استمع إلى الملخص
- أصحاب المحلات يعبرون عن مخاوفهم من زيادة التكاليف والخسائر، خاصة في القطاع السياحي والتجاري، والحكومة تؤكد على تطبيق عقوبات مالية وإلغاء التراخيص للمخالفين، مما يزيد التوتر بين الطرفين.
- التأثير السلبي للقرار يبرز على العمال وأصحاب الأعمال في قطاعات تعتمد على المبيعات المسائية، مع مطالبات بإعادة النظر في القرار لتجنب خسائر فادحة وتسريح العمالة، في ظل تحديات اقتصادية مستمرة.
تبدأ الحكومة المصرية، اليوم الاثنين، تطبيق قرار إغلاق المحلات التجارية والترفيهية في العاشرة مساء، في أنحاء البلاد، وسط حالة من الغضب، وتوقع خسائر فادحة لأصحاب المشروعات التجارية والصناعية والخدمية، التي تعاني ركوداً في المبيعات والإنتاج، للعام الرابع توالياً.
قررت الحكومة إغلاق المقاهي والمحلات التجارية والترفيهية ووقف الأنشطة بالأندية في العاشرة مساء، مع السماح لمحلات البقالة والمطاعم بالعمل حتى الواحدة صباحاً، والصيدليات العمل بنظام التناوب لفترات ليلية.
يحيط القرارَ غموضٌ حول مصير الشركات والمصانع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل لفترات ليلية، وتعاني تعدد فترات انقطاع التيار الكهربائي، على مدار اليوم.
أكد بيان لرئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، أن قرار إغلاق المحلات التجارية، جاء بعد تلقيه مجموعة من المقترحات حول مواجهة أزمة انقطاعات الكهرباء التي بلغت ثلاث ساعات يومياً خلال الأسبوع الماضي، مؤكداً أن تطبيقه مع بداية شهر يوليو/ تموز الجاري، يستهدف ترشيد استهلاك الكهرباء، ومواجهة تخفيض الأحمال، بتنسيق بين وزارتي الكهرباء والتنمية المحلية.
أكد مدبولي أن وقف قطع التيار الكهربائي سيتوقف بداية من الأسبوع الثالث في يوليو، مع وصول شحنات إضافية من المازوت والغاز الطبيعي الأسبوع الحالي، من دون أن يبدي أية معلومات حول إمكانية تراجعه عن قرار إغلاق المحلات التجارية والترفيهية في العاشرة مساء.
سبّب القرار المفاجئ ارتباك أعمال المحلات الترفيهية والأندية، التي عدلت جداول التشغيل بها في شهر مايو/ أيار الماضي، لتتواكب مع فرض الحكومة "التوقيت الصيفي" الذي جعل الحياة العامة تبدأ في الثامنة مساء، وحتى الواحدة صباحاً لكل الأنشطة التجارية والترفيهية، لتتناسب مع عادة المصريين في كل المحافظات، والسائحين العرب في قضاء أوقاتهم خلال فصل الصيف شديد الحرارة.
اعتراضات وخسائر للسياحة والتجارة
اعترض أصحاب المحلات السياحية والعامة على القرار، لتسببه زيادةَ تكاليف التشغيل، في وقت يعانون فيه خسائر فادحة جراء قطع التيار لعدة ساعات يومياً، وعدم انتظام فترات الانقطاعات، ولجوء الجهات الحكومية إلى تخيف الإضاءة في الميادين والشوارع، بما يثير مخاوف لدى المواطنين من التجوال في الأماكن التجارية والعامة ليلاً، في ذروة الإجازات الصيفية وارتفاع الطلب على المشتريات.
تفرض الحكومة عقوبات مالية، تصل إلى إلغاء التراخيص بالعمل والسجن في حالة عدم التزام أصحاب الشركات بقرارات الإغلاق.
ينص قانون المحلات العامة على أنه في حالة عدم التزام أصحاب المحلات بالآداب العامة، أو مخالفة شروط السلامة والصحة المهنية والحماية المدنية وتشكيله خطراً على الأمن العام، يتم تغريم كل مخالف بمبلغ لا يقل عن 20 ألف جنيه ولا يزيد عن 50 ألف جنيه (الدولار = نحو 48 جنيهاً)، وفي حالات التكرار تكون العقوبة بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة.
يشير أحد أصحاب المتاجر في وسط القاهرة محمد التهامي إلى أن مواد القانون فضفاضة، بما يمكن موظفي الإدارات المحلية والأجهزة الأمنية في الدولة من تفصيل الاتهام الذي يريدونه في مواجهة أصحاب المحلات، وتتوقف العقوبة على الحالة النفسية والضغوط التي يمارسها كبار المسؤولين على القائمين بكتابة نص الاتهام، لتتحول القضية إلى النيابة والمحاكم المختصة بما يهدد أصحاب المشروعات في أموالهم وحرياتهم.
