محامون تونسيون يرفضون محاكمة الكيلاني في محكمة عسكرية: تصفية حسابات وردع للمعارضين
أكدت شخصيات سياسية ومحامون رفضهم محاكمة عميد المحامين الأسبق، عبد الرزاق الكيلاني، اليوم الجمعة أمام القضاء العسكري، وتحديداً أمام محكمة الاستئناف العسكريّة، مشددين على أنه "لا مجال للمحاكمات السياسية للمدنيين، وأنه لا يجب تصفية المعارضين والشخصيات الوطنية عبر القضاء العسكري".
وتأتي محاكمة الكيلاني، التي حضرها محامون تونسيون وشخصيات حقوقية ودولية، على خلفية قيامه بالدفاع عن نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، بعد احتجازه في مكان مجهول بمحافظة بنزرت في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي مارس/آذار الماضي، أصدرت المحكمة العسكرية قراراً بإيقاف الكيلاني، بتهمة "الانضمام إلى جمع من شأنه الإخلال بالراحة العامة، والتهجم على موظف عمومي بالقول والتهديد"، وأُطلق سراح الكيلاني بعد 19 يوماً من الإيقاف.
وقال الأمين العام للتيار الديمقراطي، والمحامي غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد " إن "دستور 2014 والفصل 110 يجعل من المحاكم العسكرية محاكم متخصصة في الجرائم العسكرية، وبالتالي لا مجال لمحاكمة المدنيين مهما كانت الجرائم المنسوبة لهم أمام القضاء العسكري، لأنه قضاء متخصص وليس جزءاً من المجلس الأعلى للقضاء"، مشيراً إلى أنه "حتى في عهد بن علي لم تكن هناك محاكمات عسكرية للمدنيين، وخاصة للمعارضين".
وأوضح الشواشي أنه "بعد 25 يوليو/تموز، أصبحت هناك إحالات للمدنيين على القضاء العسكري، وشهدنا إحالات لنواب ووزراء ومحامين وإعلاميين على القضاء العسكري، وأغلب التهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، وبتصريحات إعلامية".
وأوضح أن "العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني يحاكم ويدان في الطور الابتدائي أمام محكمة الاستئناف، وتستأنف النيابة، وكل ذلك بسبب تصريح قام به في إطار عمله محامياً، ورغم أنه يتمتع بالحصانة طبقاً لمرسوم المحاماة، فإنه يجد نفسه أمام القضاء العسكري، وأمام قضاء غير مستقل، وجهاز تحت السلطة التنفيذية".
وبيّن المتحدث أن "الكيلاني ضد المنظومة الحالية الحاكمة، وقد يصدر حكم ضده اليوم ويعود للسجن، وسبق وأن أُودع السجن في القضية نفسها"، مؤكداً أن "ما يحصل يُعد فضيحة في حق منظومة قيس سعيد بمحاكمة المعارضين والمدنيين. وأضاف أن "قيس سعيد أبقى المحاكم العسكرية لكي تحاكم المدنيين، ما يبرز الرغبة في استعمال وتوظيف المحكمة العسكرية لتصفية خصومه السياسيين ومعارضيه عن طريق محكمة غير مستقلة".
وأكد محام من هيئة الدفاع عن عبد الرزاق الكيلاني، مختار الجماعي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "ما يحصل اليوم هو إحدى حلقات المحاكمات السياسية التي تتالت بعد انقلاب 25 يوليو"، مبيناً أن "محاكمة عميد المحامين عبد الرزاق الكيلاني تأتي على خلفية التحرك الذي قام به المحامون في الدفاع عن موكلهم نور الدين البحيري، والذي تعرّض إلى الاحتجاز القسري، وتدهور وضعه الصحي".
وأكد أنهم "استأنفوا الحكم لسببين: الأول قانوني لعدم ثبوت الوقائع والأوصاف التي وضعتها النيابة العمومية وأقرتها جزئياً المحكمة الابتدائية العسكرية، والسبب الثاني مبدئي يقوم على رفضهم المحاكمات العسكرية للمدنيين".
ويرى السياسي والمحامي عبد الرؤوف العيادي أن "هذه المحاكمة مخالفة للقانون باعتبار أن دستور 2014، أكد أن المحكمة العسكرية قضاء متخصص"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "طبقاً لذلك، لا يمثل أمامها سوى العسكريين، مشيراً إلى أنه بعد انقلاب 25 يوليو جرت إعادة تشغيل القضاء العسكري ضد المدنيين، رغم عدم توفر الضمانات نفسها في القضاء العدلي".
وبين العيادي أن "مثل هذه المحاكمات باطلة، وهدفها تصفية الحسابات، وردع المعارضين، ولا تهدف إلى تطبيق القانون، لأنه لا يوجد هنا مخالفة لقانون جزائي، وهو ما ينطبق على قضية الحال، فقد طالب الكيلاني بتطبيق القانون، وبالتالي الدولة تمارس ضغوطها، وشروط المحاكمة العادلة غير متوفرة وليست علنية، إذ لا يحق للمواطن العادي الحضور".