أستانة وتخفيف التصعيد

13 مايو 2018
مناطق خفض التصعيد كانت الإنجاز الوحيد لأستانة(ألكسي فيليبوف/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال الدول الضامنة لمناطق خفض التصعيد في سورية (روسيا، إيران، تركيا) تسوّق لاجتماعات أستانة، التي كانت هذه المناطق إنجازها الوحيد، على أنها أحد المسارات المهمة للحل السياسي في سورية. وكانت النتائج العملية على أرض الميدان لهذه الاجتماعات هي إنشاء أربع مناطق خفض تصعيد، مُنعت فيها فصائل المعارضة من القيام بأي عمل عسكري ضد قوات النظام، فيما أخذ الضامن الروسي على عاتقه الاستفراد بتلك المناطق الواحدة تلو الأخرى وضمّها إلى مناطق سيطرة النظام من خلال حملات عسكرية كانت الأشرس منذ بداية الثورة السورية. فكانت نتائج إنشاء مناطق خفض التصعيد حتى الآن تهجير سكان الغوطة الشرقية، وهي منطقة التصعيد الثانية التي تم إنشاؤها، ومن ثم تهجير سكان منطقة التصعيد الثالثة (ريف حمص الشمالي)، والتهديد باجتياح منطقة التصعيد الرابعة (محافظة إدلب)، لتتحوّل اجتماعات أستانة إلى اتفاقات وتفاهمات على اقتسام مناطق نفوذ في سورية، تصبّ كلها في مصلحة النظام، فيما تؤخذ المعارضة إلى تلك الاجتماعات كشاهد زور على تلك التفاهمات.

ويبدو أن اجتماع أستانة يوم غد الإثنين، الذي وضع ملف المعتقلين كإطار عمل له، قد تجاهل كل التطورات التي حصلت ضمن مناطق التصعيد في سورية، والتي يبدو أنها ضمن التفاهمات الدولية بين الدول الضامنة، وسيتم إقرارها خلال الاجتماع المقبل وإجبار المعارضة على التوقيع على ما يتم إقراره من تفاهمات ستكون نتيجتها النهائية هي القضاء على كل فصائل المعارضة المسلحة. ومن الملاحظ أن المنطقتين اللتين شملهما اتفاق خفض التصعيد وتم القضاء على المعارضة المسلحة فيهما، هما المنطقتان الوحيدتان اللتان لا تضمّان فصائل إسلامية متشددة، الأمر الذي يحوّل محافظة إدلب إلى منطقة قيد الاستهداف في أية لحظة، كونها أصبحت حاملاً لكل تلك الفصائل.

لنصل إلى نتيجة أن مفهوم خفض التصعيد لدى الدول الضامنة لم يكن يعني فقط زيادة التصعيد ضد المعارضة، وإنما كان يعني حرفياً القضاء على كل فصائل المعارضة في تلك المناطق وبكل القوى الممكنة، وتهجير السكان، وطبعاً منع المعارضة من القيام بأية ردة فعل تجاه ما تتعرض له، وجعل عودة تلك المناطق إلى حظيرة النظام أمراً واقعاً.
المساهمون