التعليم تحت ظلال الاحتلال

17 يناير 2024
تحولت جميع مدارس غزة إلى مراكز إيواء (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

قد تكون الأوضاع التعليمية في الضفة الغربية أقل سوءاً مما هي عليه في قطاع غزة، لكنها أيضاً سيئة بفعل المداهمات اليومية التي يشنها الجيش الإسرائيلي وأجهزة أمنه واعتداءات المستوطنين، والتي تستهدف المدن والقرى والمخيمات، وتستغرق أحياناً عدة أيام متواصلة.
لا يبدو في الأفق ما يؤشر إلى تخلي حكومة اليمين الصهيوني المتطرف عن مثل هذه السياسة، وعليه، ففي حال استمرار الوضع الراهن، فإن المتوقع أن يستمر تضرر قطاع التعليم بفعل الاحتلال، وتنعكس هذه الأضرار على الظروف التي تعيشها الضفة الغربية وتحول دون إمكانية حدوث تطور أو تحسن في جودة التعليم.
وما تمارسه سلطات الاحتلال يومياً من أعمال حصار ومداهمات ومطاردات وتفجير بيوت وقتل للمقاومين وتجريف للشوارع واعتقالات بالجملة يحصد نتائجه طلاب الضفة أكثر من سواهم، خصوصاً إذا ما ربطناه مع الحواجز والجدار العازل اللذين يقيدان الحركة ويحولان دون وصول معلمين وتلامذة إلى مدارسهم في الوقت المحدد، بما يعنيه ذلك من الإخلال بانتظام العملية التعليمية.
وهناك مداهمات تتعرض لها المدارس والجامعات، ويجري خلالها سوق الطلاب والمعلمين والأساتذة إلى أقبية التحقيق والسجون. 
ولا بد من الإشارة إلى ما تتركه كل هذه الممارسات من آثار نفسية على هؤلاء الذين يجبرون أحياناً على قضاء ساعات على الحواجز، مع ما يعانونه من إذلال وتنمر من جانب قوات الاحتلال والمستوطنين الذين باتوا مسلحين بقرارات حكومية، وقادرين على مداهمة القرى والمدن، وعلى نصب الحواجز على الطرق، وقتل وقمع المواطنين. 
ويؤدي كل ذلك إلى خسارة أيام دراسية، وهي خسارة يصعب تعويضها، وينبغي أن تعطف هذه على ما شهدته العملية التعليمية خلال موجات وباء كورونا والتعلم عن بُعد، ما يقود إلى خسارات مضاعفة. كما تسجل الإحصاءات تعرض المعلمين والطلبة لإصابات خلال عمليات الاعتقال والاحتجاز، وتسليم 8 مدارس إخطارات وقف بناء، أو أوامر هدم.
ويتبع نظام التعليم في الضفة الغربية إلى كل من السلطة الفلسطينية ووكالة "أونروا"، وتقدم الأخيرة التعليم حتى مرحلة الإعدادي فقط؛ ويتعين على طلبة الثانوية أن يلتحقوا بالمدارس الحكومية. ومع ذلك، فالوكالة تدير 96 منشأة تعليمية، وتصل خدماتها إلى أكثر من 46 ألف طالب، كما تقوم بإدارة مركزين للتدريب المهني، يضمان أكثر من ألف طالب يتدربون على المهارات التجارية والصناعية.

وكما يتوجه القسم الأكبر من موازنة أونروا إلى التعليم والصحة، يذهب نحو 15إلى 18 في المائة من موازنة الحكومة الفلسطينية كل عام إلى قطاع التعليم، وهو معدل جيد مقارنة بدول المنطقة. لكن معظم هذا الإنفاق يذهب لتغطية الرواتب، ولا يأخذ بعين الاعتبار ضرورة تطوير النظام التعليمي والمحتوى. 
ومن المهم قراءة هذا الإنفاق في سياق الهرم السكاني، وحقيقة أن المجتمع الفلسطيني مجتمع فتي، ويشكل الأطفال منه نسبة 44.2 في المائة، من بينهم 42 في المائة في الضفة الغربية و47.5 في المائة في قطاع غزة.
المؤكد أن التعليم الفلسطيني شهد في غضون السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً على الصعيد الكمي لجهة معدلات الانتساب والالتحاق والاستمرار، لكن ذلك لا ينطبق على الناحية النوعية الذي تؤكد المؤشرات تراجعها المستمر بفعل الاحتلال، وانخفاض متوسط رواتب المعلمين، وتراجع مكانتهم الاجتماعية، وصعوبة الظروف الوظيفية التي يعملون فيها.