مها السرسك من بيع الخبز لخدمة النازحين.. طفولة مؤجلة في غزة

29 ابريل 2024
مها السرسك.. فتاة سخرت جهدها لخدمة المهجّرين في مستشفى وسط غزة
+ الخط -
اظهر الملخص
- مها السرسك، فتاة عمرها 15 عامًا من غزة، تحمل مسؤولية إعالة أسرتها المكونة من 10 أفراد بالبحث عن الماء لغسل ملابس وأواني النازحين مقابل أجر بسيط، في ظل غياب والدها والحرب الإسرائيلية.
- تعاني غزة من نقص حاد في المياه والموارد الأساسية، مع وجود حوالي 2 مليون نازح يواجهون صعوبات يومية، حيث تقطع مها مسافات طويلة يوميًا في سبيل توفير الدخل.
- رغم الظروف القاسية، تظل مها رمزًا للأمل والإرادة، تحلم بانتهاء الحرب والعودة لمنزلها، معبرة عن معاناة أطفال غزة الذين يواجهون واقعًا مؤلمًا ويعملون في ظروف صعبة.

لم تجد الفتاة مها السرسك (15 عاماً) سبيلاً لإعالة أسرتها النازحة من حي الشجاعية شرقي غزة إلى وسط القطاع، سوى العمل في خدمة النازحين، بدءاً من طوابير الخبز وصولاً إلى غسيل الأواني والملابس، غير عابئة بمشاق العمل وقسوته، في محاولة لتعويض غياب والدها ومساعدة عائلتها النازحة التي تضم 10 أفراد، بصفتها الأخت الكبرى.

تبدأ السرسك يومها بالخروج كل صباح بحثاً عن مصدر لتعبئة غالونات المياه، لتستطيع ممارسة عملها في غسل ملابس مواطنين نازحين وأوانيهم في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة وفي المنطقة المحيطة، قاطعة مسافة طويلة سيراً على الأقدام للوقوف في طابور طويل، بانتظار دورها لتعبئة المياه.

مها السرسك.. طفولة مؤجلة في غزة

تحمل الطفلة بيديها الصغيرتين غالونين من المياه، وتقطع ذات المسافة عودةً وصولاً إلى خيمتها في مستشفى شهداء الأقصى، حيث تقوم بممارسة عملها اليومي في غسل الملابس مقابل أجر بسيط، لإعالة أسرتها التي تضم 10 أفراد، غير مكترثة  لصغر سنها والمجهود الكبير الذي يحتاج إليه، فكل ما تريده توفير قوت لعائلتها النازحة في ظل عدم وجود والدها معهم والظروف الصعبة التي تعيشها.

الصورة
مها السرسك... طفولة في خدمة النازحين في غزة، 29 إبريل 2024 (الأناضول)
مها السرسك.. تقطع كل صباح مسافة طويلة سيراً على الأقدام للحصول على الماء، 29 إبريل 2024 (الأناضول)

ويتعرض قطاع غزة لحرب إسرائيلية مدمرة منذ نحو 7 أشهر، حيث يعاني ما يقارب 2 مليون نازح من إجمالي عدد 2.3 مليون فلسطيني، والذين يشكلون سكان قطاع غزة، نقصاً كبيراً في المياه، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، نتيجة قطع إسرائيل لإمدادات المياه والوقود والكهرباء منذ بداية الحرب.

"أنا الأكبر سناً بين إخوتي، لذا أُضطر إلى العمل من أجل توفير دخل للعائلة"، قالتها مها السرسك مشيرة إلى معاناتها في بداية نزوحها وعائلتها نحو مدينة دير البلح، حيث كانت تقف لساعات طويلة في طوابير لشراء الخبز من المخابز، ثم تبيعه لأولئك الذين لا يرغبون في الوقوف في تلك الطوابير، وتحصل على أجر لذلك، غير أن هذا العمل الشاق كان يستغرق وقتًا طويلاً ولم يكن يلبي احتياجات العائلة، لذا اضطرت إلى البحث عن عمل آخر.

