أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عصر اليوم الإثنين، عن الناشطة النسوية المقدسية عبير أحمد زياد، وزوجها زياد زياد بعد إصدار قرار من محكمة إسرائيلية بالحبس المنزلي لكليهما مدة 7 أيام، ومنعهما من العمل بالصدقات 120 يوما، مع دفع كفالة واستدعائهما للتحقيق غدا الثلاثاء.
وكانت عبير وزوجها اعتقلا صباح الخميس الماضي، ومددت قوات الاحتلال توقيفهما. وقال إبراهيم رزق، شقيق الناشطة، "إن اعتقالهما تم بتهم سخيفة لا يصدقها عقل، وهي تمويل الإرهاب". ويشير إلى أن ذنب عبير وزوجها، أنهما نذرا حياتهما لتقديم العون والمساعدة لمئات الأسر المقدسية الفقيرة والمحتاجة سواء في القدس القديمة حيث نسبة الفقر والبطالة عالية هناك، أم في الأحياء والضواحي المتاخمة.
ويؤكد إبراهيم لـ"العربي الجديد" أن "اعتقال عبير وزوجها هو كمعظم الاعتقالات بالقدس يطاول من يعمل ويخدم المقدسيين، والتهم الموجهة إليهما واهية وضعيفة، وهذا ليس الاعتقال الأول، إذ سبق أن تعرضت عبير في السابق لعدة اعتقالات واعتداء بالضرب، ناهيك عن استهدافنا جميعا كعائلة مقدسية".
وقبل يومين من اعتقالها، كانت الناشطة زياد، وهي عضو بارز في حركة فتح – إقليم القدس، قد تحدثت لـ"العربي الجديد" من مقر الجالية الأفريقية في البلدة القديمة، بالقرب من باب الناظر أحد الأبواب الرئيسية للمسجد الأقصى، عن طبيعة المشروع الذي تنفذه من خلال مركزها النسوي في حي الثوري بدعم من جمعية خيرية إندونيسية.
وقالت عبير بينما كانت هي وزوجها يستعدان لاستقبال عشرات المصلين الذين أتموا صلاة الجمعة في حينه، وتقديم وجبة غذاء مجانية تحفيزا وتشجيعا لهم على دوام الرباط والصلاة في الأقصى، "إن مشروع الوجبات الغذائية واحد من سلسلة برامج ينفذها المركز النسوي بدعم من مجمعية ACT الإندونيسية، وهدفه تشجيع القادمين إلى المسجد الأقصى للحضور إليه والرباط فيه، إضافة إلى برنامج بطاقة التسوق التي تمنح لعائلات فقيرة تشتري من خلالها احتياجاتها من المواد الأساسية، وهو برنامج استفادت منه آلاف الأسر المقدسية منذ بدء تنفيذه في شهر يونيو /حزيران الماضي".
لم تخف عبير سعادتها في ذلك اليوم للأثر الذي تركه هذا المشروع الإنساني على الأسر المقدسية المستهدفة، وعلى تفاعل المصلين الذين رحبوا بالمشروع وأبدوا استعدادا لدعمه أيضا. وقالت "كان تفاعل المقدسيين كبيرا، وكانت الناس سعيدة بهذا النشاط، وببرنامج بطاقة التسوق التي توزع على فقراء البلدة القديمة والأحياء المحيطة بها".
أما الناشط المقدسي زياد زياد، زوج عبير والذي ما زال هو الآخر رهن الاعتقال، فعبّر في حديثه لـ"العربي الجديد" قبيل اعتقاله عن طموحه هو وزوجته بأن يتوسع هذا المشروع على نحو أكبر لتستفيد منه عديد العائلات المقدسية التي ترزح تحت وطأة الفقر.
وقال "نأمل أن تنضم جمعيات محلية وعربية وإسلامية أخرى لدعم هكذا نشاطات وفعاليات يمكن من خلالها أن نقدم للمواطن المقدسي مساعدة مباشرة تعينه على الصمود والبقاء في مدينته، وتحمل أعباء الحياة فيها".
إحدى المواطنات المقدسيات اكتفت بذكر اسمها الأول وهو نظمية، من سكان شارع الواد بالبلدة القديمة، وهي أم لسبعة أطفال، عبرت عن استغرابها لاعتقال عبير زياد وزوجها، وقالت إن "المساعدة التي تلقتها من الزوجين كانت عبارة عن وجبة غذائية يومية، إضافة إلى بطاقة تسوق ساعدت أسرتها في شراء الاحتياجات الأساسية من الزيت، والأرز، والسكر، ومعلبات البندورة، والفاصولياء الجاهزة، ما خفف عن العائلة بعض مصاريفها".
مواطن آخر، من عقبة السرايا بالبلدة القديمة من القدس وهو أبو عادل، كان من بين المشمولين بالمساعدة الإنسانية التي تقدمها عبير من خلال مركزها النسوي. لكن منذ اعتقال الزوجين لم تحصل عائلته على أي مساعدة رغم حاجتها الماسة لهذه المساعدة، بما في ذلك الوجبات الغذائية اليومية الجاهزة التي كانت تصل إلى العائلة.
المواطن أبو عادل وصف اعتقال الزوجين والتهم الموجهة إليهما بأنها سخيفة، وتساءل: "مساعدة الناس المحتاجة إرهاب...؟؟ لا بدهم يرحمونا ولا يخلوا الناس ترحمنا".
عبير المعروفة بنشاطها النسوي والوطني الواسع في القدس ومحيطها، تنتظر هي وزوجها ما ستقرره سلطات الاحتلال بحقهما في جلسة المحكمة اليوم الاثنين، وليس معلوما بعد ما إذا كان قضاة المحكمة سيفرجون عن الزوجين، أم تقدم ضدهما لائحة اتهام.
لكن "إن حدث وتم اتهامهما رسميا، فستكون تلك حرباً إسرائيلية جديدة على الفقراء المقدسيين، وملاحقات يومية من دوائر الاحتلال المختلفة" كما يقول ناشط حقوق الإنسان سليمان قوس في حديثه لـ"العربي الجديد"، محذرا من هذه "الحرب التجويعية" التي تستهدف حياة مئات، إن لم يكن آلاف الأسر المقدسية.