انتهاكات بالجملة لحقوق الأطفال في مصر

20 نوفمبر 2016
تسول وفقر يبقيانهم في الشوارع بدل المدرسة (العربي الجديد)
+ الخط -
يعيش عدد كبير من أطفال مصر أوضاعا مأساوية، تتنافى مع ما أوصت به الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1954، التي طالبت بضرورة الحفاظ على حقوق الطفل، وجعل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني يوماً عالمياً له.

وطبقاً لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، هناك ما يقرب من ثلاثة ملايين طفل مصري يعملون في الورش والمصانع لساعات طويلة يومياً، بعد أن أجبرتهم الظروف الاجتماعية على التخلي عن طفولتهم، وممارسة أعمال الكبار في أسواق العمل، رغم تعرضهم للعنف والقمع، حتى أصبحوا، بحق، أطفال شقاء وحرمان.

اسم الطفل العامل من هؤلاء "الأسطى بلية"، منهم من يعمل في كيّ الملابس، ومنهم السباك والكهربائي والعامل في ورش السيارات، وكذلك "الجزمجي" وغيرها من المهن الشاقة.

ورغم زيادة أعدادهم سنوياً إلا أن الحكومة والجهات المختصة تتجاهل الكارثة، وتكتفي بالتصريحات الإعلامية التي تحمل وعوداً وردية بالقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال في مصر.

ويعدّ أطفال الشوارع كارثة أخرى في مصر، بعد أن تخطى عددهم المليوني طفل، نسبة كبيرة منهم متواجدون في شوارع محافظة القاهرة الكبرى. عوامل عدة أدت إلى تفشي تلك الظاهرة في مصر، منها الأمية والفقر والبطالة وانتشار الجهل وارتفاع نسب الطلاق، ويؤدي ذلك إلى انفصالهم عن المجتمع، وعدم شعورهم بالانتماء له، والانتقام منه عبر أعمال يقومون بها.

ويعاني الأطفال في مصر، خاصة أطفال الفقراء ومحدودي الدخل، من تفشي الأمراض بأنواعها المختلفة. وتشير إحصاءات منظمات حقوقية تهتم بالطفولة في مصر إلى إصابة أكثر من 25 في المائة من الأطفال بعدد من الأمراض الناتجة عن قلة المناعة لديهم.

وفى آخر إحصائية أجراها المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر عن العام 2015، رصد وجود أكثر من ألف حالة اغتصاب تعرض لها الأطفال وبلغ عنها رسمياً، في حين أن الحالات التي لم يبلغ عنها تزيد عن العدد المذكور.


كما سجلت الإحصائية حالات تحرش بالأطفال في المدارس، فضلاً عن عمليات خطف الأطفال التي زادت خلال السنوات الماضية نتيجة اهتمام الجهات الأمنية بالجانب السياسي عن الأمني. وأوضح المجلس أن كثيرين من الأطفال عادوا إلى أسرهم بعد دفع الفدية دون أي تحرك من جانب الشرطة.

وفى هذا الصدد، قالت أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، سامية الساعاتي: "إن الطفل المصري يواجه مشاكل بالجملة دون أي تحرك من جانب الحكومة"، موضحة أن السلطات المصرية تنتهك بشكل واضح وصريح المواد التي نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل.

ودعت المنظمات الحقوقية والدولية إلى التدخل السريع لمحاسبة السلطات المصرية والمسؤولين عن كل الانتهاكات المرتكبة في حق الأطفال، مؤكدة أنه لا توجد قوانين كافية لحماية الأطفال في مصر، الأمر الذي أدى إلى وجود طفل الشوارع وعمالة الأطفال، فضلاً عن تسرب المزيد من الأطفال من التعليم.

ولفتت الساعاتي إلى ارتفاع معدلات الجريمة ضد الأطفال، خصوصا أولئك الذين يعملون خدماً في المنازل، لساعات غير محددة، يتعرضون خلالها للأذى النفسي والبدني والاعتداء الجنسي.

وركزت على أن "هروب الأطفال إلى خارج البلاد للعمل كشفت عنه الهجرة غير الشرعية مع وجود أطفال دون سن 16 عاماً بين المهاجرين، ما يؤكد أننا أمام كارثة اجتماعية خطيرة".

وبدوره طالب المحامي المتخصص في شؤون الطفل، فتحي عبد العزيز، بضرورة تفعيل مواد القانون التي تحافظ على حياة الطفل في مصر، مطالباً الحكومة بضرورة توفير رعاية اجتماعية للأسر الفقيرة حتى لا تجبر أبناءها على الدخول إلى منظومة العمل في سن الطفولة، ومؤكدا أن أصحاب العمل يستغلون الأطفال ويعتدون عليهم بالضرب، ما يولد لديهم الانحراف، ويزيد من تفاقم ظاهرة أطفال الشوارع، موضحاً أن الجهات المعنية في مصر لا تمارس دورها بشكل فعّال لحماية الأطفال من الاستغلال بالمخالفة للمادة 80 من الدستور التي تؤكد على حماية الطفل.

وأضاف عبد العزيز أن آلاف الأطفال راحوا ضحية بعض الأعمال الخطيرة، مثل المحاجر والمدابغ وغيرها من الأعمال، التي تصيبهم بالأمراض التي تودي بحياتهم.