جدل في إيران على خلفية إلغاء محاضرة لبرلماني إصلاحي

23 نوفمبر 2016
حذّر مطهري من اللجوء إلى صلاحياته القانونية(آتا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -

أثار إلغاء محاضرة كان من المفترض أن يلقيها نائب رئيس مجلس الشورى، علي مطهري، في مشهد شمال شرقي إيران، جدلاً تبعه تصريحات وتصريحات مضادة، بين سياسيين من التيارين المحافظ والإصلاحي.


وكان مطهري يستعد لإلقاء محاضرته بمناسبة ذكرى أربعين الحسين، الأحد الماضي، تحت عنوان "تحليل واقعة كربلاء"، إلا أنه فوجئ بقرار الادعاء العام في مدينة مشهد بإلغائها.


وإثر ذلك، وجّه مطهري رسالة حادة اللهجة إلى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، طالبه فيها بمتابعة الموضوع عن كثب، قائلاً إنه "في حال لم يتخذ روحاني خطوات جدية بحق أصحاب هذه القرارات، فإنّ البرلمان سيستفيد من صلاحياته القانونية".


واعتبر مطهري، في رسالته التي نشرتها المواقع الرسمية الإيرانية، أنّ "البعض في الداخل يقف في وجه حرية التعبير، ولا سيما حين يتسلّم بعض الإصلاحيين زمام الأمور"، متسائلاً عن "الحاكم الحقيقي" في مشهد.


وسأل مطهري "أليس من المفترض أن يكون المحافظ أو الوالي هو المسؤول الحكومي عن هذه المدينة؟ أم أنه إمام صلاة الجمعة"، متهماً أحمد علم الهدى، وهو إمام الجمعة في مشهد وممثل الولي الفقيه في محافظة خراسان رضوي، بأنّه السبب وراء إلغاء المحاضرة، وهو ما أثار انتقادات شديدة، خاصة من قبل التيار المحافظ.

في المقابل، رفض علم الهدى، في بيان نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، اتهامات مطهري، مطالباً إياه بسحبها، أو مواجهة المساءلة القانونية، كونه "يقوم بتشويش أفكار الرأي العام الإيراني"، بحسب البيان.

وقال علم الهدى، في البيان، إنّ مطهري "يتولى سلطة قانونية في البلاد، وعليه أن يلتزم بها، وألا يستخدم لغة التهديد، حتى مع الرئيس الإيراني".

من ناحيته، رد الرئيس روحاني على رسالة مطهري المكتوبة، فطالب وزيري الداخلية والعدل بمتابعة الأمر، منتقداً إلغاء محاضرة نائب رئيس البرلمان، ومعتبراً أنه "على السلطة القضائية أن تقف في وجه من يعاند القانون، وتسمح بحرية التعبير".


ورد رئيس السلطة القضائية الإيرانية، آملي لاريجاني، في تصريحات، اليوم الأربعاء، على روحاني، معتبراً أنّ محكمة الادعاء في مشهد اتخذت "قراراً صائباً"، بناء على المعطيات التي وصلتها من عدة مؤسسات حكومية، مبدياً استغرابه من موقف روحاني.


وقال لاريجاني إنّ "الرئيس روحاني يتعجّل لأخذ موقف لدعم نائب في البرلمان، لكنّه لا يعلّق على الافتراءات التي وُجهت لرئيس السلطة القضائية، والمتعلّقة بقضايا فساد واختلاس"، داعياً رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، والذي انتقد كذلك إلغاء محاضرة نائبه، إلى متابعة الأمر، والوقوف في وجه الاتهامات الموجهة للسلطة القضائية.




وقد نشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، رسالة تعود لجامعة "كرمان" للعلوم الطبية، والتي كان من المفترض أن تستقبل محاضرة مطهري، وصدرت عن مكتب رئيسها، قبل يوم واحد من التاريخ المحدّد للمحاضرة، تؤكد رفضها استقباله، كونه "يثير الجدل دائماً".

ونقلت الوكالة عن النائب الممثل لمشهد في البرلمان، نصر الله بجمانفر، قوله، إنّه "لو كانت المحاضرة دينية بالفعل لما احتاج مطهري إلى أخذ التراخيص اللازمة"، مرجّحاً أنّها كانت تحمل "أهدافاً سياسية".

يُذكر أنّ علي مطهري هو نجل رجل الدين مرتضى مطهري، أحد مؤسسي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما أنّه شقيق زوجة رئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، وحاصل على دكتوراه في الفلسفة، ويوصف بأنّه إصلاحي في أفكاره وتوجهاته السياسية، ومحافظ في معتقداته المتعلّقة بالقضايا الثقافية والاجتماعية.

وكان احتج مطهري، في دورة برلمانية سابقة، على طريقة التعامل مع احتجاجات "الحركة الخضراء" عام 2009، وطالب علناً في البرلمان برفع الإقامة الجبرية عن رموز الحركة، مير حسين موسوي، ومهدي كروبي المتهمين بالخيانة، وهو ما جعله محط انتقاد بالنسبة لعدد من المتشددين من المحافظين، حتى إنّه تعرّض مرة لاعتداء في مدينة شيراز.


ويُعد مطهري من أشد منتقدي الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، إذ تقدّم خلال انتخابات البرلمان بدورته التاسعة، بلائحة "صوت الشعب"، احتجاجاً على تقديم مناصري تيار نجاد للائحة منفصلة عن بقية المحافظين.


وكرّر ذلك خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، في فبراير/شباط الماضي، فترأس قائمة "صوت الشعب" التي وصفها بالمعتدلة، وضمّت شخصيات معتدلة وإصلاحية، على حد سواء، كونه يحسب نفسه على خط الوسط، فحصل على ثاني أعلى نسبة من أصوات المقترعين في دائرة العاصمة طهران.