استمع إلى الملخص
- روسيا تتهم دول الناتو وأوكرانيا بالتحضير لهجمات كيميائية شمال غربي سوريا، مما يعزز احتمالية استخدام أسلحة غير تقليدية في المنطقة، بينما تستعد هيئة تحرير الشام لعمل عسكري لاستعادة السيطرة على مدينة سراقب.
- التصعيد المحتمل يأتي في ظل انشغال العالم بالعدوان الإسرائيلي، وإغلاق المنفذ الوحيد على تركيا، مما ينذر بكارثة إنسانية في منطقة مكتظة بالمدنيين.
تتجه الأوضاع في الشمال السوري نحو تصعيد ينذر بانفجارها مجدداً في المنطقة عموماً، وفي مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) خصوصاً، أي إدلب وما حولها، الأمر الذي يهدد ملايين المدنيين الذين تكتظ بهم المنطقة بمزيد من القتل والدمار، والذي تشير المعطيات إلى أنه هذه المرة سيكون بقيادة روسية. وتعزز هذه الاحتمالية حملة الاتهامات التي تشنّها روسيا ضد "الهيئة"، والتي كان آخرها ادعاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس الجمعة، أن أوكرانيا، بالتنسيق مع الأميركيين، تدرّب عناصر هيئة تحرير الشام على استخدام تقنيات جديدة لإنتاج الطائرات دون طيار لغرض العمليات القتالية ضد القوات المسلحة الروسية في أراضي سورية.
وسبق هذا التصريح توجيه الاستخبارات الروسية اتهامات يوم الثلاثاء الماضي إلى دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا بالتحضير لهجمات كيميائية شمال غربي سورية، ونسبها إلى النظام السوري. كذلك نقلت وكالة نوفوستي الروسية منتصف شهر سبتمبر/ أيلول الماضي عن مصدر سوري مجهول ادعاءه تسلّم هيئة تحرير الشام طائرات مسيّرة من الجانب الأوكراني مقابل إرسال مسلحين وقيادات من ذوي الخبرة من الهيئة إلى أوكرانيا. إنّ مثل هذه التصريحات والاتهامات عادة ما تُطلقها روسيا قبل كل حملة تنوي شنّها على مناطق سيطرة "الهيئة" إلى ما هو أبعد من خطوط التماس بين "الهيئة" والنظام. وعادة ما تُقاس شدة الحملة بحجم الاتهامات التي يسوقها الروس، فالاتهام بالتحضير لهجوم كيميائي، وكذلك امتلاك طائرات مسيّرة متطورة، قد يشي باستخدام أسلحة غير تقليدية تستهدف المدن المستقرة نسبياً ضمن محافظة إدلب.
وسبق للروس أن أطلقوا تهديدات مماثلة تبعها استخدام سلاح كيميائي ضد مناطق المعارضة، ولكن بالمقابل تعمل هيئة تحرير الشام منذ بضعة أشهر على إعادة تأهيل مقاتليها من خلال معسكرات تدريب، وتستقطب متطوعين لديها، بالتزامن مع تداول معلومات عن تحضيرات تجريها غرفة عمليات الفتح المبين، التي تضم فصائل الهيئة وعدداً من فصائل المعارضة العاملة في إدلب، لعمل عسكري يستهدف استعادة السيطرة على مدينة سراقب وجزء من ريف حلب الغربي. وهذه المعركة لا يمكن فتحها بطبيعة الحال دون موافقة أميركية وضوء أخضر تركي، الأمر الذي يمكن أن يفسر التهديدات الروسية على أنها رسائل شديدة اللهجة، لكل الأطراف التي يمكن أن تدفع باتجاه خرق التفاهمات المتعلقة بخفض التصعيد، ومفادها أن أي تحرك على جبهة إدلب، من شأنه أن يقابل بردّ روسي عنيف.
أياً تكن دوافع الاتهامات الروسية والتحضيرات التي تقوم بها "الهيئة"، فإن من شأن أي تصعيد أن يؤدي إلى كوارث إنسانية، ولا سيما أن منطقة إدلب ومحيطها مكتظان بالمدنيين. كذلك يأتي التصعيد المحتمل ضمن ظرف ينشغل فيه العالم بالعدوان الإسرائيلي على كل المنطقة، وفي وقت أصبح فيه منفذ المنطقة الوحيد على تركيا محكم الإغلاق، الأمر الذي ينذر بكارثة لا يمكن التنبؤ بمدى فداحتها.