لا تكف المنظمات الحقوقية في مصر عن نشر استغاثات أسر السجناء السياسيين في مختلف السجون المصرية، من جراء الإهمال الطبي المتعمد بحق أبنائها المرضى. وآخر تلك الاستغاثات كانت ما نشرته منظمة "نحن نسجل" حول "تدهور الحالة الصحية للشاب أحمد نادر عبد القادر حماد (28 عاماً) الموجود في سجن القناطر رجال في مصر، إذ يعاني من مرض السكري. كما يحتاج إلى تدخل جراحي لوجود أورام عدة، وهو ما يتم التعنت فيه حتى الآن من قبل إدارة السجن وقطاع الحماية المجتمعية - مصلحة السجون سابقاً".
وترفض السلطات تسليم أسرته أية تقارير طبية حول حالته الصحية، مكتفية بالسماح له باستلام الأدوية، بحسب المنظمة، التي أكدت انتهاء محكوميته في القضية رقم 64 لسنة 2017 جنايات شمال القاهرة العسكرية. وبدلاً من الإفراج عنه، دين على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 200001 لسنة 2020.
وناشدت المنظمة السلطات المصرية بسرعة تقديم الرعاية الطبية اللازمة لأحمد نادر مع إخلاء سبيله نظراً لظروفه الصحية. كما تلقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان استغاثة عاجلة من أسرة السجين السياسي جهاد عبد الغني سليم (32 عاماً)، والمصاب بالسرطان، والمسجون في سجن ليمان أبو زعبل 2، بعد اعتداء الطبيب الذي يعالجه في السجن محمد فؤاد عليه بالضرب عدا عن رفضه إعطائه العلاج المسكن للألم على الرغم من تدهور حالته الصحية.
وقالت أسرة جهاد إن الأخير اشتكى لها أثناء زيارته الأخيرة في 21 أغسطس/ آب مما تعرض له من اعتداءات من قبل فؤاد ومنعه من تلقي جرعة الدواء المسكنة للآلام منذ نحو 20 يوماً، ما زاد من ألمه ومعاناته. وكشف جهاد أثناء زيارة أسرته له ما دار بينه وبين الطبيب. سأل جهاد الأخير: لماذا لا تسمح بخروجي للعلاج في مستشفى متخصص وإجراء الجراحة اللازمة؟ فرد الطبيب "وتتعالج ليه (لماذا العلاج؟) إحنا عوزينك تموت هنا (نريدك أن تموت هنا)".
أضافت الأسرة في استغاثتها أن إدارة السجن لم تسمح لها بإدخال الطعام على الرغم من أنه لا يحتوي إلا على ألبان وعصائر، بعدما تدهورت حالته وزاد حجم الورم في حلقه، ما يتسبب في عدم قدرتة على تناول الطعام. ورغم المناشدات السابقة والمطالبات المتكررة بضرورة إحالته إلى أحد مستشفيات الأورام المتخصصة لإجراء عملية جراحية لإنقاذ حياته، إلا أن "إدارة سجن أبو زعبل 2 ترفض ذلك وتتعنت"، بحسب الشبكة.
وأعربت الأسرة في استغاثتها عن قلقها البالغ على صحته وسلامته وحياته، وقالت إن حالته النفسية غير مستقرة وتخشى أن يقدم على الانتحار، وقد أخبرها أنه قد ينهي حياته مع استمرار منعه من العلاج في ظل التعنت الشديد الذي يتعرض له.
يذكر أن جهاد كان قد اعتقل منذ سبتمبر/ أيلول 2015، وقد صدر بحقه حكم بالسجن 15 عامًا على ذمة قضية سياسية، وأصيب بسرطان الحلق منذ قرابة العام ونصف العام. وتدهورت حالته الصحية بسبب عدم تلقيه العلاج اللازم في أجزاء أخرى من جسده، بحسب الشبكة.
وتوجهت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ببلاغ رسمي إلى نقابة الأطباء المصرية للتحقيق في ما نسب إلى الطبيب، والنائب العام المصري المستشار حمادة الصاوي، ولجنة الشكاوى بمصلحة السجون المصرية، بفتح تحقيق والعمل على سرعة إنقاذ حياة الشاب.
يشار إلى أن الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز يخالف نصوص الدستور المصري. وتنص المادة 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014 على أنه "لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة".
وتنص المادة 55 من الدستور على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ كرامته. ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيّاً أو معنويّاً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيّاً وصحيّاً". كذلك تنص المادة 56 على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر".