رسالة للمعتقلين السياسيين من السجن ودعوات لتوحيد المعارضة التونسية في يوم الغضب
كشفت هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس، مساء اليوم الخميس، عن رسالة جماعية من المعتقلين السياسيين إلى الرأي العام، دعوا فيها إلى ضرورة إيقاف المهزلة القضائية، مؤكدين أنه "لم تعد هناك سوى أجسادهم للدفاع عن أنفسهم والمطالبة بحقهم في المساهمة في الشأن العام".
وجاء ذلك خلال وقفة تضامنية مع المعتقلين بمقر "الحزب الجمهوري" حضرتها عدة فعاليات سياسية وشخصيات وطنية، تتويجاً ليوم الغضب الذي شهد وقفات احتجاجية وإضراباً عن الطعام شاركت فيه عشرات الشخصيات السياسية والحقوقية داخل تونس وخارجها.
وأكدت تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين ومسانديهم من مختلف الشخصيات السياسية أن "النضال مستمر إلى حين رفع المظلمة عن المعتقلين السياسيين"، مبينة أن يوم الغضب والإضراب الجماعي عن الطعام الذي انطلق اليوم يأتي احتجاجاً على تواصل اعتقال القادة السياسيين وتواصل المظلمة التي يمرون بها منذ 8 أشهر.
صفوف النضال
وقال الوزير السابق محمد الحامدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الشرط الأكبر لتواصل الاستبداد هو تشتت المعارضة"، مشدداً على أن "ما يطيل أمد الاستبداد هو بقاء القوى الحية في البلاد، من المجتمع المدني والسياسي، في حالة تشتت رغم أنه لا مبرر لذلك".
ولفت الحامدي إلى أن "الوحدة مطلوبة لاستعادة المجال الديمقراطي"، مؤكداً أن "الاختلافات لن تلغى، ولكن لابد من استعادة الفضاء الحر والديمقراطية".
وبحسب الحامدي، فإن "المعتقلين أرسلوا رسالة ولجأوا إلى إضراب الجوع لأن هناك تقصيراً في الخارج"، مبيناً أن "كل من هو معني بالديمقراطية لم يعد له حجة بعدم الالتحاق بصفوف النضال". وأضاف أن "المجتمع المدني لم يعد له أي مبرر للتمييز في النضال، لأن المسألة لا تعني أحزاباً سياسية، بل جميع القوى، ومن العبث الاستمرار في ذلك".
دائرة المعارضة تتسع
من جانبه، قال رئيس "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة، أحمد نجيب الشابي، في كلمة له خلال الوقفة التضامنية، إن "جبهة الخلاص لا تميز بين سجين وآخر، فالجميع ضحايا الاستبداد، ولابد من تخليصهم من ذلك"، مؤكداً أنه "رغم اعتقال القادة السياسيين، إلا أن دائرة المعارضة اليوم توسعت، والحاضرون من العائلات والمساندين من مختلف العائلات السياسية".
وفيما كشف الشابي عن أنه "سيتم الاستمرار على نفس النهج والقضية ستنتصر"، أوضح أن "رموز الحركة السياسية من عدة انتماءات تحضر اليوم لتثبيت تقاليد المعارضة التونسية العريقة في مقاومة الدكتاتورية". وبيّن أن "الدكتاتورية ليس لها مقومات البقاء، وهي بصدد الاختناق في الداخل والخارج، وتونس بحاجة إلى قيادة جديدة تنقذها من الوضع الراهن".
تجاوب مع نداء العائلات
أما عضو المكتب التنفيذي لـ"حركة النهضة" بلقاسم حسن، الذي يخوض بدوره إضراباً عن الطعام، فقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "اليوم في إضراب جوع ويوم غضب وطني تضامناً مع المعتقلين السياسيين، حيث انطلق عضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك في إضراب مفتوح عن الطعام ثم سانده رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي".
وأضاف: "اليوم في مقر الحزب الجمهوري، وفي إضراب جوع لمساندة المعتقلين، وتجاوباً مع نداء عائلات المعتقلين التي دعت إلى يوم غضب، وكذلك استجابة لدعوة جبهة الخلاص الوطني".
