استمع إلى الملخص
- **التوقعات والمشاركة الشعبية**: التوقعات تشير إلى عدم حدوث تغييرات كبيرة في نتائج الانتخابات بسبب سيطرة البعد الاجتماعي وغياب البرامج الانتخابية الحقيقية، مع نسبة اقتراع متوقعة لا تتجاوز 40%.
- **الأمن والإجراءات التنظيمية**: نشرت مديرية الأمن العام كوادرها لتأمين الانتخابات، وقرر رئيس الوزراء تعطيل الوزارات والدوائر الرسمية يوم الاقتراع، مع مراقبة العملية الانتخابية من قبل أكثر من 61 منظمة.
تُفتتح في السابعة من صباح اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب الأردني العشرين، بإشراف الهيئة المستقلة للانتخاب، وفق قانون انتخابي جديد خصّص 41 مقعداً للتنافس الحزبي للمرة الأولى، من بين 138 مقعداً، بعد أن أعاد رسم الدوائر في انتخابات الأردن إلى دائرتين: محلية لها 97 مقعداً، موزعة على 18 دائرة انتخابية، و41 مقعداً للقائمة العامة مخصصة للأحزاب والتحالفات الحزبية على مستوى المملكة. وأعطى القانون كل ناخب صوتين، وفقاً لنظام انتخابي مختلط، يعتمد النظام النسبي المغلق للقوائم الحزبية، والنظام النسبي المفتوح للقوائم المحلية.
وعلى الرغم من اعتماد النظام الجديد، فإن التوقعات تستبعد تغييرات كبيرة في نتائج الانتخابات في الأردن عن سابقاتها، خصوصاً مع سيطرة البعد الاجتماعي على خيارات الكثير من الناخبين، مع غياب أثر الحسابات السياسية في الكثير من الدوائر، إضافة إلى فقدان الكثير من الأردنيين الثقة في دور مجلس النواب وفاعليته. وذلك وسط إشارة مراقبين إلى غياب البرامج الانتخابية الحقيقية لمعظم المرشحين في الانتخابات في الأردن والاكتفاء بالدعاية التقليدية، في حين لا يُتوقع أن تتخطى نسبة الاقتراع الـ40 بالمائة. على الرغم من ذلك، فإن القانون الجديد يفتح الباب واسعاً أمام وصول النساء والشباب إلى البرلمان، بعد أن وضع شروطاً لترشحهم ضمن القوائم، وخصص مقاعد في نظام كوتا السيدات.
محمد المناصير: مجالس النواب تتشابه منذ أكثر من 25 عاماً
ودخل الأردن أمس الاثنين، مرحلة الصمت الانتخابي، والتي تترك الناخبين يحسمون قرارهم للإدلاء بأصواتهم، إذ ينص قانون الانتخاب على أن تكون الدعاية الانتخابية حرّة وفقاً لأحكام القانون، ويُسمَح بالقيام بها من تاريخ قبول طلب الترشح، على أن تنتهي قبل 24 ساعة من اليوم المحدّد للاقتراع. ونشرت الهيئة المستقلة للانتخاب عبر موقعها الإلكتروني تفاصيل مراكز الاقتراع والفرز في انتخابات مجلس النواب الأردني 2024، والتي تشمل 18 دائرة انتخابية. وبيّنت أن إجمالي عدد مراكز الاقتراع والفرز بلغ 1649، ستتوزع فيها 5843 صندوق اقتراع وفرز. ومنع القانون تمديد فترة الاقتراع في انتخابات مجلس النواب الأردني كما في السابق، حيث تفتح الصناديق عند الساعة السابعة صباحاً، وتغلق الساعة السابعة مساء.
ونشرت مديرية الأمن العام كوادرها لتأمين الانتخابات النيابية. وقالت، في بيان، إن القوة الأمنية ستعمل على تعزيز الأمن وإنفاذ القانون بعدالة، لا سيما ما يتعلق بتوفير مظلة آمنة للانتخابات، وستعمل على منع أي مظاهر خاطئة وممارسات خاطئة تهدد أمن وسلامة المواطنين مثل إطلاق العيارات النارية والمواكب المعيقة، مؤكدة أنها وفّرت أكثر من 54 ألفاً من الضباط والأفراد، وآلاف الأنظمة التقنية والمعدات والآليات والمركبات الداعمة، لإنجاح العملية الانتخابية.
وقرر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، في بلاغ رسمي، تعطيل الوزارات والدوائر الرسمية، والمؤسسات والهيئات العامة والخاصة يوم الاقتراع، لغايات تمكين الموظفين من المشاركة في انتخابات الأردن فيما قررت وزارة التربية والتعليم تعليق الدوام الإثنين والثلاثاء والأربعاء في المدارس الحكومية كافة، نظراً لاعتماد عدد كبير من المدارس كمراكز اقتراع وفرز للانتخابات النيابية 2024.
