ولم يمهل المحتجون الرئيس الثامن للجمهورية الجزائرية حتى يأخذ مقاليد الحكم ويدخل قصر المرادية، ليعلنوا رفضهم له كرئيس وللانتخابات التي جاءت به. وشهدت العاصمة الجزائرية عقب صلاة الجمعة مظاهرة رفع خلالها المتظاهرون شعارات وهتافات "تبون ديكاج" (أي ارحل)، في مسيرات حاشدة تذكر بمسيرات بداية الحراك في فبراير/ شباط الماضي.
وفي باقي الولايات الجزائرية، خرج المتظاهرون رفضا للانتخابات، مطالبين بإلغائها واستمرار الحراك الشعبي السلمي، في ظل أنباء عن أن تبون سيلقي خطابا موجها للأمة، مساء اليوم، للإعلان عن رغبته في تحقيق توافق وطني، بيد أن البعض قرأ ذلك في اتجاه البحث عن تهدئة الشارع وتقديم وعود للحراك.
وفي أول تغريدة له على "تويتر" عقب الفوز، كتب: "بالتغيير ملتزمون وعليه قادرون.. أشكر جميع الجزائريين على الثقة الغالية التي وضعوها في شخصي، وأدعوكم جميعا إلى اليقظة والتجند لنبني معًا الجزائر الجديدة".
Twitter Post
|
وانطلقت المسيرات عبر شوارع العاصمة بدءا من شارع الشهيد محمد بلوزداد، ومن حي باب الواد والحراش، وصولا إلى ساحة البريد المركزي، رفع المتظاهرون فيها الأعلام الوطنية مرددين هتافات "مافوطيناش وما انتخبناش"، في إشارة إلى 15 مليون ناخب جزائري امتنعوا عن التصويت.
وقال الناشط في الحراك الشعبي، عبد الغني سعدون، إن "خروج الجزائريين اليوم هو استمرار لمبادئ الحراك الشعبي ومطالبه، وعدم قبول اللعبة الانتخابية"، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن "النضال مستمر إلى حين رحيل كل رموز النظام السابق ومنهم الرئيس الجديد، الذي تتغنى السلطة بانتخابه شرعيا"، علما أن تبون تقلد سابقا منصب رئيس حكومة في عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
ويجد تبون نفسه في قلب المشهد بالنسبة لمتظاهري الحراك الشعبي، الذين يعتقدون أنه سيكون أيضا واجهة لحكم المؤسسة العسكرية، ورفعوا لافتات كتب عليها "الرئيس مزور جابوه العسكر" و"بوتفليقة ثاني"، مطالبين باستمرار الحراك حتى تحقيق مجمل المطالب السياسية.
وعلى مستوى الشوارع الرئيسية بالعاصمة الجزائرية، توزعت شاحنات رجال مكافحة الشغب وسيارات الشرطة بأعداد فاقت الأيام الماضية، تحسبا لأي طارئ، بالمقابل هتف المواطنون "سلمية سلمية أنا جزائري وجزائرية".
واليوم راقبت الشرطة المظاهرات دون وجود احتكاك مع المتظاهرين، بخلاف مظاهرات يوم أمس، التي شهدت صدامات بين الطرفين استعملت فيها الشرطة العصي والهراوات. واحتج المتظاهرون على الطريقة العنيفة التي واجهت بها الشرطة بعض المتظاهرين، معتبرين الشرطة من الشعب وحامي الشعب.
ولوحظ اليوم وجود أمني كبير في مختلف الشوارع المؤدية إلى قلب العاصمة وسير عدد من عناصر الشرطة وسط المتظاهرين دون الاحتكاك معهم. وشارك المواطنون من مختلف الفئات في المسيرات، خاصة النساء وكبار السن، وحمل معظم المتظاهرين الراية الوطنية والورود، في إشارة إلى السلمية.
وقالت السيدة نادية، التي تقيم في حي ميصوني بالمحاذاة من شارع الشهيد ديدوش مراد، المعروف بتوافد المتظاهرين، إنها تحمل الورد في يدها حتى تعبر عن سلمية تظاهرها، موضحة لـ"العربي الجديد"، أنها تحمل الوطنية في قلبها والزهور في يدها "والجزائر تبقى للجميع رغم كل الاختلافات".