الصورة
مها السرسك... طفولة في خدمة النازحين في غزة، 29 إبريل 2024 (الأناضول)
مها السرسك... ملامح بريئة لم تغيرها قسوة العمل ومعاناتها اليومية في البحث عن المياه، 29 إبريل 2024 (الأناضول)

وجدت السرسك، في غسل الملابس والأواني للنازحين فرصة لجلب دخل لأسرتها التي تعاني ظروفًا مأساوية ناتجة عن الحرب، لكن كانت تواجه تلك صعوبات في بداية الأمر للعثور على الماء ومسحوق غسل الملابس والأواني، مضيفة: "بحثت عن مصادر عدة للحصول على المياه داخل المستشفى وخارجه، وهناك بدائل لتعبئة المياه وإن كانت متعبة، لكنها تؤدي الغرض". إلى أن تمكنت، بحسب قولها، من توفير المعدات اللازمة من أوانٍ وجرادل وغالونات مياه وغيرها، بالإضافة إلى مكان لنشر الملابس بعد غسلها.

ملامح البراءة لم تغيرها قسوة العمل ومعاناتها اليومية في البحث عن المياه، قائلة: "مشكلة المياه هي الأكبر، أحياناً أُضطر إلى السير لمسافات طويلة، وأحياناً قد لا يتوفر الماء وأُضطر إلى الوقوف في طوابير طويلة لفترات زمنية طويلة أيضاً"، مشيرة إلى أنها في بعض الأحيان لا تجد الماء في المستشفى فتدفع نفسها إلى المشي مسافات بعيدة للحصول على كميات قليلة.

الصورة
مها السرسك... طفولة في خدمة النازحين في غزة، 29 إبريل 2024 (الأناضول)
وجدت السرسك في غسل الملابس والأواني للنازحين فرصة لإعالة أسرتها، 29 إبريل 2024 (الأناضول)

دموع البراءة التي انسابت على وجنتها بينما تروي الفتاة معاناتها مع الحرب تكشف حجم الألم الغائر في نفوس أطفال غزة، تحاول الاستدراك قائلة: "هذه الحرب حرمتنا من طفولتنا وأبسط حقوقنا، ودفعتنا إلى العمل في أعمال شاقة وصعبة في ظل ظروف معقدة وخطيرة"، مضيفة "هذا ما استطعت فعله في هذا الواقع الصعب، أنا لم أعمل بخاطري لكن الظروف الصعبة وعدم وجود دخل ثابت اضطرني إلى العمل من أجل إيجاد مصدر دخل لعائلتي"، متمنية أن تنتهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي جعلتها تعيش في خوف وتوتر، وأن تعود إلى منزلها في حي الشجاعية الذي لا تزال وعائلتها يجهلون مصيره.

وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي، حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 100 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، ودماراً هائلاً، ومجاعة حقيقية أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ويواصل الاحتلال الإسرائيلي حربها رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فوراً، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

(الأناضول، العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
نور أبو العجين وسط عائلتها في رام الله، 29 يوليو/ تموز 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

لم يكن والد نور أبو العجين يحتاج للاتصال بعائلته في دير البلح في غزة، ليبلغها بتفوق ابنته في امتحانات الثانوية العامة، إذ بادروا مهنّئين.
الصورة
نائل النجار ووالدته في غزة، 29 يوليو/ تموز 2024 (الأناضول)

مجتمع

عاش الأسير الفلسطيني نائل النجار 20 عاماً في أقبية السجون الإسرائيلية، ينتظر بفارغ الصبر لحظة الحرية ليتمكن من لقاء خطيبته والزواج منها.
الصورة
أطفال يحملون غالونات لتعبئتها بمياه الشرب في رفح، 25 يونيو 2024 (إياد بابا/فرانس برس)

سياسة

أمر ضباط في جيش الاحتلال الاسرائيلي بتفجير خزان مياه للشرب في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، وهو ما يُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
الصورة
غزة (سعيد جرس/ فرانس برس)

مجتمع

من خلال صناديق المساعدات الإنسانية، وجد الفنان التشكيلي الفلسطيني أحمد مهنا ضالته لتوثيق معاناة المهجرين في غزة الذين أُجبروا على ترك منازلهم.
المساهمون