تلقت عائلة الغرابلي النبأ الذي كانت تتوقعه في أي لحظة منذ سنوات باستشهاد ابنها الأسير المريض سعدي خليل الغرابلي (75 عاماً) في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ليضاف إلى سلسلة طويلة من الشهداء والمرضى الذين يعانون الأمرّين في سجون الاحتلال من تعمد الإهمال الطبي بحقهم وتجاهلهم وتعريض حياتهم للخطر بنحو دائم.
ووسط حيّ الشجاعية شرقي مدينة غزة، أقامت عائلة الغرابلي بيت العزاء لاستقبال المعزين بوفاة ثاني أكبر أسرى القطاع عُمراً بعد أيام من تضارب الأنباء حول استشهاده، حيث نُقل إلى المستشفى بحالة صحية خطيرة، إلى أنّ أُعلنَت وفاته صباح اليوم الأربعاء.
ومرّ الأسير الغرابلي وفق حديث نجله عصام لـ"العربي الجديد" خلال الأيام الماضية بحالة موت سريري، حيث قضى ساعاته الأخيرة على أجهزة التنفس الاصطناعي.
واعتقل الأسير الفلسطيني (75 عاماً) في عام 1994، حيث حكمت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالمؤبد مدى الحياة بعد إدانته بقتل أحد الضباط الإسرائيليين في تل أبيب، وهو ثاني أكبر أسير من قطاع غزة بعد الأسير فؤاد الشوبكي (80 عاماً).
والغرابلي متزوج، وهو أب لعشرة أبناء، استُشهد أحدهم في اشتباك مع جنود الاحتلال في حيّ الشجاعية عام 2002، وكانت عائلته تنتظر خروجه في أي صفقة تبادل مع الاحتلال، لكن مع تراجع حالته الصحية وتزايد الأمراض المصاب بها، باتوا ينتظرون نبأ استشهاده في أي لحظة.
وقال نجله عصام إنّ الاحتلال تعمّد قتل والده عبر الإهمال الطبي وتجاهل أمراضه المختلفة التي يعانيها، وأبرزها السكري والضغط وضعف السمع والبصر، وكان آخرها سرطان البروستاتا.
ومنذ 26 عاماً، أي بعد اعتقاله بست سنوات فقط، تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عائلة الأسير الغرابلي وزوجته من زيارته وحتى يوم وفاته، وقد ناشدت العائلة على مدار تلك السنوات جميع الجهات الضغط على إسرائيل من أجل السماح بزيارته، خصوصاً بعد إصابته بمرض السرطان داخل الأسر، إلا أنّ أيّاً من تلك المناشدات لم تفلح في تلبية نداء العائلة.
وتعرّض الأسير الغرابلي للعزل الانفرادي لأكثر من اثني عشر عاماً، ظل يعاني خلالها من الأمراض والأسقام دون أي التفات من إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، حتى تراجعت حالته الصحية كثيراً.
وتتهم مؤسسات محلية مختصة في شؤون الأسرى، سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتعمد الإهمال الطبي بحق الأسير المريض، ما أدى إلى انتكاسة كبيرة في وضعه الصحي خلال الأسابيع القليلة الماضية ووصوله إلى مرحلة الخطر الشديد.
وكشف نجله عصام لـ"العربي الجديد" عن أنّ عائلته بدأت بإجراءات رفع القضايا والتنازل عن السرية الطبية لعدم تشريح الجثة، ورُفعَت قضية لاستعادة الجثمان إلى قطاع غزة ودفنه في مسقط رأسه، حيّ الشجاعية.
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد حمّل إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير جميع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما المرضى، وعددهم قرابة 700 أسير، وكبار السن والأطفال والنساء، الذين يواجهون اليوم سياسات الإهمال، القتل البطيء، إضافة إلى التخوفات الحاصلة من انتشار وباء كورونا، دون أدنى اعتبار للمطالبات الحقوقية المحلية والدولية بضرورة إطلاق سراحهم، ووجود لجنة طبية محايدة للإشراف على علاج المرضى منهم، ومتابعة الأوضاع الصحية للأسرى كافة.
وفي السياق ذاته، كشف الأسير المحرر المختص في شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، أنّه باستشهاد الأسير الغرابلي (75 عاماً) يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 224 شهيداً.
وأوضح أنّ 73 أسيراً استشهدوا نتيجة التعذيب، و69 أسيراً استشهدوا بسبب الإهمال الطبي، و75 نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال، و7 آخرين بعد إصابتهم برصاصات قاتلة وهم داخل السجن.
وأشار فروانة إلى أنّ مئات آخرين من الأسرى المحررين توفوا بعد تحررهم من السجون الإسرائيلية متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد.