صحيح أن السعادة مفتاح الحياة، وغاية الإنسان في هذا الكون، إلا أنه في بعض الحالات قد تتسبب في حصول مشاكل قلبية لبعض الأشخاص. فقد توصل العلماء إلى أن متلازمة القلب المكسور قد تصيب أيضاً الأشخاص الذين يتعرضون لنوبات من السعادة، أو بمعنى أدقّ، يمكن أن تسبب نوبات السعادة متلازمة القلب المكسور نتيجة التعرض للإجهاد العاطفي.
حتى العام 2002، كان الموت بسبب كسر القلب مجرد تعبير شائع إلى أن تمكن الدكتور هيكارو ساتو وزملاؤه في مستشفى مدينة هيروشيما اليابانية من إثبات إمكانية وفاة الأشخاص بسبب الحزن وإن بنسب ضئيلة، وأطلق حينها اسم "تاكوتسوبو" أي اعتلال عضلة القلب.
في الآونة الأخيرة، اكتشف العلماء أنه يمكن أن تتسبب السعادة الزائدة أيضاً بمرض تاكوتسوبو، ويطلق عليها اسم "متلازمة القلب السعيد".
ما هي الأسباب؟
تحدث متلازمة القلب السعيد نتيجة حدث مفاجئ يصيب الإنسان، فعلى الرغم من أن عوارضها تتشابه مع النوبات القلبية، إلا أنها ناتجة عن ضغط جسدي أو عاطفي سعيد بحسب ما يؤكده أخصائي أمراض القلب الدكتور عادل شدياق لـ "العربي الجديد". ويقول: "تحدث انقباضات في عضلة القلب، نتيجة المواقف المفاجئة سواء أكانت سعيدة أم حزينة، ما يؤدي إلى حصول ضعف مؤقت في عضلة القلب.
بحسب شدياق، عادة ما تكون الأعراض متشابهة مع النوبات القلبية، بحيث يشعر المريض بضغط في القلب، أو ضيق تنفس، مع وجع في الكتف واليد.
وفق الدراسات، فإن متلازمة القلب السعيد أو المكسور لا تؤدي إلى حصول وفاة إلا بشكل نادر، وعادة ما تكون الحالة مؤقتة أو قصيرة المدى، وهو ما يميزها عن النوبات القلبية. صحيح أن أعراض متلازمة القلب المنكسر، والنوبة القلبية قد تكون متشابهة، إلا أنه وبحسب موقع Cleveland Clinic الطبي الأميركي، فعلى عكس النوبة القلبية التي يتضرر بها القلب بشكل لافت، فإن متلازمة القلب المنكسر لا تحدث أي ضرر في عمل القلب ولا يتم انسداد الشرايين التاجية.
دراسات علمية
نقلت شبكة "ذي كونفرسيشن" بنسختها البريطانية، العديد من الدراسات التي أثبتت إمكانية الإصابة بمتلازمة القلب السعيد. فقد وجدت دراسة أجريت على حوالي 135000 شخص في الولايات المتحدة، أن عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم بهذه الحالة قد ازداد بشكل مطّرد بين الأعوام (2006-2017)، وبينت الدراسات أن النساء كن أكثر إصابة بهذا النوع من المرض، بنسبة تصل إلى 88 في المائة، خاصة عندما تبلغ السيدة عتبة الخمسين عاماً.
خلال فترة الدراسة، وجد الأطباء أن الأشخاص المصابين بمتلازمة القلب السعيد، لديهم فائض من إفراز هرمون "الكاتيكولامينات"، وهو نوع من الهرمونات، مثل الأدرينالين والنورادرينالين والدوبامين، التي تنتجها الغدد الكظرية، وهو ما يؤدي إلى حصول أمراض في القلب، واستنتج حينها الأطباء إمكانية أن تتسبب السعادة بمرض في القلب.
هذه الدراسات وثقتها بشكل معمق دراسة حديثة أعدها توماس ستيرماير، دكتوراه في الطب من مستشفى جامعة شليسفيغ هولشتاين في لوبيك، ألمانيا، وزملاؤه ونشرت في مايو/ أيار الماضي في مجلة WebMd الطبية الأميركية، تبين أن الأحداث السعيدة تؤدي في حالات كثيرة إلى الإصابة بمتلازمة القلب المكسور، إذ إن المشاعر الشديدة سواء أكانت سعيدة أم حزينة تؤثر على عضلة القلب، على اعتبار أن امتلاك العواطف هو جزء من الطبيعة البشرية ولا يمكن التحكم فيه.
ووجد الأطباء الألمان أن الجسم يفرز هرمونات الكاتيكولامينات وإن كان يأتي نتيجة سماع خبر مؤلم، كالوفاة، أو التعرض للعنف بشكل مستمر، أو حادث سيارة، إلا أنه يمكن أن يكون أيضاً نتيجة الأحداث السعيدة مثل الفوز بجائزة.
في الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتقييم 2482 مريضا باستخدام سجل GErman-Italian-Spanish Takotsubo (GEIST) الخاص بمرضى متلازمة القلب المكسور، لمقارنة محفزات ونتائج المصابين بمتلازمة القلب المكسور والسعادة، وتبين أن من بين 910 مرضى يعانون من محفز عاطفي، هناك 37 شخصاً عانوا من متلازمة القلب السعيد، مقابل 873 شخصاً تم تصنيفهم ضمن مجموعة القلب المنكسر.