وقال حسن إنهم "مع قضية المعتقلين من خلال الاحتجاجات والوقفات وإضرابات الجوع، وهذا الطلب لن يتم التوقف عنه إلى حين إطلاق سراح المعتقلين"، مبيناً أن "الصراع الديمقراطي يُحَل بالصندوق وليس بتوظيف القضاء وبالمحاكم". وأفاد بأن "مطلبهم هو الديمقراطية والتراجع عن ضرب المسار القانوني"، مؤكداً أنهم "في سياق مقاومة الانقلاب بالنضال السلمي لإنقاذ تونس، والسلطة تتحمل ما وصلنا إليه والأزمة الخانقة التي نعيشها".
تحسيس بالمظلمة
بدورها، أكدت عضو هيئة الدّفاع عن القادة السياسييّن المعتقلين، المحامية دليلة مصدق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا اليوم التضامني والانطلاق في إضراب جوع جماعي للعائلات ومساندي قضية المعتقلين تم الإعلان عنه بالتوازي في فرنسا من قبل أصدقاء وشخصيات حقوقية مساندة للقضية"، مضيفة أن الحركة رمزية لتحسيس المواطنين بالمظلمة التي يعيشها المعتقلون منذ 8 أشهر دون أي جرم، مشددة على أن "الملف دون أي جريمة".
وأوضحت أنه لم يبق أمامهم سوى هذا الشكل الأقصى في النضال، خاصة وأن السلطة ترفض أن تسمع، متوقعة أن يلقى هذا التحرك صدى لدى الرأي العام.
وحول وضعية شقيقها المعتقل جوهر بن مبارك (لا يحملان نفس الاسم العائلي)، ردت أن "إضراب جوهر يدخل يومه العاشر ووضعه الصحي بدأ يتدهور"، مؤكدة أنه يرفض المتابعة الطبية. وكشفت عن أنه "جرى أمس التنكيل به من خلال وضع أضواء قوية في غرفته ليلا ونهارا، وهي محاولة لمنعه من النوم، ومعروف أن السجين عند دخوله في إضراب جوع تشرع إدارة السجن في سياسة التنكيل".
كذلك، قالت زوجة القاضي المعتقل بشير العكرمي، منى الغربي، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد أي وسيلة أمامهم سوى الدفاع عن قضية المعتقلين بأجسادهم من خلال إضرابات الجوع"، مبينة أنها "استنفدت كل العبارات ولا مجيب، فلا رئيس يسمع، وحتى بعض القضاة خذلوهم، البعض يتهرب من الملف وآخرون حكموا بالسجن".
وأضافت أن "المطلب الرئيسي هو إطلاق سراح المعتقلين ورفع المظلمة عنهم".
إغلاق قوس الانقلاب
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم "الحزب الجمهوري" وسام الصغير في كلمة له، أن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، "بصدد تهميش أي مبادرة واعتقال أي منافس محتمل له"، قائلاً إنه "لابد من إيقاف المهزلة وإغلاق قوس الانقلاب والعودة إلى التعددية والإنصاف وإلى الديمقراطية الحقيقية".
ولفت الصغير إلى أن "ورقة التوت سقطت ولم تعد هناك أي جملة تقنع الرأي العام أن سعيّد غير مستبد"، مضيفاً أن "قيس سعيد رفع الشعارات ومارس عكسها، والعبث انتشر في كل مكان، وعلى كل المكونات تنسيق جهودهم وتحمل المسؤولية لكي لا تتكرر فترة السحل والتنكيل مع كل المخالفين".
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "إصرار المعتقلين على مواصلة نضالهم من داخل السجن كان مهماً، ودافعاً لهم ولبقية المساندين للسير في نفس الركب"، معتبراً أن "الجانب الرمزي لرسالة المعتقلين أنهم متحدون، والحزب الجمهوري، وكما كان عبر التاريخ، سيظل داعماً لكل المبادرات التي تهدف إلى إنقاذ تونس من الوضع الذي تمر به".