يؤكد التهامي لـ"العربي الجديد" أن تطبيق الإجراءات الإدارية، في بداية تنفيذها تشهد عادة حملات أمنية مكثفة، وتوقيع غرامات جزافية، موضحاً أنه يفضل إغلاق محله المتخصص في بيع الأدوات الكهربائية والمنزلية، قبل الموعد المحدد رسمياً بدقائق، حتى لا يقع رهينة في أيدي المسؤولين.
يشير التهامي إلى أن حالة الركود في السوق لا تشجع التجار على المخاطرة باستمرار منافذ البيع، بعد المواعيد الرسمية، خاصة أن القانون يمنح السلطات تغيير النشاط التجاري، وسجن صاحب المحل، وهي عقوبات لا يمكن لمواطن أو صاحب مشروع أن يتحملها، مهما كثر العائد من ورائها.
يبين التاجر المصري أن أصحاب العمل يقع عليهم ضرر كبير، خاصة القائمين على أنشطة مستلزمات المدارس والمكتبات والملابس، والمعارض التي ستشارك بعد أيام في موسم التخفيضات الصيفية، مؤكداً أن الضرر الأكبر سيقع على العمال الذين يعتمدون على الحوافز التي يجنونها من زيادة المبيعات، ولا سيما أن أغلب المشترين يفضلون التسوق في الفترة المسائية التي تبدأ من السابعة وتنتهي في الثانية عشرة ليلاً، خلال الصيف.
مأزق المحلات السياحية والتجارة
يبدى أعضاء الغرف والمحلات السياحية تهكمهم من قرار إغلاق المحلات العامة والمقاهي في العاشرة ليلاً، مشيرين إلى أن عمل تلك المحلات يبدأ بعد العاشرة مساء، ولا ينتهي قبل الثانية صباحاً، ومنهم من يواصل العمل حتى شروق شمس اليوم التالي مستفيدين من إقبال المستهلكين والسياح على الأنشطة الترفيهية في المناطق السياحية والشاطئية بالمحافظات، والأماكن التي توفر فرص عمل هائلة لطلاب الجامعات والعمال خلال فصل الصيف.
طلب أعضاء الغرف السياحية من أعضاء مجالس الإدارة الجدد الذين تولوا أعمالهم الخميس الماضي، عقد اجتماع عاجل لبحث مطالبة الحكومة باستثناء المحلات السياحية والمدن الشاطئية، من قرار الإغلاق، حتى لا تضطر الشركات إلى تسريح العمالة الموسمية التي تستعين بها خلال موسم السياحة الصيفية.
يبدي مديرو المحلات السياحية دهشتهم من فرض الحكومة والسلطات المحلية، رسوماً هائلة على تشغيل أنشطتهم، على شواطئ النيل وبورسعيد ورأس البر والإسكندرية الشهر الماضي، مقابل السماح بالعمل حتى الثانية ليلاً، مشيرين إلى أن القرار سيصيبهم بخسائر فادحة، مع صعوبة تسويق أعمالهم في الفترة النهارية التي تشهد انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي، تصل إلى أربع ساعات يومياً.
امتنع أعضاء مجلس في الغرف التجارية عن الإدلاء بآرائهم، في قرار إغلاق المحلات التجارية، بينما عبر أعضاء الشعب في الغرف عن غضبهم من القرار، مهددين بلجوئهم إلى رفع أسعار السلع، لمواجهة الخسائر المترتبة على زيادة تكلفة التشغيل، خاصة الأغذية والمشروبات المبردة، والتي تضطرهم إلى تأجير مولدات كهربائية لمواجهة فترات انقطاع التيار على مدار الساعة.
في سياق متصل كشفت نتائج مؤشر بارومتر الأعمال الذي أصدره المركز المصري للدراسات الاقتصادية (مستقل) عن الربع الأول من العام الجاري 2024، وتوقعاته للربع الثاني المنتهي، أمس، عن "تعافٍ هش في المؤشر الإجمالي لأداء الأعمال، بعد انخفاض دام لأكثر من ثلاث سنوات". أشار التقرير إلى استمرار أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة التراجع، وسط معاناة شديدة، من نقص حاد في موارد النقد الأجنبي وارتفاع مبالغ في سعر الصرف، خارج الجهاز المصرفي، وتأخر الإفراجات الجمركية علاوة على التضخم وتداعيات الطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وطالب أصحاب الأعمال في التقرير بضرورة تحسين مناخ الأعمال، ومعالجة ارتفاع معدلات التضخم، والاهتمام بآليات التحول الرقمي، للقضاء على البيروقراطية والفساد الإداري، ومنع منافسة الجهات السيادية للقطاع الخاص، وتحسين المنظومة الضريبية وتقليل عدد الأوعية الضريبية.