- القيادي ينتقد عملية اجتياح رفح كتضليل من نتنياهو، مؤكدًا على فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية وأهمية التفاوض لعودة الأسرى.
- النص يبرز دور مصر والإدارة الأميركية في محاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة الأسرى، مع التأكيد على الدعم الأميركي لإسرائيل وقدرة المقاومة على إحداث خسائر رغم التضرر.
كشف قيادي بارز في حركة حماس، لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل تتعلق بتجهيز رد المقاومة النهائي على الموقف الإسرائيلي من ورقة سبق وقدّمتها "حماس" بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وقال القيادي إنه "على الرغم من ضيق الوقت، تمكنت قيادة حماس في الخارج، من نقل الرد الإسرائيلي الأخير إلى قيادة المقاومة في غزة عبر قنواتها شديدة التأمين، والتي قامت بدورها بدراسته وإبداء ملاحظاتها عليه وموافاة قيادة الحركة في الخارج به في إطار إعداد الرد النهائي"، مشدداً على أن "ملاحظات غزة على الرد الإسرائيلي، لم تأت من قيادة حماس فقط، بل شاركت فيها أيضاً قيادات فصائل مقاتلة في القطاع، على رأسها الجهاد الإسلامي".
قيادي في "حماس": حجم ما نالته إسرائيل من قوة شبكة الأنفاق، لا يتجاوز الـ20 في المائة
وأضاف أنه "بمجرد انتهاء الحرب، سيكتشف الشارع الإسرائيلي ولجان التحقيق التي سيشكلها الاحتلال، حجم الفشل الاستخباري والأمني للأجهزة الأمنية والجيش في قطاع غزة"، مشدداً على أنه "بعد مرور أكثر من 200 يوم من الحرب، وإطلاق المقاومة سراح 110 أسرى خلال هدنة نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي استمرت لمدة أسبوع، لم تتمكن أجهزة الاحتلال من الوصول سوى لنفق واحد كان قد احتُجز به أسرى، وفي الغالب كان عن طريق الصدفة وليس بناء على عمل استخباري منظم". وأكد أنه "رغم حجم قوة النيران وأنواع القنابل التي يستخدمها الاحتلال، وبعضها يُستخدم لأول مرة في ميادين المعركة، لم يستطع تدمير شبكة الأنفاق التي تستخدمها المقاومة"، لافتاً إلى أن "حجم ما نالته إسرائيل من قوة شبكة الأنفاق، لا يتجاوز الـ20 في المائة، بما فيها الأنفاق الهجومية التي تستخدم لمرة واحدة، وقام مجاهدونا بتفجيرها في إطار عمليات استدراج لجنود الاحتلال"، مؤكداً أن "الغالبية العظمى من تلك الشبكة لم تمسّ".
وعن عملية اجتياح رفح التي يهدد بها الاحتلال، قال القيادي في "حماس" إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "يمارس عملية تضليل واضحة للشارع الإسرائيلي بشأن عملية رفح التي يروج لها هو وقادة جيشه على أنها تأتي للقضاء على ما تبقّى من كتائب حماس وتحرير الأسرى، بزعم أن المقاومة تخفي كل الأسرى الذين بحوزتها في رفح". وأضاف: "إذا كانوا يملكون هذه المعلومات الدقيقة، فكيف لم يتمكنوا من الوصول لأبي إبراهيم (يحيي السنوار زعيم الحركة في غزة) رغم أنه خرج أخيراً وتجول في مناطق بالقطاع، وذلك في وقت لا ينقطع فيه أزيز المسيّرات الاستطلاعية والهجومية عن سماء القطاع".
وتابع: "بخلاف ذلك، ألم يتضح للعقلاء في الشارع الإسرائيلي، حجم التضليل الذي يمارسه نتنياهو، على الأقل بشأن جثامين الأسرى الإسرائيليين الذين قُتلوا في قطاع غزة جراء القصف الهمجي للقطاع، خصوصاً بعدما قامت قوات الاحتلال بنبش معظم مقابر القطاع وسرقة الجثامين المتواجدة فيها لتحليلها من دون الوصول إلى جثمان أسير واحد، من أصل نحو 70 أسيراً قتلهم جيش الاحتلال". وشدد على أنه "حتى لو دخل جيش الاحتلال رفح، وهي بالمؤكد لن تكون نزهة له، فلن يجني سوى فشل جديد، ولن يتمكن من استرداد لا أسراه ولا جثامينهم"، مؤكداً أنه "لا طريق لعودة الأسرى سالمين سوى مسار التفاوض الذي ينتهي بوقف إطلاق النار".
