كفرنوران... بلدة سورية تحت رحمة المسيَّرات

09 سبتمبر 2024
نزوح متكرر في الشمال السوري (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

تستخدم قوات النظام السوري أساليب عدة لترهيب المدنيين ضمن مدن شمال غرب سورية وبلداته، وقد لجأت منذ أشهر إلى استخدام المسيّرات وسيلةً لإثارة الرعب. ومن البلدات التي شهدت مؤخراً حركة نزوح جراء القصف والاستهداف بالمسيّرات، بلدة كفرنوران التابعة لمنطقة الأتارب في ريف حلب الغربي.
وتعد البلدة واحدة من بلدات المنطقة القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام، والتي يحاول أهلها والنازحون إليها التأقلم مع الوضع والتعايش مع مخاوفهم في سبيل البقاء فيها والحفاظ على لقمة عيشهم. إلا أنها أصبحت مؤخراً إحدى البلدات المنكوبة التي يصعب التحرك فيها، وبات النزوح الوسيلة الوحيدة لأهلها للاحتماء من خطر المسيرات. 
ونزح الكثير من أهالي البلدة خوفاً من أن تطاولهم هذه الهجمات، ومنهم مثنى بركات الذي نجا بعد تعرض محله التجاري في سوق المدينة للاستهداف، وهو الآن نازح مؤقتاً إلى مدينة الأتارب القريبة. ويقول لـ "العربي الجديد": "الوضع في كفرنوران أصبح مأساوياً وأصبحت بلدة منكوبة بكل معنى الكلمة، وتتعرض للقصف بالمسيرات بشكل يومي. قبل عدة أيام، استهدف السوق بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابة 13 مدنياً بينهم أربعة أطفال، ومؤخراً، استهدفت سيارة مدنية ومحل خضار ومكتبة ومحل دجاج، والسوق الشعبي هو الوحيد في البلدة الذي يشتري منه الأهالي".
نزح المزارع محمد خلاصي عن البلدة أيضاً، ويوضح لـ "العربي الجديد": "هناك مخاوف من البقاء في البلدة، والأضرار المادية بالغة. غالبية المزارعين تركوا العمل في الأرض خوفاً على حياتهم، كما أن السير في شوارع البلدة لم يعد آمناً. في أي لحظة قد تضرب السوق تلك الطائرات وتسبّب قتلى وإصابات. نزحت مؤقتاً مع عائلتي إلى مدينة الأتارب، ونترقب أن تهدأ الأوضاع خلال الأيام المقبلة ويتوقف القصف. نرجو ألا يطول الأمر، إذ لا مكان ننزح إليه، والوضع صعب".
وفي الوقت الحالي، لا يمكن للمدنيين التنقل إلا وقت الظهيرة كما يوضح النازح من البلدة عيسى عبد السلام. ويقول لـ "العربي الجديد" إن الاستهدافات كانت تتكرر خلال ساعات الصباح الأولى خلال تجمع المدنيين في السوق الشعبي أو الشوارع، أو خلال ساعات المساء. يضيف: "توقف المزارعون عن العمل في الأراضي الزراعية بسبب المخاوف الكبيرة من الاستهداف. الوضع سيئ للغاية".
يضيف عبد السلام: "تجاوزتُ الخامسة والأربعين من العمر. عايشنا قصف المدفعية والطائرات الحربية، لكن هذا القصف من نوع مختلف. نسمع صوت المدفعية ونحتمي منها، وبتنا نعرف الاحتماء من الطيران الحربي. لكن لا ندري كيف نتفادى المسيرات. هذا بحد ذاته مرعب. في أية لحظة قد تستهدف طائرة الشارع من دون أن ننتبه إليها".
وتتعرض بلدة كفر نوران لاستهداف متكرر من قبل قوات النظام السوري. ففي يونيو/ حزيران عام 2023، تعرضت لقصف من قبل قوات النظام سبّب مقتل 3 من المدنيين وإصابة 11 آخرين، ومنذ ذلك الحين تتعرض البلدة لقصف متكرر.

يقول ماجد البكور من البلدة لـ "العربي الجديد"، إن "المنطقة لم تعد تتسع للنازحين. أما ما يخص بلدتنا، ففيها نازحون، وقد أجبر بعضهم على النزوح. المخيمات لم تعد تتسع والوضع سيئ للغاية، والدعم الإنساني متوقف. إلى أين نذهب؟ لجأت إلى أقارب لي في مدينة الأتارب، ثم عدت إلى البلدة. نزوحنا قد يطول ولا نستطيع العيش من دون عمل. أفضل البقاء في البلدة وتحمل القصف والخوف، وفي حال نزوح السكان عنها بالكامل، فسأكون معهم".
وتوضح منظمة الدفاع المدني السوري، في تقرير صدر عنها في الثاني من سبتمبر/ أيلول الماضي، أن منطقة شمال غرب سورية شهدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية تصعيداً عنيفاً من قوات النظام السوري التي لجأت إلى استهداف المدن والبلدات بالمسيرات، التي أوقعت ضحايا في صفوف المدنيين، خصوصاً في قرى سهل الغاب وريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي.  
وتوضح المنظمة أن "الهجمات المتواصلة لقوات النظام، خصوصاً المسيرات، تولّد حالة من الهلع والخوف لدى المدنيين في المناطق التي تصل إليها هذه الطائرات وتعرقل عجلة العمل في الأراضي الزراعية والتنقلات وحركة طلاب المدارس وتهدد حياة المدنيين بالخطر بشكل دائم".
ووفقاً للمنظمة،  تنذر هذه الهجمات بموجات نزوح جديدة "في ظل نهج إجرامي وسياسة مستمرة لقتل السوريين، وموت يتربص بهم وتفاقم المأساة الإنسانية يوماً بعد يوم وتراجع الاهتمام الدولي بالقضية السورية".

المساهمون