الحزن

إذا كنت تنتظر أن تحصل على السعادة يوماً بعد أن تحقق كلّ أحلامك وتصبح كل جوانب حياتك مثالية، فأنت مخطئ تماماً، لأن عجلة الحياة لا يمكن أن تتوقف لأجل سعادتك.

كلّ من عرفني يجيد وصفي "بالدراما كوين" أو "إم قلب تشتوش" فدموعي دائماً ما تسبقني للتعبير عما بداخلي في حالتيّ الفرح والحزن. أما الآن، فقد أصبحتْ آلة الدمع حاضنةً لكلّ جزء من جسدي وتلافيف روحي وأنا أشهد على ما يحدث من نهاياتٍ في هذا العالم الجنونيّ.

آه كم أشتاق يا أبي. نعم أنا مشتاق، لأن الموت لم يسعفنا، لمحاولة التعويض وتجاوز الماضي وآلامه. زارني أبي عندما كنت مقيما في الدوحة، لمدة 6 أشهر، كنت لم أره منذ سنين. أسرني بكلمة مسحت عني الكثير من الأسى، "أنا مستغرب معاملتك معايا، رغم كل الي عملته بك"

تجعلك بعض الأغاني تتخيّل الجميع غدّارين، مع أنّ الجميع يتخيّل تجاهك الشيء نفسه، أنك غدار مثل الآخرين، حتى تتنامى لدى المجتمع صورة عامة بالحزن والاكتئاب والخوف والفردانية، ثم تلقائيّاً سيبحث الجميع عن راحته، باعتزال ما يؤذيه.

في الغربة، إن كنت وحيداً، طعم الأيام والأعياد يختلف. العيد هو العائلة، هو القهوة مع جدتي، هو المشاكل السياسية على طاولة الغداء، هو ابتسامة أمي وتعليقات أخواتي... العيد في الغربة طعمه مرّ.

كلّ من يموت يتخلّص من عبء كبير ينتظره في الغد، أن يقوم من سريره مثلاً، وأن يتوّجه قسراً إلى مرحاض، أن يذهب قسراً إلى العمل، أن يُرضي قسراً شريكه في البيت، أن يقلق على أطفاله... هنا إطلالة على عوالم الموت والحياة والعدم والوجود وما يقف خلفها.