وقال القيادي الحمساوي إنه "طوال الفترة الماضية، كان الاهتمام بشكل رئيسي خلال المفاوضات غير المباشرة أو عبر الوسطاء، منصبّاً على الأسرى الذين يحملون الجنسية الأميركية، وكان هناك حرص من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للاستفسار عن أحوالهم وطلب مقاطع فيديو لهم، وذلك على عكس باقي الأسرى، سواء المدنيين الذين كنا نستشعر أنهم مجرد ورقة في يد نتنياهو من أجل ضبط إيقاع الشارع الإسرائيلي".
مصر ترفض تواجد أي قوات غير فلسطينية في غزة، مع إمكانية القبول بلعب دور مؤقت بطلب من قيادة فلسطينية متفق عليها
من جهة أخرى، كشف دبلوماسي مصري في واشنطن، لـ"العربي الجديد"، أن "الإدارة الأميركية تدفع بأن يكون اتفاق صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار، جزءاً من خطة شاملة تتضمن التطبيع مع دولتين عربيتين، وعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، إلى جانب مشاركة مصر في دور أمني في القطاع". وقال إن القاهرة "أكدت للمسؤولين في الإدارة الأميركية على موقفها الراسخ، وهو رفض تواجد أي قوات غير فلسطينية في غزة، مع إمكانية القبول بلعب دور مؤقت ومحدد المهام بطلب من قيادة فلسطينية متفق عليها، على أن تكون طبيعة الدور المصري استشارية أكثر منها تنفيذية".
وتعليقاً على هذه التطورات، قال الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي المصري العميد سمير راغب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المقاومة تضررت بالفعل، خصوصاً أنها خسرت قوات بشرية وسلاحا، ولكن القضية الأهم أن المقاومة المسلحة قادرة على البقاء وإحداث خسائر، ورفع تكلفة الصراع من الجانب المضاد، وهي في الأخير قادرة على أن تحدث معدلاً مقبولاً من الخسائر". وأوضح راغب أن "الاحتلال يدّعي القضاء على كتائب في شمال غزة، لكنه مع ذلك ما يزال يتلقى ضربات في نتساريم، وأيضاً رغم ادعائه أنه لم يبق سوى كتائب رفح، لا يزال يتلقى الضربات من هنا ومن هناك".
وتابع الخبير العسكري: "نعم تضررت أنفاق للمقاومة، لكن ليس بالضرر الكبير، إذ لا تزال المقاومة قادرة على استخدام الأنفاق، وتنفّذ من خلالها عمليات ناجحة، لا تحسب بالعدد، ولكن بالأداء". وأضاف: "لا أحد يقول إن المقاومة ستبيد إسرائيل أو ستحرر المسجد الأقصى في الوقت الحالي، لكنها تحسّن من خلال عملياتها الناجحة وضعها التفاوضي، وتزيد من كلفة الحرب على الاحتلال، ليس فقط في الميدان، وإنما في الاقتصاد والسياسة والصناعة، وهي قادرة على حرب استنزاف طويلة".
بدوره، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الادعاءات الإسرائيلية بالقضاء على الجزء الأكبر من المقاومة وهم، فإذا كان الاحتلال قد قضى على الجزء الأكبر، فلماذا الإصرار على اجتياح رفح تحديداً؟ هذا لأن إسرائيل دخلت خانيونس بتصور أنها تقضي على الجزء الأكبر من المقاومة وعلى قادتها، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً". ولفت إلى أن "مدى نجاح إسرائيل يتحدد ليس بالإبادة وتدمير المباني والمدنيين. النجاح الحقيقي هو أن تحرر أسرى بالقوة العسكرية، أو أن تصل إلى قادة المقاومة، أو تمنع الخسائر البشرية والمادية في القوات العسكرية، أو أن تحيد الصواريخ التي لا تزال تخرج من قطاع غزة وحتى الشمال لعسقلان وسديروت، وكل ذلك لم يحدث". وتابع: "إسرائيل في مأزق، وأيضاً المقاومة لديها مشكلة، فهي تريد أن تنهي الألم داخل غزة بشكل كبير والكل يبحث عن مخرج، لكن الورطة الإسرائيلية أكبر، ولولا المدد بلا حدود من أميركا والعالم الغربي، لسقطت وفشلت فشلاً ذريعاً داخل غزة".