عدد المسجلين في انتخابات الأردن
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في انتخابات الأردن 5115219 ناخباً وناخبة، منهم 2425293 من الذكور، بنسبة 47.4%، و2689926 من الإناث، بنسبة 52.5%، في حين بلغ عدد الناخبين الذين ينتخبون لأول مرة 590794 ناخباً بنسبة 11.54%. وبحسب الهيئة المستقلة للانتخاب ترشح 1634 شخصاً للدوائر المحلية والعامة (الحزبية)، فيما بلغ عدد القوائم والتحالفات الحزبية التي تقدمت بطلبات الترشح في الدائرة العامة 25، ضمت 697 مرشحاً ومرشحة، تمثل مشاركة 36 حزباً من أصل 38 مسجلاً وفقاً لقاعدة البيانات لدى سجل الأحزاب في الهيئة. ومن بين هذه القوائم، تقدمت 5 تحالفات ضمت 16 حزباً بطلبات الترشح، فيما بلغ عدد القوائم المحلية النهائية المرشحة 172 قائمة، والعدد الإجمالي للمرشحين داخل هذه القوائم 937 مرشحاً، بينهم 747 من الذكور و190 من الإناث.
ويراقب العملية الانتخابية أكثر من 61 منظمة، بنحو 700 مراقب يتبعون لبعثات رقابة دولية وجهات تمثل سفارات ومنظمات دولية عاملة في الأردن كمراقبين دوليين ضيوف، ومؤسسات رقابية محلية وعربية ودولية مستقلة. وستستخدم فكرة العتبة الانتخابية للمرة الأولى في انتخابات مجلس النواب في الأردن هذا العام. وكان جرى إقرارها ضمن قانون الانتخاب عام 2022، ولم تستخدم قبل ذلك. وحدّد القانون نسبة الحسم بـ7% من أصوات المقترعين في القائمة المحلية، و2.5% للقائمة الحزبية.
فتح المجال أمام النساء والشباب
وفتح القانون الجديد للانتخابات البرلمانية المجال واسعاً أمام النساء والشباب للوصول إلى قبة البرلمان، بعد أن اشترط وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل على القائمة العامة (الحزبية)، وكذلك ضمن المرشحين الثلاثة التاليين. كما نص القانون على وجود شاب أو شابة (35 سنة فما دون) ضمن أول خمسة مرشحين، فيما أصبحت الكوتا على مستوى الدائرة الانتخابية بدل المحافظة، مع تخصيص 18 مقعداً ضمن نظام الكوتا للسيدات.
وحول أجواء الحراك الانتخابي، قال المواطن محمد المناصير، لـ"العربي الجديد"، إن أفضل ما في انتخابات الأردن هو إعلان الحكومة أن يوم الاقتراع عطلة رسمية، أما مجالس النواب فهي تتشابه منذ أكثر من 25 عاماً وهي تكرر نفسها، ولم تتخذ يوماً قراراً لخدمة الناس، فأغلب النواب يصوّتون على توجهات الحكومة لتحقيق مكاسب شخصية. وأضاف: رغم ذلك سأذهب وأدلي بصوتي، لأسباب اجتماعية لا سياسية، تلافياً للإحراج. ففي بلادنا الديمقراطية عرجاء وشكلية، ومجالس النواب في القضايا المفصلية لا تملك قرارها.
بدورها، قالت هديل عيسى، لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة ليست في الأشخاص لكن في الأدوار، ومجلس النواب أصبحت أدواره تابعة للحكومة، مضيفة: في المجلس الماضي كانت هناك بعض الأصوات المرتفعة والأشخاص المقدرين، لكن لم يستطيعوا التأثير على أي قرار حكومي. لقد شاركت في الانتخابات الماضية، لكن لن أشارك في انتخابات الأردن الحالية، فأنا محبطة.
نبيل غيشان: أكثر ما يهدد الانتخابات المال الأسود وشراء الأصوات
أما وسام العلي فقال، لـ"العربي الجديد"، إنه سيشارك في انتخابات الأردن من أجل التغيير، مشيراً إلى أن القوانين الجديدة من الممكن أن تؤسس لحالة سياسية أفضل، خصوصاً في ظل منح الأحزاب 41 مقعداً، مضيفاً أن هناك شخصيات لها سمعتها ويجب منحها الفرصة لمحاولة التغيير. وتابع: على الناس ألا يكونوا سلبيين وأن يشاركوا، وعدم الحكم على التجربة الجديدة قبل بدئها، فتبديل الوجوه وتقديم الشباب مطلوب، فنحن محكومون بالأمل، ونتمنى أن تكون انتخابات الأردن نزيهة ولا تشوبها شائبة.
بدورها، قالت ليلى السيد، مرشحة القائمة العامة لحزب التحالف الوطني، لـ"العربي الجديد": في بداية الجولات الانتخابية لم نكن نشعر باهتمام الناس بالمشاركة في الانتخابات الأردنية وكان هناك عزوف واضح، كما أن أعداداً كبيرة لم تكن على معرفة بآليات التصويت، وأن هناك صوتاً للقائمة العامة وآخر للقائمة المحلية، لكن منذ أسبوع تقريباً بدأنا نشعر أن هناك تغيراً واهتماماً من الناس بالانتخابات ومعرفة أكبر بآلية الانتخاب.
