غوتيريس يحذر من اشتعال الأوضاع خارج حدود السودان

26 ابريل 2023
غوتيريس: الصراع المستمر في السودان "فتاك" (أرشيف/هوراسيو فيلالوبوس/Getty)
+ الخط -

وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الصراع المستمر في السودان منذ أكثر من عشرة أيام بـ"الفتاك"، مطالباً طرفيه؛ الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بوقف القتال فوراً، وإسكات صوت الأسلحة.

وقال غوتيريس، خلال اجتماع مفتوح عقده مجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء في نيويورك، لنقاش تطورات الوضع على الأرض في السودان، إنّ الاشتباكات تواصلت على الرغم من كل النداءات والدعوات الدولية والمحلية لوقف إطلاق النار، مؤكداً مقتل ما لا يقل عن 427 شخصاً من بينهم أربعة موظفين بالأمم المتحدة، وإصابة أكثر من 3700 آخرين وفرار عشرات الآلاف من منازلهم.

ولفت الانتباه إلى أنّ التقارير القادمة من الخرطوم ترسم صورة قاتمة، لعالقين داخل المنازل وذعر ونقص في إمدادات الغذاء والماء والأدوية والوقود، محذراً من أنّ الخدمات الصحية على وشك الانهيار. وأضاف أنه وفقًا لمنظمة الصحة العالمية يستخدم المسلحون العديد من المستشفيات.

كما حذر من تدهور الأوضاع في منطقة شهدت الكثير من الصراعات، قائلاً: "يقع السودان على حدود سبع دول، وجميعها إما انخرطت في صراع أو شهدت اضطرابات أهلية خطيرة على مدى العقد الماضي. إنها بوابة إلى منطقة الساحل، حيث يؤدي انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي"، مضيفاً: "ينتشر الفقر والجوع في المنطقة، كما أنّ حالة الطوارئ المناخية، وأزمة الأسعار، ومستويات الديون المرتفعة تتسبب جميعها في خسائر فادحة".

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أنّ "المساعدات الإنسانية في بعض المناطق هي التي تحول دون وقوع المجاعة"، محذراً من أنّ "الصراع على السلطة في السودان لا يهدد مستقبل البلد فحسب، بل قد يؤدي إلى اشتعال الأوضاع خارج حدود السودان، مما قد يتسبب في معاناة هائلة تستمر لسنوات، ناهيك بتراجع عما تم تحقيقه من تقدم في التنمية في بعض المناطق".

وقال إنّ شعب السودان كان واضحاً في ما يريده، "السلام واستعادة الحكم المدني من خلال الانتقال إلى الديمقراطية. يجب على أطراف النزاع احترام وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة بوساطة الولايات المتحدة، والعمل معًا من أجل وقف دائم للأعمال العدائية".

وفيما حث جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية ذات النفوذ، على الضغط على أطراف النزاع لتهدئة التوترات والعودة إلى طاولة المفاوضات على الفور، أشار غوتيريس إلى أنّ الأمم المتحدة أعادت توزيع وجود موظفيها داخل السودان بسبب الأوضاع الأمنية. وأكد في الوقت ذاته على استمرار وجودها، بما في ذلك قيادة الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثه إلى السودان ورئيس البعثة، فولكر بيرتس. ولفت الانتباه إلى أنّ ثلث الشعب السوداني (قرابة 16 مليون شخص) كان قبل الاشتباكات بحاجة إلى مساعدات إنسانية، محذراً من أنّ هذا العدد قد يرتفع بشكل كبير.

"جرائم حرب"

من جهته، قال بيرتس، متحدثاً إلى المجلس عبر دائرة متلفزة من السودان، إنّ جهوده، إلى جانب جهود الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، "ركزت على تأمين فترات لوقف إطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع"، مشيراً إلى أن "تلك الجهود لم تلق النجاح المنشود، بل إنّ الأوضاع على الأرض شهدت تصعيداً وبشكل كبير".

ورحّب في الوقت ذاته بالهدنة، التي بدأت في 24 إبريل/ نيسان لمدة 72 ساعة، وتم التوصل إليها بوساطة أميركية. وأضاف: "على ما يبدو، إنّ وقف إطلاق النار المؤقت هذا صامد في بعض الأجزاء حتى الآن. ومع ذلك، لا تزال تردنا أنباء عن إطلاق نار متقطع، بالإضافة إلى تقارير عن نقل القوات"، متحدثاً عن تبادل الاتهامات بين الطرفين حول خرق الهدنة.

المبعوث الأممي فولكر بيرتس يواصل عمله من السودان (فرانس برس)

وتحدث المبعوث الأممي عن تقارير تشير إلى "اعتداءات جنسية، وتصاعد الخوف من زيادة الإجرام"، قائلاً إنّ تلك المخاوف زادت في ظل تقارير عن إطلاق سراح سجناء من مراكز اعتقال في الخرطوم. وأضاف: "يتقاتل الطرفان المتحاربان في تجاهل لقوانين الحرب وأعرافها، حيث هاجما بشكل عشوائي المناطق المكتظة بالسكان والمستشفيات والمتاجر والسيارات المدنية التي تنقل المرضى والجرحى وكبار السن".

وأكد بيرتس أن "هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية". وحثّ كلا الجانبين على "احترام التزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. يجب منح المدنيين ممرات آمنة لمغادرة مناطق القتال والوصول إلى الإمدادات".

وقال إنه على تواصل مع الطرفين، البرهان وحميدتي، مضيفاً: "لا توجد حتى الآن أي إشارة إلى أنّ أياً منهما على استعداد للتفاوض بجدية، مما يشير إلى أنّ كليهما يعتقد أنه قادر على تحقيق انتصار على الآخر. وهذا سوء تقدير".

"كابوس"

بدورها، وصفت، نائبة ممثل الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس ميسويا، الوضع في السودان بـ"الكابوس". وقالت إنّ الاحتياجات الإنسانية في السودان كانت عالية قبل نشوب النزاع الأخير، مشيرة إلى وجود قرابة 16 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية من بينهم أربعة ملايين طفل وامرأة حامل ومرضعة يعانون من سوء التغذية.

وأضافت أنّ 3.7 ملايين شخص نزحواً داخلياً، وكل ذلك قبل بدء النزاع. كما تحدثت عن تعرض مستودعات ومكاتب الإغاثة والمركبات للهجوم والنهب والاستيلاء. ووصفت الوضع بـ "الخطير للغاية".

المساهمون