العراق: مسح جديد للتخفيف من نسب الفقر

14 نوفمبر 2022
يطاول الفقر نحو 25% من سكان العراق (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من تأكيدات السلطات العراقية المتتالية في ما يتعلق بالوفرة المالية الكبيرة في العام الجاري، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتحقيق البلاد إيرادات مالية وصلت إلى نحو 11 مليار دولار أميركي شهرياً لقاء بيع النفط فقط، فإنّ أزمة الفقر ما زالت تتفاقم في البلاد إلى جانب تسجيل البطالة أرقاماً مرتفعة.

حدّد صندوق الأمم المتحدة للسكان، اليوم الإثنين، ستّ ركائز لتخفيف نسب الفقر بالعراق في المرحلة المقبلة، بحسب مستشار الصندوق مهدي العلّاق الذي أشار إلى أنّ نسبة الفقر بالبلاد بلغت 23% في عام 2007، "بناءً على دراسات دقيقة ومدعومة من البنك الدولي ثمّ انخفضت بعد خمسة أعوام لتصل إلى 19%". أضاف العلّاق في حديث نقلته صحيفة "الصباح" العراقية الرسمية أنّه "كان من المؤمل في خلال عامَي 2014 و2015 أن تنخفض إلى 16%، بيد أنّ احتلال تنظيم داعش للأراضي وانخفاض أسعار النفط بشكل كبير في خلال تلك المدة تسبّبا في زيادة النسبة"، مبيّناً أنّ "آخر التقديرات المتاحة لعام 2019 تشير إلى أنّ نسبة الفقر تبلغ 20%".

وأكّد العلّاق أنّ ثمّة "عملاً دؤوباً من قبل الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط لتنفيذ مسح جديد للخصائص الاقتصادية والاجتماعية للأسرة العراقية (SAS) الذي سوف يكون بإمكانه بناء خط فقر جديد للعراق في خلال عام 2023". وأوضح العلّاق أنّه من المفترض أن يبدأ العمل به مع بداية العام المقبل ليستمرّ 12 شهراً متواصلة، مشيراً إلى "ضرورة تحسين أوضاع التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والسكن والبيئة وتقليل التفاوت بين الذكور والإناث، وكلّ هذه تحتاج إلى جهود تنموية كبيرة. ومتى ما تحسّنت هذه الركائز سوف تنخفض نسبة الفقر في العراق".

وفي وقت سابق، أفاد المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق أنّ "نسب الفقر بلغت أرقاماً غير مسبوقة"، مشيراً إلى أنّها "وصلت إلى قرابة 25% من السكان، أي بحدود تسعة ملايين مواطن من مجموع عدد سكان العراق البالغ أربعين مليون نسمة تقريبا". وأضاف المركز في بيان أنّ "البطالة ارتفعت أيضاً بنسبة 14% أي بحدود أربعة ملايين عاطل من العمل"، عازياً ذلك إلى "رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي، ورفع الدعم عن القطاعَين الصناعي والزراعي، والاعتماد بشكل كبير على الاستيراد".

وطالب المركز في بيانه الحكومة الجديدة بـ"إيجاد حلول حقيقية وليس ترقيعية، منها دعم القطاعَين الزراعي والصناعي بشكل مباشر، بالإضافة الى زيادة كمية البطاقة التموينية الشهرية المخصصة للعوائل".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقي عبد الزهرة الهنداوي لـ"العربي الجديد" إنّ "الوزارة تسعى وفق الرؤية الحكومية الجديدة إلى تخفيف نسب الفقر في البلاد، عبر سلسلة من الإجراءات المالية، لا سيّما أنّ الوفرة المالية موجودة وكذلك إمكانية إجراء الإصلاحات". وأضاف الهنداوي أنّ "نسبة الفقر في العراق في تصاعد مستمرّ"، لافتاً إلى أنّ "أزمة كورونا الوبائية زادت من هذه النسبة، بالتالي فإنّه من المفترض أن تتوزّع الوفرة المالية الحالية بطريقة منظمة على مشاريع تنهض بالبلاد".

من جهته، قال عضو منظمة "الإغاثة العراقية" مصطفى السلطاني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة الحالية مجبرة على حلّ مشكلة الفقر في عموم مدن البلاد، واستغلال الوفرة المالية الحالية، وخفض نسبة الفقر إلى أقلّ من 10%"، لافتاً إلى أنّ "الحكومات العراقية السابقة لم تتمكّن كلّها من حلّ أزمة الفقر، ومساعدة الفقراء وتوفير فرص العمل لهم، فيما كانت البيانات الحكومية السابقة بمعظمها وعوداً كاذبة".

أمّا الخبير الاقتصادي العراقي عبد الرحمن الجبوري، فرأى أنّ "نسبة الفقر في العراق لسنة 2022 تجاوزت 25%، وهي الأعلى منذ الاحتلال الأميركي للبلاد في عام 2003، بالتالي فإنّ الحكومة أمام تحدّ صعب لمساعدة نحو 10 ملايين مواطن عراقي تحت خطّ الفقر". وشدّد لـ"العربي الجديد" على ضرورة أن "توفّر ميزانية العراق لعام 2023 مساحة مالية كافية لمحدودي الدخل والفقراء، وتخصيص جزء من الأموال الوفيرة حالياً لتمكين الفقراء ومنع استمرار تصاعد نسبتهم".

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد "وجّه وزارة المالية بإرسال مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2023 إلى المجلس الوزاري للاقتصاد بالسرعة الممكنة لدراسته"، على أن يُرسَل بعد ذلك إلى "الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإدراجه في جدول أعمال مجلس الوزراء، من أجل الإسراع في تشريعه لأهميته".

ولا يختلف حجم التأثّر بالفقر في مناطق العراق، إذ لا فرق ما بين مدن الشمال والجنوب، لا سيّما أنّ الأحزاب والكيانات السياسية والمليشيات تحتكر الوظائف والأموال والقطاعات الخاصة والحكومية. ولعلّ البصرة وميسان والناصرية تسجّل نسب الفقر الأعلى، بالإضافة إلى المناطق المحرّرة من سيطرة تنظيم "داعش"، تحديداً مدينة الموصل التي تتراجع فيها الخدمات في حين أنّ الذين عادوا إليها ما زالوا بلا مصادر رزق بسبب الخراب.

المساهمون