استمع إلى الملخص
- **تأثير سيطرة طالبان على الكهرباء**: توقفت الهجمات على أعمدة الكهرباء بعد سيطرة طالبان في 2021، لكن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي لا يزال مستمراً لساعات طويلة، مما يسبب معاناة كبيرة للأفغان، خاصة في الولايات الجنوبية والشرقية خلال فصل الصيف.
- **تجارب المواطنين مع انقطاع الكهرباء**: يعاني المواطنون من انقطاع الكهرباء الذي يؤثر على حياتهم اليومية. منظور علي من جلال أباد يعاني من الحر الشديد، بينما يحاول فريد الله التكيف باستخدام الطاقة الشمسية. في كابول، يؤثر الانقطاع على استخدام الأجهزة الإلكترونية الضرورية.
يعتبر انقطاع وعدم وجود الكهرباء في كثير من المناطق من أهم المعضلات التي يعانيها الأفغان منذ عقود من الزمن. وعموماً لا يمكن أن تحصل البلاد على كميات الكهرباء التي تحتاجها باستخدام مصادرها الداخلية، ما يضطرها إلى استيراد الطاقة من دول مجاورة في آسيا الوسطى قد تواجه بدورها مشكلات مماثلة لأسباب مختلفة. وأحياناً قد تقطع شركة الكهرباء الوطنية في أفغانستان التيار الكهربائي بنفسها بسبب عدم قدرتها على تلبية مطالب الدول المزودة لشراء الطاقة بأسعار مرتفعة.
قبل أن تستعيد حركة طالبان السيطرة على الحكم في كابول صيف عام 2021، تمثلت المشكلة الأساس في أفغانستان في أن مسلحيها نفسهم وآخرين من تنظيمات وجماعات أخرى كانوا يتعمدون تدمير أعمدة الكهرباء على الطرق التي تمتد من حدود الدول التي تزود أفغانستان بالكهرباء، خاصة طاجكستان وتركمانستان وأوزبكستان، وصولاً إلى العاصمة كابول التي تنتقل منها الكهرباء بدورها إلى الولايات الجنوبية والشرقية. وفي كل مرة كانت تتعرّض الأعمدة لهجمات كانت تنقطع الكهرباء عن كابول والمناطق الجنوبية والشرقية لأيام وأسابيع أحياناً.
وبعدما سيطرت "طالبان" على الحكم لم تعد هذه الظاهرة موجودة، فلا يمكن أن يدمّر أحد أعمدة الكهرباء أو يقطع الأسلاك، ولم يحاول أحد أن يفعل ذلك على أي حال، لكن الانقطاع المتكرر للتيار لا يزال قائماً ويستمر ساعات طويلة، ويتسبب بالتالي بمشكلة للأفغان، وهي أكبر حجماً في الولايات الجنوبية والشرقية خاصة في موسم الصيف، فهي تشهد حرّاً شديداً ولا وسائل بديلة للمواطنين من أجل الحصول على كهرباء.
يقول منظور علي الذي يسكن في مدينة جلال أباد، مركز ولاية ننغرهار (شرق)، إحدى الولايات الحارّة جداً في أفغانستان، لـ"العربي الجديد": "كان فصل الصيف الحالي الذي يوشك أن ينتهي حارّاً للغاية، خاصة أن الكهرباء كانت تنقطع ساعات طويلة، وتأتي أحياناً لمدة ثلاث أو أربع ساعات كل 24 ساعة. وعموماً لم يكن بمقدورنا النوم، في حين لم نكن نستطيع أن نفعل شيئاً لتغيير الحال بسبب الحرّ والانتشار الكثيف للبعوض. بعض الناس لديهم طرق بديلة للحصول على الكهرباء، مثل استخدام تجهيزات الطاقة الشمسية، ولكن هذه الكهرباء ليست قوية، ولا يمكن في أي حال أن يحصل عليها كثيرون بسبب عدم قدرتهم على توفير تكاليف تركيبها.
ويذكر منظور أنه يعمل طوال النهار في بقالة بمدينة جلال آباد، ويقول: "الوضع جيد في مكان عملي بسبب توفر مولد كهرباء ومياه باردة، لكن الساعات تصبح صعبة للغاية عندما أعود إلى البيت بعد صلاة العصر، حيث أعاني كثيراً مع أولادي السبعة مشكلة انقطاع الكهرباء وسط الحر الشديد من دون أن أستطيع فعل شيء لأن وضعي المعيشي صعب، والراتب الذي يعطيني إياه صاحب البقالة لا يسمح لي أن أوفر لأولادي حتى المياه الباردة، لذا أنا حزين جداً على وضعي المعيشي والظروف الصعبة السائدة على صعيد الخدمات".
ويعيش فريد الله، البالغ 65 من العمر ويعاني مرض السكري وضغط الدم، المشكلة ذاتها بسبب انقطاع الكهرباء في وقت يشعر فيه بحرّ شديد لأنه يتناول أدوية قوية. ويقول لـ"العربي الجديد": "جئت قبل شهرين إلى كابول حيث أعيش في بيت ابن عم لي لأن الطقس في العاصمة أحسن مقارنة بمدينة جلال أباد، لكن المشكلة الأساس أن العيش في منزل ابن عمي صعب في ظل ارتفاع إيجار المنزل، وعدم القدرة على المكوث فترة طويلة في ضيافته، لذا عدت إلى جلال أباد حيث أتحمّل الحرّ من خلال الاستعانة بوسائل بديلة، خاصة عبر الحصول على كهرباء باستخدام الطاقة الشمسة التي تشغل المروحة ولو بشكل ضعيف، أما التيار الكهربائي الحكومي فينقطع عشر ساعات أو 15 ساعة أحياناً".
ولا تنحصر معاناة انقطاع التيار الكهربائي بسكان المناطق الشرقية والجنوبية حيث الطقس حارّ جداً، ففي كابول ومناطق شمال أفغانستان، هناك، حيث يعتبر الطقس جيداً نسبياً، ثمّة معاناة من نوع آخر، إذ يريد الناس الكهرباء لأغراض كثيرة منها شحن الهواتف الخليوية والكمبيوترات، وغسل الملابس وغيرها.
ويقول تاج محمد الذي يسكن في كابول لـ"العربي الجديد": "في الوقت الحالي وزمن العولمة كيف يمكن أن نعيش من دون كهرباء؟ لدي ابنان خارج أفغانستان، ونحتاج لكي نتحدث معهما إلى وجود الكهرباء ساعات في المنزل. أيضاً يحتاج ابني الآخر، وهو طالب في الجامعة، إلى استخدام الكمبيوتر للدراسة، ما يستدعي توفّر الكهرباء".