الاحتلال يستبيح الأقصى… كأننا في مجزرة 1990

القدس المحتلة

محمد عبد ربه

avata
محمد عبد ربه
09 أكتوبر 2014
F65845EA-04D2-4D3D-B80B-FC89E8725271
+ الخط -
لم تلامس صرخات الاستغاثة لنجدة المسجد الأقصى، أمس الأربعاء، أسماع القادة على امتداد أقطار العروبة والإسلام، فيما كان جنود الاحتلال بالمئات يستبيحون ساحات المسجد، ويوقع رصاصهم وقنابل الصوت والغاز عشرات الإصابات في صفوف المصلين، وخراباً كبيراً في مبنى المسجد ذاته، بعد تضرر مقتنياته، واحتراق قطع من السجاد فيه.

مشاهد الأمس وصفها مسؤولو الأوقاف الإسلامية بـ"المروّعة"، وهي أعادت إلى الأذهان مجزرة عام 1990، التي تصادف ذكراها الرابعة والعشرين، وكذلك المجزرة الثانية للأقصى في التاسع والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 2000، حين استباح وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، أرييل شارون، وبتصريح من رئيس وزرائه إيهود باراك، المسجد، لتتفجّر بعد ذلك انتفاضة الأقصى.

وفيما كانت الناشطة عبير زياد تصرخ متألمة من سحلها، وممّا يتعرّض له المسجد الأقصى، كان مدير عام أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، يصرخ هو الآخر متألماً، وهو يخاطب السفير الأردني في تل أبيب، وكذلك مسؤولي وزارة الأوقاف الأردنيّة، صاحبة الإشراف على شؤون المقدّسات الإسلاميّة في القدس، ليحثّها على التدخّل ووقف ما يجري من استباحة للأقصى.

والواقع أن نداءي الاستغاثة هذين، ليسا الأولين اللذين ينطلقان من جوار الأقصى ومن ساحاته. فقد تكرّرت على مدى نحو عامين، نداءات الاستغاثة محلياً وخارجياً، من دون أن يحرّك ذلك ساكناً لدى سلطات الاحتلال، التي باتت تُمعن على نحو كبير في تهويد المسجد ومحاولة "أسرلته". وبات التقسيم الزماني أمراً واقعاً، وقريباً منه التقسيم المكاني، بعدما أُعلن، قبل يومين، عن نية وزارة السياحة الإسرائيلية فتح باب القطانين أمام اقتحامات المستوطنين للأقصى. وبعدما كان دخولهم إلى ساحاته مقتصراً على باب المغاربة الذي استولت سلطات الاحتلال على مفتاحه بعد حرب عام 67، باتت سيطرتها الآن مطلقة على كل بواباته، ما يعني عملياً سحب سلطة الإشراف والإدارة على المسجد من إدارة الأوقاف الإسلامية، والتي بات إشرافها شكلياً وبلا معنى، كما يردّد مسؤولو الأوقاف في مجالسهم الخاصة.
أكثر من ذلك، باتت إجراءات منع الدخول إلى الأقصى تطال إدارة الأوقاف ذاتها يومياً، وهو ما تكرر أمس الأربعاء، حين منعت سلطات الاحتلال في ساعة مبكرة من صباح أمس دخول الشيخ عزام الخطيب، ومدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، ومن قبلهما مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، وثلاثتهم دانوا هذا التصرف بحقهم، ووصفوه بالإجراء المنكر وغير المقبول.

وفيما كان المصلّون الفلسطينيون، بمَن فيهم المئات من تلاميذ المدارس، يُمنعون من دخول الأقصى في ذكرى مجزرته الأولى، ويسقط العشرات منهم جرحى، ويُعاث خراباً في مسجده القبلي، كان أكثر من خمسين متطرفاً يهودياً يقتحمون باحاته بحريّة وبحماية شرطة الاحتلال التي استعرضت عضلاتها مع تولّي قائد جديد لها مهام منصبه، بعد إقالة القائد السابق الذي اتُّهم من قِبل رئيس بلدية الاحتلال، ومن قِبل لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي، بالتقاعس عن فرض الأمن والنظام في الأقصى وحماية المستوطنين لدى اقتحامهم للمسجد، على الرغم من أنّ أكثر من ثمانية آلاف مستوطن وجندي ورجل استخبارات شاركوا في اقتحامات الأقصى العام الماضي، وأكثر من ستة آلاف مقتحم من هؤلاء منذ بداية العام الحالي.

