- رئيس الحكومة الأردنية يؤكد أن المشروع سيراعي التوجيهات الملكية ومبادئ العدالة التصالحية، مع الحفاظ على الحقوق المدنية والإيرادات العامة، وسيمر بمراحله الدستورية بصفة الاستعجال.
- تفاؤل من شخصيات سياسية وحقوقية حول شمولية القانون للقضايا المنظورة وغير المنظورة والجرائم المحكومة، مع التأكيد على أهمية شمول العفو للجميع لتعزيز الحقوق السياسية والمدنية، في ظل ظروف صعبة وتوقعات بإقرار القانون قبل عيد الفطر.
يأمل سياسيون وحقوقيون أردنيون أن يفتح تكليف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأربعاء الماضي، الحكومة بإعداد مشروع قانون للعفو العام والسير بإجراءاته الدستورية، بمناسبة اليوبيل الفضي لتوليه سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش في عام 1999، الباب أمام مرحلة جديدة. ويعبّرون عن تفاؤلهم بشمول العفو في الأردن معتقلي الرأي والتعبير، وأي حراك مؤازر لوقف العدوان على غزة وقضايا أمن الدولة، بالإضافة إلى الموقوفين ادارياً، مع عدم إغفال أهمية المشروع المتعلق بالإعفاء من الغرامات المالية المتعلقة بالمخالفات غير الكبيرة، كمخالفات السير والبناء وغيرها.
وأكد الملك الأردني خلال تكليفه الحكومة بإصدار المشروع، أهمية أن يراعي القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وألا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي، وأن يسهم مشروع القانون في التخفيف من الأعباء على المواطنين، والعمل على مساعدة من حاد عن طريق الحق وجادة الصواب في تصحيح مساره، والمساهمة في بث روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحي.
غموض تفاصيل العفو في الأردن
حتى اليوم، لم تتضح بعد تفاصيل مشروع القانون بشكل دقيق، إلا أن رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة، قال الأربعاء الماضي، خلال جلسة لمجلس الوزراء، إن الأسباب الموجبة لمشروع القانون تراعي الأطر المرتبطة بهذا التوجيه الملكي لوضع مشروع القانون موضع التنفيذ، وليمر بمراحله الدستورية خلال الدورة العادية الحالية لمجلس الأمة، مع إعطائه صفة الاستعجال.
وأشار إلى أن مشروع القانون يكرّس مبادئ العدالة التصالحية في الأطر العامة، من دون المساس بالحقوق المدنية وحقوق الناس المدنية، وكذلك من دون أي مساس بأي قضايا ضريبية أو قضايا تتعلق بقانون المنافسة أو قضايا تتعلق بالجمارك، أو أي قضايا مرتبطة بالإيرادات العامة للخزينة بشكل عام بعيداً عن المخالفات البسيطة.
صالح العرموطي: القانون سيشمل على الغالب القضايا المنظورة وغير المنظورة والجرائم التي صدرت بها أحكام
وتعليقاً على مشروع القانون، قال رئيس كتلة الإصلاح في البرلمان الأردني، نقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي، لـ"العربي الجديد"، إن القانون سيشمل على الغالب القضايا المنظورة أمام المحاكم النظامية في القضايا الجزائية والقضايا غير المنظورة والجرائم التي صدرت بها أحكام، لافتاً إلى أن العفو يأتي بعد 25 عاماً من تولي الملك سلطاته الدستورية، مشيراً إلى أن مجلس النواب سبق وطالب خلال الفترة الماضية بصدور عفو عام.
ورأى ضرورة أن يشمل العفو الجميع، كي يعود المواطنون المشمولون بالعفو لممارسة حقوقهم السياسية والمدنية بالكامل، فهو اسمه عفو عام والأصل أن يكون شاملاً، خصوصاً أنه يأتي في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة يمر بها الوطن والمواطن.
وتوقع العرموطي "أن يُبت في القانون قبل فض الدورة العادية، وإقراره قبل عيد الفطر (في الأسبوع الثاني من شهر إبريل/نيسان المقبل) أي قبل فضّ الدورة العادية لمجلس النواب الحالي"، مرجحاً أن تقوم الحكومة بتقديم مشروع القانون الأسبوع المقبل ويقره المجلس بصفة الاستعجال قبل عيد الفطر.
ودعا العرموطي إلى شمول قضايا محكمة أمن الدولة بالعفو العام لأن معظمها قضايا سياسية باستثناء قضايا المخدرات، لا سيما المتعلقة بقضايا حرية الرأي والتعبير والجرائم الإلكترونية والقضايا المتعلقة بالحراكيين، إضافة إلى النائبين السابقين عماد العدوان وأسامة العجارمة.
