تستمر الاعتصامات في المخيمات الفلسطينية في لبنان، احتجاجاً على خطة وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، لـ"مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية"، بهدف الضغط على الوزارة لاستثناء العمال الفلسطينيين من الخطة.
وما زال مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا الجنوبية، وهو أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، يشهد إغلاقًا لكافة مداخله منعاً لإدخال المواد الغذائية إليه، وخروج العمال منه للعمل في المدينة، بحسب ما تبيّن عبر جولة لـ"العربي الجديد" داخل المخيم.
ويشار إلى أن تجار مدينة صيدا دعوا يوم الخميس الماضي إلى إغلاق المؤسسات التجارية والمحال كافة، تضامنًا مع العمال الفلسطينيين، الذين تربطهم بسكان صيدا علاقات مصاهرة، وعلاقات اقتصادية، على أن ينفذ الإضراب اليوم السبت، لكن التطورات دفعتهم للعودة عن القرار.
وعن العودة عن الإضراب قال كامل حمدان، صاحب محل للبياضات في سوق مدينة صيدا، لـ"العربي الجديد": "كان من المفترض أن نغلق محالنا اليوم السبت، تضامنًا مع أخوتنا الفلسطينيين، وكنا قد اتخذنا هذا القرار يوم الخميس الفائت، لكن بعد أن أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن موضوع العمال الفلسطينيين منتهٍ، عدلنا عنه".
أما بديع البلطجي، أحد الباعة في سوق الخضار في مدينة صيدا، قال: "نحن مع أخواننا الفلسطينيين في موضوع عدم الاستحصال على إجازة عمل، فالفلسطيني ليس وافدًا على لبنان، لكنه جاء إلى لبنان في عام 48 بعد أن احتل الصهاينة بلده، وصار جزءًا من النسيج اللبناني، وهو بالتالي مولود في لبنان، ويحق له أن يعامل مثل اللبناني، ولا نستطيع مشابهته بأخواننا النازحين السوريين، مع احترامنا لوجودهم، كما أنه صارت بيننا وبين الفلسطينيين علاقات تصاهر، كما أن الفلسطيني جزء أساسي في العجلة الاقتصادية لمدينة صيدا".
وأشار لـ"العربي الجديد" إلى أن "خطة وزارة العمل ظالمة بحق الفلسطينيين، ويشهد مخيم عين الحلوة اعتصامات وتسكيراً لمداخله، وانقطاعاً عن الشراء من المدينة، لذلك تراجعت نسبة المبيعات في السوق بشكل مرتفع جدًا، إذ إننا نشهد كسادًا في البضائع"، مضيفاً "قبل الاعتصامات لم يكن يبقى من الخضار في السوق شيء، أما اليوم وبعد بدء تنفيذ خطة الوزارة والردّ عليها بالاعتصامات، بضاعتنا تبقى كما هي، وهذا الأمر سار على كل المحال التجارية الموجودة في السوق، وشكواها كشكوى جميع من لديه محل في سوق المدينة".
وختم بديع بالقول: "نتمنى على وزير العمل اللبناني العدول عن خطته، لأنه يضر بعجلة الاقتصاد اللبناني أولاً، قبل أن يؤدي إلى أذى الأخوة الفلسطينيين".
وجولة "العربي الجديد" في مخيم عين الحلوة، تترك انطباعاً مختلفاً إلى حدّ كبير عن الواقع في مدينة صيدا. فمداخل المخيم مغلقة بالكامل وتشتعل بالإطارات، ويمنع على السيارات الدخول والخروج من وإلى المخيم إلا لبعض المارة.
إبراهيم ميعاري، وهو فلسطيني من أبناء مخيم عين الحلوة، ومن المعتصمين، قال: "ما يشهده المخيم هو احتجاج سلمي فلسطيني ضد الخراب الذي يحل بنا، لأن هذا القرار الذي اتخذه الوزير هو ظلم لنا، وطالما أن الوزير لن يتراجع عن قراره، فإننا سنستمر في إغلاق مداخل المخيم والإضراب حتى تحقيق مطلبنا".
وتابع "صار الأمر اليوم بيد مجلس الوزراء، والمجلس النيابي اللبناني، ونحن الفلسطينيين معتمدون على خط المقاومة، ومن خلاله يستطيعون التفريق بين اللاجئ والأجنبي".
أما أبو الوفا، وهو ناشط شبابي، قال: "إن الاعتصامات التي نقوم بها اليوم هي ضد قرار وزير العمل اللبناني، فنحن في لبنان منذ واحد وسبعين سنة، ولسنا مغتربين نعمل هنا، بل ولدنا في لبنان، ونحن ننشّط العجلة الاقتصادية اللبنانية، فأولادنا وأخوتنا الذين يعملون في الخارج يرسلون مالهم إلى لبنان لنصرفه، بعض أخوتنا اللبنانيين يضعون أموالهم في بنوك في الخارج، لكن نحن مالنا كله في لبنان".
وتابع "سنبقى معتصمين في الشارع طالما أن الوزير لن يتراجع، ونحن لا تقف مطالبنا فقط عند حد هذا القرار، بل صارت أكبر. نريد أن نُعطى الحقوق المدنية"، مضيفاً "ليس لدينا ما نخسره، لا أعمال لدينا، والجدار يحيط بنا، ومداخل المخيم عليها إجراءات مشددة، ولا يسمح لنا بإدخال مواد البناء، وإذا احتجنا لإدخال كيسين ترابة إلى المخيم، نريد تقديم تصريح بذلك، ولا يأتينا الرد إلا بعد أربعة أشهر".
أما عن عدم إدخال المواد الغذائية إلى المخيم، فقال: "نحن مستعدون أن نأكل الحجارة ولن نتنازل عن حقوقنا ومطالبنا، علمًا أننا نشكر أخوتنا في مخيم الرشيدية الذين بادروا بشراء المحاصيل الزراعية وإدخالها إلى مخيم عين الحلوة، ما أمّن بعض الاكتفاء الذاتي". وعن اللحوم والدجاج، قال: "لدينا مزرعة أبقار في منطقة جبل الحليب، وإن احتجنا للحم قد نستخدم منها"، وعن الدواجن، قال: "من لديه دجاجة، يذبحها".
وقال: "إنهم موجودون عندنا منذ 70 عاماً وجميعهم ولدوا في مدينة صيدا، وهناك من ينظر لهم كلاجئين وهم أهل البلد في صيدا".