عبد الرحمن أبو الجديان.. مأساة أول مصاب بشلل الأطفال في غزة

30 اغسطس 2024
عبد الرحمن.. أول طفل مصاب بشلل الأطفال بسبب ظروف النزوح في غزة
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **حالة إنسانية مأساوية في غزة**: تعيش عائلة عبد الرحمن أبو الجديان في خيمة بدير البلح بعد نزوحها المتكرر بسبب الحرب، ويعاني طفلهم من شلل الأطفال، وهو أول حالة تُكتشف في غزة منذ بدء الحرب، في ظل ظروف إنسانية صعبة.

- **اكتشاف المرض وتداعياته**: شعرت والدة عبد الرحمن بصدمة بعد اكتشاف إصابة طفلها بشلل الأطفال، وتعتقد أن النزوح المستمر والطعام غير الصحي والمياه الملوثة هي الأسباب. يعاني الطفل من توقف الحركة وارتفاع الحرارة والقيء المستمر.

- **جهود التطعيم والدعوات لوقف القتال**: أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية عن حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في غزة، وطالبت الأمم المتحدة بوقف القتال لمدة سبعة أيام للسماح بإجراء جولتي تطعيم.

داخل خيمة صغيرة لا تصلح للسكن، تعيش عائلة عبد الرحمن أبو الجديان مع طفلها البالغ 11 شهرا، وهو أول حالة شلل أطفال في غزة تكتشف منذ بدء الحرب الإسرائيلية. ينام الطفل على سرير بلاستيكي صغير محاطا بوالدته وإخوته، وفي خيمة مفروشة بالحصير في مدينة دير البلح وسط القطاع، تكابد العائلة التي نزحت من جباليا (شمال) صعوبة الحياة، جراء نزوحها المتكرر بسبب أوامر إسرائيلية بالإخلاء.

نفين والدة عبد الرحمن أبو الجديان تشعر بحزن وصدمة جراء اكتشاف مرض طفلها، خاصة مع عدم توفر العلاج بقطاع غزة. لم تتخيل أن قلة حركة طفلها وارتفاع درجات حرارته والقيء قد تكون ناتجة عن إصابته بشلل الأطفال. لكن فحوصات طبية أجريت له في الأردن بعد إرسال العينات إلى هناك من طرف منظمات دولية أكدت إصابته بمرض شلل الأطفال، ليكون أول طفل يُصاب بهذا المرض نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية.

وفي 16 أغسطس/ آب الجاري، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية تسجيل عبد الرحمن أبو الجديان أول إصابة مؤكدة بشلل الأطفال في قطاع غزة، لكونه لم يتلق تطعيما ضد المرض.

والدة عبد الرحمن أبو الجديان: الاحتلال هو السبب

تقول الأم لـ"الأناضول": "طفلي لم يتلق أي جرعة تطعيم ضد شلل الأطفال في غزة حيث كان عمره شهرا واحدا في بداية الحرب التي عانينا فيها بسبب النزوح المستمر". وتضيف: "نزحنا من شمال قطاع غزة إلى مدينة رفح، ثم إلى دير البلح، في ظروف إنسانية صعبة". وتوضح: "اكتشاف مرض طفلي جاء بعد توقفه عن الحركة وارتفاع درجة حرارته والقيء المستمر، مكث في المستشفى قرابة أسبوعين دون علاج جراء نقص الأدوية والحصار الإسرائيلي".

اكتشاف مرض طفلي جاء بعد توقفه عن الحركة وارتفاع درجة حرارته والقيء المستمر

تقول والدة عبد الرحمن أبو الجديان إن الأطباء أخبروها بعد صدور نتيجة العينة المرسلة إلى الأردن بأن طفلها مصاب بشلل الأطفال، وأنه لا إمكانية لعلاجه بمستشفيات غزة. "طفلي كان يتمتع بحركة دائمة ويحبو على رجليه، لكنه اليوم لم يعد يتحرك"، هكذا قارنت الأم بين الأمس واليوم. وتردف: "في غزة لا يوجد علاج له، ونأمل أن يُخرج من القطاع ليتلقى العلاج". ووفق ترجيحها، ترى الأم أن سبب إصابة طفلها بمرض شلل الأطفال في غزة يعود إلى عمليات النزوح، والطعام غير الصحي، والمياه الملوثة، وهي من تداعيات الحرب التي يشنّها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين.

وتتابع: "طفلي بحاجة إلى مياه نظيفة بشكل مستمر، وأنا لا أستطيع شراءها؛ فلا يوجد عمل ولا مصدر دخل لنا، ونعيش في خيمة ونعاني من النزوح".