ولفتت إلى أن "التفاعل في الأيام الأخيرة يجعلنا نتفاءل بأن تكون نسبة المشاركة بين 35 إلى 40%، ونحن نتمنى أن تكون نسبة المشاركة أكبر"، مضيفة أن الحزب عمل بشكل جماعي لقاءات مشتركة بين القائمة العامة الوطنية ومرشحي القوائم المحلية، خصوصاً أن برنامج الحزب واحد والخطاب الموجّه للناخبين واحد، حتى وإن اختلفت الدوائر، واصفة دور وأداء الهيئة المستقلة للانتخاب بالمميز. وأشارت إلى أهمية المشاركة في الانتخابات الأردنية. مضيفة: إذا أردنا أن يكون هناك تغيير عن المجالس السابقة، على المواطن التصويت للحزب والشخص الذي يراه يستحق، والذي يملك برنامجاً حقيقياً قابلاً للتطبيق، لكن بدون المشاركة لن يحدث التغيير.
شراء الأصوات
بدوره قال النائب السابق نبيل غيشان، المرشح عن القائمة المحلية "مادبا"، إنه ينظر بارتياح إلى العملية الانتخابية، فالهيئة المستقلة للانتخاب أصبحت لديها إجراءات شفافة، واستخدامها للتكنولوجيا في الكثير من القضايا، يعطي الطمأنينة للمرشحين الناخبين. لكن على صعيد آخر، شدد على أن أكثر ما يهدد الانتخابات الأردنية المال الأسود وشراء الأصوات، وهي مشكلة أصبحت تؤرق الأردنيين، مشيراً إلى أن أصحاب الأعمال ورأس المال لهم الأفضلية في المعركة الانتخابية، فيما الناس البسطاء والذين يحملون الأفكار والبرامج والمثل الاجتماعية الحقيقية أمامهم عقبات كبيرة للوصول إلى قبة البرلمان. وتابع: في منطقتي مادبا (جنوب عمان)، منذ أن اقتربنا من يوم الاقتراع أصبح التفاعل مع العملية أكبر، متوقعاً أن تصل نسبة المشاركة في دائرة مادبا إلى 50% وهي نسبة عالية بالنسبة للمملكة.
وقال إن ما لمسه خلال تواصله مع الناس خلال الجولات الانتخابية أن هناك جزءاً لا يستهان به من المواطنين محبطون، وهناك فقدان ثقة في مجلس النواب كمؤسسة، وفقدان الثقة في أعضاء مجلس النواب، خصوصاً أن الكثير منهم لم يعودوا قريبين من الناس وينقلون همومهم ويدافعون عن حقوقهم ومصالحهم، وهذا سبب وجيه لفقدان الثقة. إضافة إلى الإحباط العام بسبب الأوضاع الاقتصادية والأوضاع السياسية في المنطقة.
أما رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات فقال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الانتخابات الأردنية تجرى للمرة الأولى بهذه الطريقة، أي القائمة الحزبية، والقانون هو من فرضها وليس ثقافة مجتمع، والذي أعطى الأحزاب 41 مقعداً، من أصل 138، مشيراً إلى فرص الأحزاب في حصد مقاعد من الدوائر المحلية، حتى وإن لم تكن بأعداد كبيرة. ولفت إلى أن البرامج الحقيقية غابت عن الحملات الدعائية الانتخابية، واكتفى الجميع بالدعاية التقليدية، يافطات، وصور، ودعوات للانتخاب، لكن لم تترجم برامج الأحزاب والمرشحين إلى شعارات في الحملات الانتخابية، يمكن للناس فهمها.
وعن حجم المشاركة في الانتخابات الأردنية أوضح أن لا مؤشرات دقيقة على حجمها، متوقعاً ألا يزيد حجم المشاركة في الانتخابات عن 40%. ورجح ألا تنجح الأحزاب الجديدة في تحقيق النتائج المطلوبة والمتوقعة نظراً لحداثة التجربة، متوقعاً حصول حزب جبهة العمل الإسلامي (المصنف بالمعارض) على 7 إلى 10 مقاعد على القائمة العامة، وحصول مفاجآت في نتائج بعض القوائم، فيما الأحزاب الأخرى التي ستتجاوز العتبة ستحصل على مقعد إلى 3 مقاعد. وتابع: في الدوائر المحلية يُسيطر البعد الاجتماعي، كما في الانتخابات الأردنية السابقة، أي العشائرية والمناطقية، ولا أثر للبعد السياسي، خصوصاً في الأطراف، فهناك تنافس شرس بين مرشحي العشائر وحتى داخل العشيرة نفسها. ورأى شنيكات أن أداء الهيئة المستقلة للانتخاب حتى الآن موضوعي ومحايد، وتبقى مرحلتان للحكم الشامل، أولاهما انتهاء الانتخاب وبعد ذلك مرحلة الفرز وإعلان النتائج، مضيفاً أنه لا يتوقع أن نتائج الانتخابات المقبلة ستختلف كثيراً عن المجالس السابقة، فسيكون هناك تغير لكن ليس بالحجم المتوقع.