وأشار إلى أنه طالب سابقاً بالإفراج عنهما تحت قبة البرلمان. وتابع إذا كانت الاستثناءات كثيرة في القانون المقدم من الحكومة، كما كان في قانون العفو السابق والذي شمل 26 استثناء، فهذا يفقد العفو قيمته.
وشدّد العرموطي على أن الجرائم المشمولة بالعفو ستكون موضحة في مشروع القانون، والفترة الزمنية محددة ببداية ونهاية، مشيراً إلى أن العفو العام لا يسقط الحقوق المدنية، ويسقط الحق العام، ويبقى الحق الشخصي قائماً. وأوضح أن الأصل أن يعدل مجلس النواب على مشروع القانون الذي ترسله الحكومة إلى المجلس، لكنه توقع أن تكون تعديلات المجلس طفيفة على أغلب القوانين كما جرت العادة خلال الفترة الأخيرة.
أما النائب السابق نبيل غيشان فأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن للعفو العام هدفين، هدف سياسي بالدرجة الأولى، وهدف اقتصادي اجتماعي بالدرجة الثانية. وقال إن "الهدف السياسي ينطلق من اليوبيل الفضي لتولي الملك سلطاته الدستورية، فمثل هذا العفو يعطي جواً من الانفراج العام، في وقت نتحدث فيه عن الإصلاح السياسي والاقتصادي وهذا يعني إعطاء فرصة للبعض لإصلاح نفسه وفرصة للدولة لبناء نهج جديد، وهذا هو توجه الدولة المعلن، خصوصاً أننا نتحدث عن إصلاح سياسي وأحزاب جديدة، وهذا يصب في إصلاح المنظومة العامة".
ولفت غيشان إلى أن الهدف الاجتماعي الاقتصادي ينطلق من أن هناك اكتظاظاً في السجون ونسبة المسجونين تقترب من 190 في المائة من السعة الاستيعابية لمراكز الإصلاح في الأردن، وهي نسبة عالية، وبعض الموقوفين سُجنوا على ذمة قضايا مالية، ما يخفف عن كاهل الدولة كلفة المساجين العالية.
رامي عياصرة: لا بد من أن يشمل العفو المعتقلين السياسيين
ورأى أن العفو سيشمل مخالفات وغرامات مالية مثل السير ومخالفات البناء وغيرها، إضافة إلى قضايا تمس أيضاً أشخاصاً غير موقوفين لكنها قضايا ضاغطة مالياً، وهذه تخفف عن كاهل الناس في ظل الأزمة الاقتصادية، معتبراً أن لا متضررين من العفو.
واعتبر غيشان أن الأصل أن يشمل العفو العام قضايا الجرائم الإلكترونية، تحديداً المتعلقة بالانتقادات الموجهة لأجهزة الدولة ورموزها والتي في العادة يشملها العفو العام، والتي تسقط باستثناء قضايا التجسس والإرهاب وتزوير العملات وبعض القضايا الأخرى التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، وهذه القضايا شملها العفو السابق.
الحاجة إلى قوانين عفو عام
بدوره، رأى مدير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في الأردن، رامي عياصرة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن قانون العفو العام له حاجة دائمة، رغم أنه استثناء على الأصل وهو تنفيذ القانون والالتزام بأحكام القضاء، لكنه يأتي ضمن سياقات سياسية واقتصادية يقدرها صاحب القرار.
وبحسب العياصرة، لا بد أن يشمل العفو المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومعتقلي الحراك الأردني ومعتقلي الحراك المتضامن مع غزة، إضافة إلى المعتقلين الذين تم تحويلهم إلى أمن الدولة ولا تصفهم الحكومة بأنهم معتقلو رأي.
وأضاف أن الإعفاء من الغرامات ومخالفات السير سيكون له جانب مالي إيجابي على المواطنين، خصوصاً في ظل الحالة الاقتصادية الضاغطة على المجتمع الأردني. ولفت إلى أن تحديد الموقف النهائي من القانون سيكون أكثر دقة عند تقديم المشروع من الحكومة إلى مجلس النواب.
ومنذ أن تولى العاهل الأردني عبد الله الثاني سلطاته الدستورية بتاريخ 7 فبراير/شباط 1999، صدرت إرادات ملكية بالموافقة على 3 قوانين عفو عام؛ كان أولها في العام 1999، والثاني في العام 2011، والثالث في العام 2019، والقانون الحالي هو الرابع من نوعه والـ18 في تاريخ الأردن منذ أول عفو صدر في عام 1924.