- تشكيل فريق عمل مشترك لتنسيق الجهود ضد الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة، مع التركيز على تنمية المناطق الحدودية وتعزيز القدرة التفاوضية مع الاتحاد الأوروبي.
- الرئيس الجزائري تبون أكد على أهمية الموقف الموحد بين الدول المغاربية لمواجهة الضغوط الأوروبية وحماية مصالحها واستقرارها في مواجهة التحديات الأمنية والإنسانية المرتبطة بالهجرة.
برز ملف الهجرة غير النظامية وارتباطها بمشكلات الأمن والجريمة والإرهاب بشكل لافت على طاولة اجتماع قادة تونس والجزائر وليبيا، الذي انعقد أمس في العاصمة تونس، خاصة أن القضية باتت تشكل قلقاً لافتا بالنسبة لسلطات الدول الثلاث، نتيجة انعكاساتها الداخلية والخارجية وجهود صدّ تدفقات المهاجرين. وحمل البيان الختامي للاجتماع، الذي حضره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، تفاهمات بشأن الكيفية المشتركة للتعامل مع ملف الهجرة غير النظامية.
وتقرر "تكوين فريق عمل مشترك يعهد له إحكام تنسيق الجهود لتأمين حماية أمن الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة، ووضع مقاربة تنموية تشاركية لتنمية هذه المناطق"، والتفاهم على "العمل على توحيد المواقف والخطاب في التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية جنوب الصحراء".
وقبل فترة كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد انتقد تعاطي الدول المغاربية مع ملف الهجرة كل على حدة مع الاتحاد الأوروبي، ما يسمح لهذا الأخير بممارسة ضغوط كبيرة على دول الضفة الجنوبية للمتوسط، ودفعها إلى القبول ببرامج تمويلات مالية موجهة لمحاربة الهجرة، مقابل اشتراطات تحول الدول المغاربية إلى دركي وحائط صدّ لتدفقات الهجرة، وهو ما حدث فعلياً بين الاتحاد الأوروبي وكل من تونس وليبيا خاصة في غضون العامين السابقين، باعتبارهما دول عبور لتدفقات الهجرة إلى أوروبا. واعتبر تبون أنه في حال وجود صوت موحد ومعالجات مشتركة بين الدول المغاربية المعنية بملف الهجرة، فإنها ستكون أكثر قدرة على الحفاظ على مصالحها، إزاء الضغوط الممارسة عليها.
ويفهم من تأكيد البيان الختامي على اتفاق لتشكيل فريق يتولى صياغة موقف موحد بشأن ملف تدفقات الهجرة تحول، إذ إنه سيمكن الدول المغاربية الثلاث من مخاطبة الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة وضمن سياق جغرافي واحد، وهو عامل يعزز القدرة التفاوضية بالنسبة لها من جهة، ويتيح لها طرح تصوراتها لكيفيات معالجة ملف الهجرة والمهاجرين، دون ضغوط سياسية أو إغراءات مالية، ومن جهة ثانية توفير إطار منظم لمناقشة الملف بشكل مشترك مع دول الساحل والصحراء باعتبارها دول المصدر.
وسيسمح هذا الخيار الموحد بوضع خطة مشتركة للتعامل والتنسيق الميداني لحراسة الحدود وتأمينها من تدفقات المهاجرين، بدلا من تبادل اتهامات غير معلنة، كما هو الشأن بين تونس والجزائر، حيث يتهم ناشطون وتقارير تونسية الجزائر بتسهيل عبور المهاجرين، ومن جانب آخر بتلافي المشكلات والأزمات التي سبق أن أثارها الملف بين الدول المغاربية الثلاث ودول الساحل والصحراء نفسها، بسبب تداعيات أمنية ومشكلات ذات صلة بالسلم الأهلي، كانت أحدثتها أزمة دبلوماسية محدودة بسبب ملف الترحيل القسري للمهاجرين إلى النيجر، وقبلها كانت العلاقات بين تونس وعدد من دول الساحل وغرب أفريقيا قد شهدت حالة من التوتر نتيجة اتهامات وجّهتها هذه الدول إلى تونس بإساءة معاملة المهاجرين، وقبل ذلك وجهت الاتهامات نفسها إلى الحكومة الليبية.
بالنسبة للباحث في شؤون الهجرة، حميد خليفة، فإن التفاهمات التي تمت بين الجزائر وتونس وليبيا جاءت في توقيت مهم وحساس، وقال لـ"العربي الجديد" إنه "من الجيد أن هذه الدول أخذت خطوة مشتركة في هذا الملف بالغ التعقيد، أولا سيسمح لها بمخاطبة الجانب الأوروبي بصوت واحد وموقف موحد، ويؤهلها في المقابل لمعالجة هادئة وإنسانية مع دول المصدر، وإذا قارنا التقديرات التي تتحدث مستقبلا عن إمكانية نزوح أكثر من 17 مليون شخص من مناطق غرب أفريقيا والساحل والصحراء إلى مناطق شمال أفريقيا، بسبب التغيرات المناخية ومشكلات الأمن والإرهاب وعدم الاستقرار، فإننا نكون أمام خطوة استباقية مهمة من قبل الدول المغاربية، حفاظاً على مصالحها واستقرارها الأهلي".