عودة ترامب إلى البيت الأبيض: أي مصير لتعهّده بافتتاح قنصلية في الصحراء؟

07 نوفمبر 2024
ترامب يتحدث في فلوريدا بعد إعلان فوزه، 6 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في عام 2020، اعترف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء وافتتح تمثيلية دبلوماسية في الداخلة، مما شكل تحولاً كبيراً في النزاع، حيث رجح كفة المغرب.
- إدارة الرئيس جو بايدن حافظت على الاعتراف بسيادة المغرب، لكنها لم تفتح القنصلية الأميركية في الداخلة، متبعة مساراً متوازناً بين دعم السيادة المغربية والجهود الأممية.
- مع احتمالية عودة ترامب، يتوقع استمرار سياساته السابقة، بما في ذلك افتتاح القنصلية وتعزيز الاستثمارات، مما يعزز العلاقات الثنائية وحل النزاع عبر الحكم الذاتي.

يسود الترقب في الأوساط السياسية في المغرب حيال سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تجاه قضية الصحراء، وإن كان سيمضي قدماً في ترسيخ القرار الرئاسي الذي كان قد وقعه في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2020، وكان من أبرز بنوده افتتاح تمثيلية دبلوماسية بمدينة الداخلة (ثاني كبريات حواضر الصحراء).
 
وكان ترامب قد أعلن في نهاية 2020 قبل أيام من مغادرته البيت الأبيض اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، في خطوة تحوّل كبيرة في مسار الملف، على اعتبار أنه عد أهم ثالث حدث في تاريخ النزاع، بعد انسحاب إسبانيا عام 1975 من المنطقة، ثم توقيع الهدنة بين المغرب وجبهة "البوليساريو" الانفصالية عام 1991، بعد حرب دامت 16 سنة. كما شكل الاعتراف الأميركي في عهد إدارة ترامب، لأول مرة، ترجيحا لكفة المغرب في نزاع الصحراء وتكسيرا لقاعدة التوازن التي كانت تسلكها الإدارات الأميركية المتعاقبة بهذا الشأن.

ولئن كان إعلان ترامب اعتراف بلاده بمغربية الصحراء، وفتح تمثيلية قنصلية في مدينة الداخلة، واعتبار أن "إقامة دولة مستقلة في الصحراء ليست خيارا واقعيا لحل الصراع"، قد اعتبر مؤشرا على بداية "مرحلة جديدة" لها ما بعدها على الملف، إلا أن تعامل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن مع قرار سابقتها اتسم بالمحافظة عليه، لكن دون اتخاذ أية خطوات عملية لترجمته على أرض الواقع خلال السنوات الأربع الماضية.

ورغم الإعلان بشكل صريح أكثر من مرة، على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وحتى عبر سفيرة واشنطن في الجزائر إليزابيث مور أوبين، أن واشنطن مستمرة في اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء، فإن إدارة بايدن تفادت الحديث عن مصير مشروع القنصلية الأميركية في الداخلة.

وخلال السنوات الأربع الماضية بدا لافتا حرص الإدارة الديمقراطية على اتباع مسار متوازن يجمع بين التأكيد على ثبات موقفها من دعم السيادة المغربية على الإقليم من جهة، والإشارة إلى دعم الجهود الأممية لحل النزاع عبر مبعوثها الخاص ستيفان دي ميستورا من جهة ثانية.

كما استمرت حتى آخر سنة في ولايتها في تأجيل ملف افتتاح القنصلية الأميركية بمدينة الداخلة، على الرغم من كونه جزءا من الاتفاق الثلاثي بين الولايات المتحدة والمغرب وإسرائيل، الموقع أواخر سنة 2020، والذي تضمن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب بعد 20 سنة على قطعها.

اليوم، وبعد نجاح ترامب في العودة مجددا إلى البيت الأبيض، تثار أسئلة عدة حول إن كان سيعمل على إنجاز ما سبق وتعهد به في المرسوم الرئاسي الذي اعترف بموجبه بسيادة المغرب على الصحراء، بافتتاح قنصلية بمدينة الداخلة بالصحراء لتسهيل تدفق الاستثمارات الأميركية بهذه المنطقة.

وفي الإطار، رجح رئيس "المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية" نبيل الأندلوسي، أن يستمر ترامب في سياساته التي باشرها خلال ولايته الأولى، بما فيها الموقف من مغربية الصحراء ومن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في عام 2007.

وذهب الأندلوسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن ترامب سيسعى للوفاء بما سبق وأعلنه بخصوص هذا الملف، والتأكيد وترسيخ هذه المواقف بمبادرات عملية، ومنها فتح قنصلية بالداخلة، لافتا إلى أن ⁠ترامب "رجل مصالح ويشتغل بمنطق الصفقات في السياسة، وهو ما يستوجب التعامل معه من خلال استحضار هذا المعطى الأساسي في شخصية الرجل الذي سيسكن البيت الأبيض من جديد". وبحسب المتحدث ذاته، فإن المؤشرات الحالية عموما، بعد فوز ترامب، هي في صالح الموقف المغربي الذي تعزز باعتراف عدة دول ذات مكانة ورمزية في العالم بسيادته على الصحراء.

من جهته، اعتبر الباحث في تاريخ العلاقات الدولية بوبكر أونغير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "عودة ترامب إلى البيت الأبيض هو خبر سار للمغرب والمغاربة ومرحبا به، على اعتبار ما يتصف به من شخصية قوية وحزم في الأمور الدولية، وعدم إتقانه فن المراوغة والغموض، كما هو الحال مع الإدارة الديمقراطية، خصوصا في ما يخص قضايا حلفائه ومنهم المغرب".

وأوضح أونغير أن "هناك تفاؤلا مغربيا بعودة ترامب الذي كان وراء موقف أميركي تاريخي وحازم ومؤسس لعدد من الاعترافات والمواقف الإيجابية الأخرى من الدول الأوروبية خصوصا، وهو التفاؤل الذي عكسته رسالة التهنئة التي بعثها إليه العاهل المغربي أمس، في أفق أن يبادر إلى فتح قنصلية بلاده في الداخلة المغربية، ويسرع تنزيل الحكم الذاتي عبر حث مجلس الأمن الدولي والقوى الفاعلة فيه على بدء تنزيل هذه المبادرة الواقعية وذات المصداقية".

وتوقع الباحث المغربي أن "تشهد العلاقات بين البلدين زخما شديدا في السنوات المقبلة، وأن تتوج باتفاقيات واستثمارات أميركية كبرى في المناطق الجنوبية وحل سريع وفعال للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء عبر فرض الحكم الذاتي على الجزائر باعتبارها طرفا رئيسيا في النزاع". واعتبر أن فتح القنصلية الأميركية في مدينة الداخلة سيكون أكبر تتويج للعلاقات الثنائية، ودليلا على بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين الرباط وواشنطن.