لقاء غريفيث بالحوثي: محاولة تحقيق اختراق في الأزمة اليمنية

29 مارس 2018
تسلُّم المبعوث الأممي خطة مقترحة من زعيم الحوثيين(Getty)
+ الخط -

قضى المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في العاصمة اليمنية صنعاء وما حولها، نحو أسبوع، في أولى جولاته المثيرة للجدل، حيث عقد لقاءً مع زعيم جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، عبد الملك الحوثي، وهو الأول من نوعه منذ تصاعد الحرب في اليمن قبل ثلاث سنوات، وكأول لقاءٍ، تجاوز خارطة أجندات زيارات المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ليبدو أن المبعوث الجديد يحاول تحقيق اختراق سياسي في ظل تعقيدات الأزمة المستمرة في البلاد.

وأكدت مصادر حوثية شبه رسمية، اليوم الخميس، أن مارتن غريفيث، وبعد أيام من وصوله إلى العاصمة اليمنية صنعاء، التقى، أمس، بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، لبحث الدفع بعملية السلام إلى الأمام، بعد الجمود الذي أصابها طوال الفترة الماضية، وبالتزامن مع دخول الحرب عامها الرابع منذ بدء عمليات التحالف الذي تقوده السعودية، في الـ26 من مارس 2015.

وفيما لم يكشف الحوثيون معلومات رسمية حول مكان اللقاء، أفادت مصادر قريبة من الجماعة لـ"العربي الجديد"، بأن زعيم الحوثيين يوجد في محافظة صعدة، معقل الجماعة الأول، ومركز ثقلها العسكري والتنظيمي، والتي لم يسبق لعبد الملك الحوثي منذ تسلمه زعامة الجماعة، قبل أكثر من عشر سنوات، أن ظهر في أي محافظة خارجها، وتدفع ثمناً باهظاً بسبب الغارات الجوية التي ينفذها التحالف بوتيرة شبه يومية منذ ثلاث سنوات، بالإضافة إلى المواجهات التي تشهدها في مناطق الحدود مع السعودية.

ويعد البريطاني غريفيث أول دبلوماسي رفيع يلتقي زعيم الجماعة، التي تتصدر واجهة الحرب مع التحالف والحكومة الشرعية، بعد أن انهار تحالفها مع علي عبدالله صالح وقيامها بقتل الأخير، لتصبح الطرف الوحيد المسيطر في العاصمة اليمنية ومحيطها من المحافظات، بما يجعل اللقاء بمثابة "مفاجأة" المبعوث الأممي في جولته الأولى، تخطى بها خارطة الزيارات التي اعتمدها سلفه الموريتاني ولد الشيخ أحمد، بلقاء قيادات الجماعة في صنعاء، إلا أن غريفيث مع ذلك، ليس أول مبعوث أممي يلتقي عبدالملك الحوثي، إذ أن المبعوث الأسبق، جمال بنعمر، التقى زعيم الجماعة أكثر من مرة.

وفيما تحدثت معلومات غير رسمية عن تسلُّم المبعوث الأممي خطة مقترحة من زعيم الحوثيين لاستئناف السلام وللحل السياسي في البلاد، من وجهة نظر جماعته، يحمل اللقاء، بحد ذاته، العديد من الدلالات والأبعاد، أولها التخفيف من حدة العزلة الدولية المفروضة التي تواجهها الجماعة ورأسها الموجود في صعدة، على نحو خاص، وكلقاءٍ سياسي غير مسبوق منذ بدء الحرب، يُحسب للمبعوث الأممي الجديد.

من زاوية أخرى، كان واضحاً أن الزيارة تأتي ضمن حرص لافتٍ أبداه البريطاني مارتن غريفيث على اللقاء والاستماع لمختلف الأطراف، بما فيها الحوثيون وحلفاؤهم على نحو خاص، إذ أن زيارته هي الأطول تقريباً لمبعوث أممي إلى صنعاء، منذ بدء الحرب، حيث كان قد وصل، السبت الماضي، وعقد سلسلة لقاءات مع قيادات من الحوثيين ومسؤولين من الحكومة الموالية لهم ومن القيادات الموجودة في صنعاء، من حزب المؤتمر الشعبي العام، بالإضافة إلى قيادات من أحزاب "اللقاء المشترك" (قيادات ضعيفة موالية للحوثيين)، ومثلها من "الحراك الجنوبي" المحسوب على الجماعة.

ومن المقرر أن تشمل جولة غريفيث في اليمن، مدينتي عدن (العاصمة المؤقتة للشرعية والخاضعة إلى حد كبير للانفصاليين من حلفاء الإمارات)، بالإضافة إلى مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، وهي خارطة لقاءات موسعة وغير مسبوقة، جاءت بعد أن عقد سلسلة لقاءات في العاصمة السعودية مع المسؤولين اليمنيين في الحكومة الشرعية ومع السعوديين والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد اللطيف الزياني.


الجدير بالذكر، أن هذه الجولة هي الأولى لغريفيث في اليمن، ويبدو من خلال اللقاءات الدبلوماسية المصاحبة لمهمته في العاصمة السعودية الرياض وصولاً إلى تصريحات المسؤولين الدوليين ومن أميركا وبريطانيا، على وجه التحديد، أنه يحظى بدعم دولي أكبر، ويساعده في مهمته، التوقيت الذي جاء بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاق عمليات التحالف، الأمر الذي يعد حافزاً نحو جولة مفاوضات على الأقل. ومع ذلك، فإن التعقيدات المرتبطة بالأزمة اليمنية، أكبر من أن تُقرأ من زاوية أي اختراق سياسي يمكن تحقيقه، إذ تجدر الإشارة في السياق، إلى أن الحوثيين وبالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، أطلقوا أكبر دفعة من الصواريخ باتجاه السعودية.

المساهمون