ما هي لحظة مينسكي التي تثير رعب الأسواق والحكومات؟

18 اغسطس 2024
بورصة نيويورك، 12 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

إن مجرد ذكر لحظة مينسكي، التي تعني الانهيار المفاجئ للأسواق والاقتصادات المدمنة على الديون، يكفي لإثارة الرعب في قلوب صناع السياسات. وتعود هذه النظرية إلى هيمان مينسكي، وهو خبير اقتصادي أميركي متخصص في كيفية مساهمة الاقتراض المفرط في تغذية عدم الاستقرار المالي.

ومن وقت لآخر، تؤدي الطفرات في الأسواق المالية أو مستويات الديون المرتفعة للغاية في مختلف أنحاء العالم إلى تجدّد الاهتمام بنظرية مينسكي، بحسب موقع "بلومبيرغ" الأميركي. ووصفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين عمله ذات يوم بأنه "قراءة مطلوبة".

ويشير المصطلح إلى المرحلة النهائية من فترة مطولة من الرخاء الاقتصادي التي شجعت المستثمرين على تحمّل مخاطر مفرطة، إلى الحد الذي يتجاوز فيه الإقراض ما يمكن للمقترضين سداده. عند هذه النقطة، كتب مينسكي، تصبح هناك زيادة في "التمويل المضاربي وبونزي". عندما يحدث حدث مزعزع للاستقرار بسيط، مثل زيادة أسعار الفائدة، يمكن إجبار المستثمرين على بيع الأصول لجمع الأموال لسداد القروض. وهذا بدوره يدفع الأسواق إلى دوامة وسط الطلب على النقد. 

وفي عام 1998، وفي أعقاب انفجار فقاعات الأصول في آسيا، تخلفت روسيا عن سداد ديونها المحلية وخفضت قيمة الروبل. خلال تلك الأزمة صاغ بول ماكولي، الخبير الاقتصادي في شركة باسيفيك إنفستمنت مانجمنت آنذاك، مصطلح "لحظة مينسكي". وتُعَد الأزمة المالية العالمية في الفترة من 2007-2008 بمثابة لحظة مينسكي أخرى، لأنها نجمت عن انهيار سوق الرهن العقاري الثانوي في الولايات المتحدة.

الوصول إلى لحظة مينسكي

ويشرح موقع "أس أف آي" المتخصص في الأسواق أن لحظة مينسكي تحصل بعد دورة اقتصادية تقود إلى الانهيار، حيث ينخرط المستثمرون في مضاربات عدوانية أثناء الأسواق الصاعدة ويقترضون للاستفادة من معنويات السوق. وكلما طالت فترات الصعود، زادت الديون المستحقة على المستثمرين، وبالتالي زادت المخاطر.

وفقا لهيمان مينسكي، فإن الاقتصاد يمر بثلاث مراحل للإقراض الائتماني مع ارتفاع مستويات المخاطر في كل مرحلة لاحقة، مما يؤدي في النهاية إلى انهيار السوق:

1. مرحلة التحوط

تعتبر مرحلة التحوط هي المرحلة الأكثر استقرارًا، حيث يتوفر لدى المقترضين تدفق نقدي كافٍ من الاستثمارات لتغطية كل من أقساط رأس المال والفائدة. وفي مرحلة التحوط، تظل معايير الإقراض مرتفعة.

2. مرحلة الاقتراض المضاربي

في مرحلة الاقتراض المضاربي، تغطي التدفقات النقدية من الاستثمارات مدفوعات الفائدة للمقترض فقط، وليس رأس المال. ويتوقع المستثمرون أن قيمة استثماراتهم ستستمر في الارتفاع، وأن أسعار الفائدة لن ترتفع.

3. مرحلة بونزي

إن مرحلة بونزي هي الأكثر خطورة في الدورة. ذلك أن التدفقات النقدية للمقترضين من استثماراتهم لا تكفي لتغطية أقساط الفائدة وأصل الدين، فيقترض المستثمرون معتقدين أن ارتفاع قيمة الأصول سوف يسمح لهم ببيع الأصول بأسعار أعلى، الأمر الذي يمكّنهم من سداد ديونهم أو إعادة تمويلها. وتتميز مرحلة بونزي بارتفاع قيمة الأصول. وفي الوقت الحالي، فإن ديون الشركات غير المالية في الولايات المتحدة عند قياسها كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، أعلى مما كانت عليه قبل الأزمة المالية الأخيرة.

ويشرح موقع "الإيكونوميست" أنه منذ بداية حياته الأكاديمية في الخمسينيات وحتى وفاته في عام 1996، كان هيمان مينسكي يعمل في غموض نسبي، وقد اجتذبت أبحاثه حول الأزمات المالية وأسبابها عدداً قليلاً من المعجبين المخلصين والقليل من الاهتمام السائد، حيث لم تذكره الصحف إلا مرة واحدة أثناء حياته، وكانت مجرد إشارة موجزة.

وظل الأمر كذلك حتى عام 2007، عندما اندلعت أزمة الرهن العقاري في أميركا. وفجأة، بدا الأمر وكأن الجميع يتجهون إلى كتاباته وهم يحاولون فهم الفوضى. وكتب السماسرة ملاحظات إلى العملاء حول "لحظة مينسكي" التي اجتاحت الأسواق المالية. وأشار محافظو البنوك المركزية إلى نظرياته في خطاباتهم. وأصبح نجماً إعلامياً بعد وفاته، حيث خصصت كل وسيلة إعلامية رئيسية تقريباً مساحة ووقتاً لبث أفكاره. وقد ذكرته مجلة الإيكونوميست في ثلاثين مقالاً على الأقل منذ عام 2007.

المساهمون