ثلاثة مقررين أممين يطالبون باريس بكشف بيانات التفجيرات النووية في الجزائر وتطهير مناطقها

20 نوفمبر 2024
جزائري قرب موقع اختبار القنبلة النووية بجبل تينا فيلا بتمنراست، 25 فبراير 2010 (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت هيئة حقوقية عن مضمون رسالة وجهها ثلاثة مقررين أممين في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى الحكومة الفرنسية، بشأن تنظيف مناطق التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر من الآثار النووية، وتحمل المسؤولية بشأن الآثار المترتبة على حقوق الإنسان والبيئة في هذه المناطق.

وكشفت منظمة شعاع، ومقرها في لندن، اليوم الأربعاء، النقاب عن رسالة كان قد وجهها المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والنفايات الخطرة ماركوس أوريلانا، والمقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار البروفسور فابيان سالفيولي، والخبيرة المستقلة المعنية بحقوق كبار السن كلوديا ماهلر، إلى الحكومة الفرنسية، وعبروا فيها عن بالغ قلقهم الشديد بشأن العواقب الجسيمة على صحة السكان المحليين، والتي تمتد آثارها إلى أجيال عديدة، نتيجة رفض الحكومة الفرنسية تحمل مسؤولياتها بشأن تنظيف مناطق التفجيرات النووية.

وعبّر المقررون الأمميون عن قلقهم من عدم تمكن الضحايا من الوصول إلى معلومات شاملة عن التجارب النووية، التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966، مثل الموقع الدقيق لمناطق الاختبار، والمنطقة المُلوثة التي جرى العثور فيها على نفايات مشعة، مطالبين الحكومة الفرنسية بالكشف عن جميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما في ذلك المواقع المحددة للنفايات المشعة بشفافية كاملة، وتوفيرها لصالح الحكومة الجزائرية وأصحاب الحقوق المعنيين والمهتمين.

وتماطل باريس منذ سنوات في مسألة تقديم المخططات الطبوغرافية إلى السلطات الجزائرية، على الرغم من المطالبات المستمرة، إذ كان قائد الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة قد طالب رئيس أركان الجيوش الفرنسية، الفريق أول فرانسوا لوكوانتر، الذي زار الجزائر في إبريل/ نيسان 2021، بتزويد الجزائر بالخرائط الطبوغرافية، لتحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة لحد اليوم، كما أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حرصه في أكثر من مناسبة، على تمسك بلاده بمطلب تحمل فرنسا مسؤولياتها في تنظيف مناطق التفجيرات النووية وتعويض ضحاياها.

وفي السياق نفسه، طالب المقررون الأمميون الثلاثة، بموجب التفويضات الممنوحة لهم والمهام المكلفين بها من قبل مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتقديم إيضاحات كافية حول كيفية إبلاغ ضحايا التجارب النووية بحقوقهم، وإجراءات طلب التعويض من قبل فرنسا، متسائلين عن مدى استعداد فرنسا لتقديم اعتذار رسمي للجزائر والأشخاص والمجتمعات المتضررة من هذه التجارب.

وفي 13 فبراير/ شباط 1960، نفذت فرنسا ما يعرف بتفجيرات "الجربوع الأزرق" في الصحراء الجزائرية، وأجرت ما مجموعه 17 تجربة تفجير نووية في عدة مواقع وتحديداً في "رقان" و"إن إكر"، وكانت لها تبعات مستمرة حتى الآن على الإنسان والبيئة والغطاء النباتي والحيواني، إضافة إلى آثار صحية مدمرة على سكان المنطقة، إذ بيّنت دراسة أجراها كاظم العبودي، وهو باحث نووي عراقي كان يقيم في الجزائر لعقود، وجود 42 ألف ضحية ممن تسبّبت الإشعاعات في إصابتهم بالسرطان والتشوهات الخلقية وأمراض العيون والشلل وغيرها.

وذكرت منظمة شعاع التي تعمل شريكاً في هذا الملف مع المقررين الأمميين، وتباشر منذ فترة بتسليط الضوء على ملف التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، أن الحكومة الفرنسية لم ترد منذ 13 سبتمبر/ أيلول الماضي على هذه الرسالة والمطالب، وطالبت مجدداً "الحكومة الفرنسية بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة في ملف تجاربها النووية بالصحراء الجزائرية، وتحملها مسؤولية معالجة الكارثة المستمرة الناجمة عن تلك التجارب، بما في ذلك الكشفُ عن الوثائق السرية المتعلقة بها وتعويض المتضررين". كما دعت فرنسا للتوقيع والتصديق على معاهدة حظر الأسلحة النووية لإظهار حسن النية في معالجة آثار تجاربها النووية في الجزائر، وحثت الحكومة الجزائرية على تعزيز الجهود الوطنية والدولية لمعالجة كارثة التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد تطرق كثيراً في تصريحاته الإعلامية لملف الذاكرة، بما في ذلك التجارب النووية، وعبّر عن استيائه من عدم تحمّل فرنسا مسؤوليتها كاملة تجاه بقايا هذه التجارب في الصحراء، وقد جدد مطالبة بلاده لباريس بتحمل مسؤولياتها في هذا الملف، وقال في حوار تلفزيوني بُث بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: "إذا أرادت فرنسا الجدية في العلاقات معنا، فلتنزل، ولتنظف الأماكن التي أجرت فيها تجاربها النووية".

وفي أغسطس/ آب 2023، كانت ثماني منظمات حقوقية غير حكومية، جزائرية وأجنبية، تعمل في مجال مناهضة السلاح النووي وحقوق الإنسان والبيئة، قد طالبت السلطات الفرنسية بالاعتراف بالآثار السلبية المدمرة التي خلفتها التجارب النووية التي أجرتها السلطات الاستعمارية في الصحراء الجزائرية، والمساءلة عنها وتصحيح الآثار القائمة، وتسليم المخططات البيانية لمواقع التفجيرات ومدافنها لتنظيفها، واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الكارثة المستمرة الناجمة عن هذه التفجيرات.

المساهمون