات الجديد. 


دعم دولي
وينبه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بشكل صريح إلى أن استقرار تونس يمثّل ضمانة لاستقرار المنطقة، مؤكدا أن نجاح الانتقال الديمقراطي يظل رهين توفر شروط الإقلاع الاقتصادي والرخاء الاجتماعي.
وقال السبسي في كلمة أمام المؤتمر، إن تأمين الحياة اللائقة وتنمية الجهات المحرومة وإعادة الأمل لشباب تونس تمثل مجتمعة صمام الأمان، الذي سيرسخ السلم الاجتماعي ويثبت دعائم البناء الديمقراطي.

ويعترف الرئيس التونسي أن بلاده حاولت التعويل على نفسها، ولكنها تواجه اليوم أوضاعاً استثنائية تستوجب دعماً استثنائياً من قبل شركائها ومن المؤسسات المالية الدولية، بشكل وبحجم يتجاوزان الأطر التقليدية، ويتناسبان مع الدعم الذي تلقته بعض الدول التي شهدت مرحلة انتقالية.
ولم تفلح تونس خلال السنوات الست الماضية في تحقيق الانتقال الاقتصادي المنشود؛ بسبب تعقيدات المرحلة الانتقالية وتواصل الأزمات الداخلية، فضلا عن الاضطرابات في جارتها ليبيا، التي كانت تمثل شريكا اقتصاديا مهما لتونس.
ويقول مراقبون، إن رسالة السبسي كانت موجهة بالأساس إلى الحليف التقليدي، أوروبا، الذي لم يكن حاضرا بالقوة المنتظرة طيلة السنوات الماضية.

وتمثل تونس الحدود الأولى لأوروبا المنزعجة من الأوضاع في جنوب المتوسط، وهو ما دعا رئيس وزراء فرنسا، مانوال فالس، إلى التأكيد على أنه "على أوروبا مساندة تونس بشكل مكثف، لأن نجاح تونس هو أيضا نجاح لمنطقة البحر الأبيض المتوسط وكامل أوروبا".


حصاد اليوم الأول
وحصدت تونس في اليوم الأول من المؤتمر، أكثر من 9 مليارات دولار منحاً وقروضاً من قطر والكويت والسعودية وتركيا وفرنسا وكندا وسويسرا وعدد من الصناديق العربية والأوروبية.
وقدم أمير قطر، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، منحة قيمتها 1.25 مليار دولار، فيما أعلن نائب رئيس الصندوق السعودي للتنمية، يوسف بن إبراهيم البسام، أن بلاده ستقدم دعماً جديداً لتونس بقيمة 800 مليون دولار.

وقدمت الكويت 500 مليون دولار، وتركيا وديعة بمائة مليون دولار. والبنك الدولي مليار دولار. وسويسرا 108 ملايين دولار. وكندا نحو 24 مليون دولار.
كما أعلن البنك الأوروبي للاستثمار عن إقراض تونس 2.5 مليار يورو في الفترة الممتدة حتى 2020. وقدم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي مبلغ 1.5 مليار دولار لتمويل مشروعات التنمية. كما وقعت تونس وفرنسا ست اتفاقيات تعاون بقيمة 1.3 مليار دولار.

تبديد المخاوف
وبدّد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، حسين العباسي، مخاوف مراقبين من عدم وجود مناخ اجتماعي سليم بسبب الإضرابات، التي قد تكون تسببت في خروج عدد من المستثمرين من تونس إلى بلدان أخرى في السنوات القليلة الماضية.
وقال العباسي، في كلمة خلال المؤتمر، إن اتحاد الشغل يؤمن بالحوار ويسعى إلى مساعدة المؤسسات في النمو، وكذلك توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال.
وأضاف أن هذا المؤتمر ينعقد وقد قطعت تونس شوطاً كبيراً في الانتقال الديمقراطي وأرست مؤسسات الدولة الديمقراطية، مشيرا إلى أن بلاده صادقت على عدة قوانين لتسهيل الاستثمار. وقال إن تونس عانت من الفساد والمحسوبية قبل الثورة، وأن أمامها مهمة كبيرة تتمثل في مقاومة الفساد القائم إلى الآن.

ذات صلة

الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
الصورة
مسيرة في تونس ترفع شعارات الثورة التونسية، 24 مايو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رفعت شعارات الثورة التونسية "شغل حرية كرامة وطنية" في احتجاج شبابي في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، تعبيراً عن رفض ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
الصورة
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والدكتور عزمي بشارة يشاركان بحفل التخريج (العربي الجديد)

مجتمع

احتفل معهد الدوحة للدراسات العليا بتخريج الفوج الثامن من طلبة الماجستير بحضور رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
الصورة
أصيب حسن وأحمد في قطاع غزة (حسين بيضون)

مجتمع

قلما ينجو فلسطيني في غزة من صواريخ مسيّرات الاحتلال التي يطلق عليها محلياً اسم "الزنانة"، وكان من بين ضحاياها الشابان حسن أبو ظاهر وأحمد بشير جبر.
المساهمون