استمع إلى الملخص
- **تفاقم الوضع الصحي بسبب الحرب**: الحرب الإسرائيلية أدت إلى تدمير المستشفيات وتفاقم الأوضاع الصحية، مع تحذيرات من انتشار الأمراض بسبب الاكتظاظ وتراجع النظافة الشخصية.
- **نقص الأدوية والمستلزمات الطبية**: نقص حاد في الأدوية والعلاجات الطبية، مع فقدان 70% من قائمة الأدوية الأساسية، مما دفع منظمة الصحة العالمية لدق ناقوس الخطر.
تُهدّد كارثة وبائية جديدة مخيمات النزوح في غزة مع انتشار مرض الجرب الجلدي، سريع العدوى، والذي تفشى جراء تراكم مياه الصرف الصحي بين الخيام وانعدام النظافة الشخصية بسبب شح المياه والمنظفات. ويعيش نحو مليوني نازح داخل المخيمات ومراكز الإيواء في قطاع غزة، في ظروف معيشية قاسية، ووسط خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة.
وما يزيد الحالة الصحية خطورة، النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات للمرضى والمصابين، فيما فقد عشرات المرضى حياتهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جراء هذا النقص. ومع شحّ المياه والمنظفات كالصابون ووسائل الاستحمام، يبقى المشهد أكثر تعقيداً، حيث تنعدم وسائل النظافة الشخصية وسط حالة من الاكتظاظ السكاني في مخيمات النزوح في غزة ما يتسبب بتفشي الأمراض الجلدية خاصة الجرب.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية، حذّرت وزارة الصحة ومؤسسات حقوقية وأممية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين جراء الاكتظاظ وتراجع النظافة الشخصية. ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يواجه آلاف المرضى في القطاع الموت نتيجة نقص الأدوية وتدمير إسرائيل معظم المنظومة الصحية في القطاع.
وعمد الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة، ما عرض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
معاناة مركبة
في مركز إيواء يطلق عليه اسم "النخيل" بمدينة دير البلح وسط القطاع، تتجمع مياه الصرف الصحي بين خيام النازحين، حيث يلهو ويمرح الأطفال الذين لا يجدون متسعا للعب إلا في هذه المناطق بسبب حالة الاكتظاظ. وجذبت هذه المياه الملوثة الحشرات الطائرة وأبرزها "البعوض" وديدان وحشرات أخرى زحفت إلى خيام النازحين، منغصة عليهم حياتهم التي يصفونها بـ"المريرة".
النازحة الفلسطينية "أم مبارك" أبو خوصة، قالت، إنهم "يعانون من تسرب مياه الصرف الصحي وانتشار الأمراض، داخل المخيم". وتابعت للأناضول: "أصبت بمرض الضغط وأصابتني جلطة دموية، وأولادنا جميعهم مرضوا بسبب الظروف المعيشية والصحية السيئة". وأوضحت أن الديدان اجتاحت خيمتهم بسبب انعدام وسائل النظافة أو المبيدات الحشرية، قائلة: "يوميا وفي ساعات الصباح الباكر أشرع بتنظيف الديدان بكنسها للخارج". وأشارت إلى أن الحياة داخل خيام النزوح عبارة عن معاناة مركبة، حيث "تتسرب مياه الصرف الصحي، وتنتشر الأمراض والحشرات وسط ارتفاع شديد في درجات الحرارة وشح المياه وانعدام السيولة المالية".
كما يأتي ذلك في ظل عدم توفر العلاجات اللازمة للأمراض التي أصابتهم، وفق قولها، لافتة إلى أن أحد أحفادها سقط قبل فترة في مياه الصرف الصحي ما أصابه بأمراض جلدية.
الجرب في مخيمات النزوح في غزة.. كارثة وبائية مقبلة
بدوره، حذّر سامي احميد، مسؤول لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في نقابة الصيادلة، ومدير المركز الطبي في مركز الإيواء، "من كارثة بيئية جديدة في مخيمات النزوح في غزة فيما يتعلق بمرض الجرب وانتشاره". وقال للأناضول: "مخيمات النزوح مقبلة على كارثة وبائية بما يتعلق بمرض الجرب وانتشاره عبر التكدس السكاني المهول". وأرجع انتشار الجرب إلى "تشكل برك مياه الصرف الصحي التي تعد بيئة خصبة لتكاثر هذه الحشرة خاصة في ظل عدم رشها بالكيماويات وذلك منذ أكثر من تسعة شهور".
وأضاف: "منذ 9 شهور لم تقم أي جهة محلية أو دولية أو أهلية بضخ مياه الصرف الصحي لمحطات المعالجة بفعل انقطاع الكهرباء، كما لم تقم برش تجمعات وبرك مياه الصرف الصحي، ما أدى لانتشار الجرب".
والجرب هو طفح جلدي يسبب حكة تنتج من سوس ناقب صغير يسمى "القارمة الجَرَبية".
وفي السياق، أوضح احميد أن أمراضا وأوبئة أخرى منتشرة داخل مخيمات النزوح منها "الجدري في صفوف الأطفال، والتهاب الجلد الحاد والذي ينتشر عبر البعوض".
فقدان العلاجات
يصف احميد توفر الأدوية والعلاجات الطبية الخاصة بالأمراض الجلدية في قطاع غزة بـ"المعجزة"، قائلا إن "هذا الأمر صعب للغاية". ولافتا إلى إن مخازن وزارة الصحة تعاني من نفاد نحو 13 صنفا من العلاجات الخاصة بالأمراض الجلدية.
وعن المستحضر المستخدم في علاج مرض الجرب، يوضح أنهم في المركز الطبي يحصلون كل 20 يوما على لتر واحد فقط من هذا المستحضر. ويتابع: "هذا المستحضر قد ينقذ حياة مخيم كامل من الجرب، لكن اللتر الواحد لا يكاد يكفي لخمسة أيام فقط، ما يدفعنا لتخفيفه كي يستفيد منه أكبر عدد من المرضى".
وأشار إلى أن المستحضرات العلاجية الخاصة بعلاج الحروق وحروق الشمس مفقودة أيضا كما أنها غير متوفرة في الأسواق الخاصة. وناشد الجهات المعنية والدول بـ"المساهمة لإدخال علاجات الأمراض الجلدية".
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت وزارة الصحة فقدان 70% من قائمة الأدوية الأساسية من مستودعاتها، محذرة من نفاد وشيك للأدوية والمهمات الطبية الخاصة بالأمراض التخصصية كالسرطان والفشل الكلوي. وحسب بيانات سابقة لوزارة الصحة في قطاع غزة، سُجِّل أكثر من 700 ألف إصابة بأمراض معدية منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ويرجع هذا العدد الهائل من الإصابات إلى الظروف المعيشية المتدهورة، وموجات النزوح المتكررة، وعدم توافر وسائل النظافة، بما في ذلك المياه، والاكتظاظ الكبير.
من جهتها، سبق أن دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن الانتشار السريع للأمراض المعدية في غزة مع تعطل المرافق الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي، ودعت إلى تعجيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء القطاع، بما في ذلك الوقود والمياه والغذاء والمستلزمات الطبية.