ومنذ بداية الحرب على غزة، يجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين على مغادرة منازلهم والتوجه إلى مناطق يُطلق عليها اسم "المناطق الإنسانية"، ومع ذلك، تواجه هذه المناطق القصف أيضا، ما يؤدي إلى وقوع قتلى وجرحى ومأساة إنسانية.

طفلي بحاجة إلى مياه نظيفة بشكل مستمر، وأنا لا أستطيع شراءها؛ فلا يوجد عمل ولا مصدر دخل لنا، ونعيش في خيمة ونعاني من النزوح

ويضطر الفلسطينيون النازحون إلى إنشاء مخيمات مؤقتة في أماكن متفرقة في قطاع غزة، بعد أن تركوا منازلهم قسرا. وتفتقر هذه المخيمات إلى أبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذاً مؤقتاً للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، حيث يقيم فيها النازحون في ظروف صعبة.

آمال بالعلاج

وقرب طفله، يجلس الأب أمجد وعيناه لا تفارق عبد الرحمن، في حين تتجلى على وجهه ملامح الحزن العميق بسبب ما حلّ به. يقول الأب لـ"الأناضول": "نعاني من أوضاع معيشية صعبة ونزوح مستمر بسبب الحرب، نعيش في خيمة". ويتابع: "طفلي هو أول حالة تصاب بمرض شلل الأطفال نتيجة المياه الملوثة"، لكنه يأمل "إخراج عبد الرحمن للعلاج في أقرب وقت ممكن".

دعوات إلى هدنة لاحتواء شلل الأطفال في غزة

ومساء الخميس، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين ريتشارد بيبيركورن إن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة تبدأ في الأول من سبتمبر/ أيلول المقبل. ونقلت القناة "12" العبرية الخاصة عن مسؤول في المنظمة، وصفته بـ"الكبير"، قوله إنّ "تل أبيب التزمت بوقف الجيش الإسرائيلي إطلاق النار في مناطق محددة بقطاع غزة (لم يحدد التاريخ والمدة)، بهدف التطعيم بلقاح شلل الأطفال".

وجلبت منظمة الأمم المتحدة للأطفال "يونيسف" 1.2 مليون جرعة من اللقاح إلى قطاع غزة استعدادا لإجراء حملة التطعيم. فيما طلبت الأمم المتحدة وقف القتال لأسباب إنسانية في القطاع مدة سبعة أيام للسماح بإجراء جولتي تطعيم.

ويصيب المرض الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى، فيما تؤدي حالة واحدة من أصل 200 عدوى بالمرض إلى شلل عضال، ويلاقي ما يراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقّف عضلات التنفس عن أداء وظائفها. وتقول الأمم المتحدة على موقعها إنه "طالما يوجد طفل واحد مصاب بعدوى فيروس الشلل، فإن الأطفال في جميع البلدان معرضون لخطر الإصابة بالمرض".

من جهتها، سبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية من أن تدمير النظام الصحي في غزة، وانعدام الأمن، وإعاقة الوصول، والنزوح المستمر للسكان، ونقص الإمدادات الطبية، وسوء نوعية المياه، وضعف الصرف الصحي، تؤدي جميعها إلى انخفاض معدلات التطعيم الروتيني وزيادة خطر الإصابة بالأمراض التي تمكن الوقاية منها باللقاحات، بما في ذلك شلل الأطفال.

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 134 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة. وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

(الأناضول، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
نتنياهو وغالانت في الخليل، 21 أغسطس 2023 (الأناضول)

سياسة

أصدرت المحكمة الجنائية الخميس أوامر اعتقال بحق كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
الصورة
نقل مرضى وجرحى من مستشفى كمال عدوان إلى مجمع الشفاء الطبي - قطاع غزة - 28 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية، مساء أمس الأربعاء، بسقوط 66 شهيداً وأكثر من 100 جريح بقصف إسرائيلي استهدف تجمعاً سكنياً في محيط مستشفى كمال عدوان.
الصورة
المساعدات إلى غزة في كرم أبو سالم / 14 مارس 2024 (Getty)

سياسة

يقود زعيما عصابات، أحدهما تاجر مخدرات والآخر تورط سابقاً بالعمل مع داعش، عمليات النهب الأكبر والأكثر نشاطاً لقوافل المساعدات إلى غزة والتي أدخلت القطاع بأزمة.
الصورة
فلسطينيون ينزحون من بيت لاهيا جراء القصف الإسرائيلي 17 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

يتجه الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز سيطرته العسكرية على قطاع غزة المحاصر، وسط مؤشرات ملموسة إلى بدء تطبيقه الحكم العسكري، فضلاً عن التأسيس لتطلعات المستوطنين.