وبدا واضحاً أن صرخات الاستغاثة لم تُزِل الصمم عن آذان مَن قرّروا ألا يسمعوا النداء، مثلما صُمّت آذانهم عن سماع صوت مدير الأوقاف، وأنّات أكثر من 50 جريحاً أصيبوا، أمس، وهم يدافعون بأجسادهم العارية عن قبلة المسلمين الأولى، حاملين شرف لواء الرباط في مسجدهم العظيم، كما يقول الشيخ محمد حسين، مدير المسجد الأقصى، والذي كان شاهداً على ما جرى في مجزرة الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1990. وعاش مفتي القدس، أمس، بعضاً من ذكريات تلك المجزرة، مستعيداً سقوط أكثر من 18 شهيداً، ارتقوا برصاص شرطة الاحتلال الماضية في مخطط باتت معالمه واضحة: تقسيم الأقصى مكانياً بعدما قسّمته زمانياً بعنفها الوحشي والدموي.

ولاقى هذا المخطط تنديداً من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي قال تعليقاً على اقتحام الأقصى، إنّ اسرائيل تحاول فرض أمر واقع في الأقصى، "هو التقسيم الزماني والمكاني للمسجد بحجج أنّ لها فيه نصيباً"، مشدداً على أن هذه "حجج واهية وكاذبة وتحريف للتاريخ الذي نعرفه جميعاً".

وحذّر عباس، في تصريحات للصحافيين في مكتبه في رام الله، أمس، من تحويل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي الى صراع ديني بعد المواجهات التي شهدها المسجد، منبّهاً إلى "خطورة استعمال الدين في الصراعات السياسية".

وأوضح أن إسرائيل تحاول تسهيل دخول اليهود الى المسجد الأقصى، من خلال فتح أبواب جديدة للدخول من خلالها إلى المسجد، حيث يقتصر دخولهم حالياً على باب المغاربة فقط. وطالب العالم والولايات المتحدة، تحديداً، بعدم الاكتفاء بإصدار بيانات الإدانة للتصرفات الاسرائيلية.

كما اتهمت الحكومة الأردنية السلطات الإسرائيلية بإفراغ المسجد الأقصى في البلدة القديمة للقدس من المسلمين بالكامل، ودعتها الى "تجنّب إشعال المزيد من نيران التطرف والفتنة بين أتباع الديانات في العالم". وطالب وزير الدولة لشؤون الإعلام، المتحدث باسم الحكومة محمد المومني، "سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف حملتها الشعواء ضد المسجد الأقصى المبارك وموظفي الاوقاف والمرابطين فيه والمصلين المؤمنين المعتكفين داخله".

ذات صلة

الصورة
غزة | مجزرة بعد حرق خيام النازحين في دير البلح 14/10/2024 (رمضان عابد/رويترز)

سياسة

استشهد 4 فلسطينيين على الأقل وأصيب نحو 40 آخرين في قصف الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، خيام النازحين في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
الصورة
مسيرة في برايتون وهوف دعماً لغزة/5 يونيو 2024(Getty)

سياسة

خرج الآلاف من مدينة برايتون وهوف (جنوب شرقي بريطانيا) يوم الأحد في مسيرة جنائزية صامتة، تكريماً لأرواح الشهداء الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
الاحتلال يقصف مبان قرب مستشفى الزهراء في بيروت 1 أكتوبر 2024 (مراد سنجول/الأناضول)

مجتمع

أعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس السبت، أن العدوان الإسرائيلي تسبب في إغلاق خمسة مشافٍ و100 مركز للرعاية الصحية في لبنان أي نحو ثلث المراكز الصحية
الصورة
جنود إسبان من "يونيفيل" قرب الخيام، 23 أغسطس 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)

سياسة

تُظهر الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وكأن القوة الأممية باتت في آخر أيامها في لبنان.
المساهمون